تكتسب زيارة ومحادثات الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي لسلطنة عمان ولقائه مع حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم حفظه الله ورعاه أبعادا مهمة ومحورية في العلاقات الثنائية الطيبة من جهة، وما تمر به المنطقة العربية من احداث تتطلب من قيادتي البلدين مناقشتها بكل وضوح وشفافية للم الشمل العربي وتجاوز الازمات والتشديد على أواصر الاخوة العربية التي تجمع العرب من الخليج الى المحيط من جهة أخرى. فالرئيس المصري في زيارة استثنائية ومميزة لكون السلطنة من الدول المهمة في المنطقة ولها سياساتها الواضحة من ناحية ، والمنطقة تشهد تقلبات واحداث متسارعة من ناحية اخرى، لذا فان الزيارة ستكون فرصة تاريخية لتبادل وجهات النظر على أعلى المستويات بين قيادتي البلدين ، وكذلك العمل معا من اجل كل ما يمكن ان يسهم في حل المشكلات العربية العالقة ويحقق مزيدا من التقارب والتماسك بين دولها وشعوبها. القمة العُمانية المصرية ، تاتي وسط ظروف شائكة تمر بها المنطقة ، تتطلب من البلدين التدخل بحكمة للمساهمة في حل القضايا المطروحة على الساحة، وفق مبدأ الاحترام المتبادل والنظر للامور من منظور عربي وقومي لتجاوز الازمات وحلها بالطرق السلمية وبالحوار الهادف البناء ، وقد لعبت مسقط والقاهرة على مدى السنين الماضية دورا تاريخيا وأدوارا في غاية الأهمية في حل العديد من القضايا العربية والدولية. لقد كانت مصر، وما زالت بحق، بوابة رئيسية لحل المشكلات وليس تفاقمها ، ونحن نراهن على مكانتها ، وهي قلب الامة النابض وبلد الحضارات والمواقف والصدمات الإيجابية المؤثرة، وكانت سندا وعونا لحل القضايا العربية ، لذا نأمل ان تكلل زيارة الرئيس السيسي الأولى لمسقط ، ولقائه بحكيم العرب ورجل السلام جلالة السلطان قابوس المعظم بإيجاد بداية للانفراجة الخليجية، وتلاقي الأفكار وتصحيح الأوضاع ولم الشمل العربي وفتح صفحة جديدة ونسيان الماضي بكل سلبياته وضبط النفس والتحلي بالحكمة، من أجل التخفيف من التوتر وتجاوز الماضي ليكون حال العرب افضل واقوى قبل ان تنجر الامة العربية الى صراعات لا تحمد عقباها ولا يعرف احد مصيرها وما يمكن ان تؤدي اليه من نتائج. كلنا يعلم ان عمان ومصر تربطهما علاقات وثيقة وطيبة اتسمت على الدوام بالاحترام المتبادل والتعاون المثمر في مختلف المجالات ، وكلنا يعلم اهتمام مصر على الدوام بالقضايا العربية وسعيها المستمر لرأب الصدع في أي خلاف عربي حتى وان كان يخصها ويمس أحيانا مكانتها، طالما وجدت لذلك سبيلا. الأحداث تتصاعد وتتوالى في المنطقة ومن حولها ، وتتطلب من القادة العرب التمعن فيها واستشراف المستقبل في هذه المرحلة الدقيقة التي تمر بها المنطقة العربية، وتكثيف الجهود لنزع فتيل استمرار الازمة الخليجية على أقل تقدير ودعم المبادرة والوساطة الكويتية في هذا الاتجاه ، فالمنطقة لاتتحمل مزيدا من الغليان، والشعوب تتطلع إلى حل الخلافات عبر الحوار والمصارحة والمصالحة. فكلا البلدين عُمان ومصر يدركان أنه لا حلول لأي أزمة دون حوار ومفاوضات ثنائية أو جماعية في النهاية ، والتهدئة ووقف التراشق الإعلامي ضرورة كمدخل لحل أي أزمة. ومصر العروبة مطالبة أن تقف بقوة لحل الازمات كدولة كبرى لها مكانتها للوصول إلى تسوية تنهي وترضي كل الأطراف، لتتفرغ الدول للبناء الداخلي والازدهار والتفرغ كذلك لمواجهة الأعداء والارهاب. دعونا نتحدث بكل واقعية.. الأزمة الخليجية تتطلب من كل الأطراف ومن قادة الدول العربية الحكمة لإيجاد أرضية مشتركة بين كل الأطراف للوصول إلى قناعة راسخة أن التعايش السلمي بين الدول والشعوب العربية هو الأساس لتجنيب المنطقة تبعات وتطورات هذه الأزمة والحفاظ على التضامن العربي، والعمل على تعزيز أهمية الحوار والمفاوضات للوصول إلى حلول للمسائل والقضايا العربية الشائكة. في حقيقة الأمر فإن تطلعات الشعبين الشقيقين العُماني والمصري لهذه الزيارة ونتائجها، هو تحريك المياة الراكدة وتقريب المواقف المتباعدة، وعفا الله عما سلف. وأخيرا ، نقول للرئيس المصري، حللت أهلا ووطئت سهلا في ارض عُمان السلام، متمنين لمصر القلب الكبير دوما الرخاء والاستقرار والامن والأمان .. لتواصل أرض الكنانة والحضارة مسيرة الخير بعيدة النظر لصالح كل العرب ، كما اعتدنا منها في السابق والحاضر. فأهلا بكم في أرض السلام والمواقف والتاريخ.