كيف تحول من خيمة يجتمع فيها بعض الناشرين العرب وقلة من القراء آنذاك، إلى مهرجان معرفى يقود المشهد الثقافى العربى ويجمع سنوياً أكثر من مليونى زائر يتوافدون إليه من مختلف أنحاء دولة الإمارات، والبلدان المجاورة، ويستقطب ما يفوق ال1500 دار نشر من عشرات الدول ؟ سؤال يفرض نفسه جلياً ويدفعك حتماً للتأمل والبحث وراء إجابته، خاصة عندما تتظر إلى الخطوات الواثقة والواعية التى يسير عليها معرض الشارقة الدولى للكتاب، فمنذ اليوم الذى افتتح فيه حاكم الشارقة دورته الأولى عام 1982، معلناً رهانه على المعرفة، وظل العمل يتواصل على مدار خمسة وثلاثين عاماً، حتى بات المعرض اليوم ثالث أكبر معرض كتاب فى العالم.
تبنت المملكة «رؤية المملكة العربية السعودية 2030» لتكون منهجاً وخارطة طريق للعمل الاقتصادى والتنموى فى المملكة. وقد رسمت الرؤية التوجهات والسياسات العامّة للمملكة، والأهداف والالتزامات الخاصّة بها، لتكون المملكة نموذجا رائدًا على كافّة المستويات. وانسجاماً مع «رؤية المملكة العربية السعودية 2030» تمت إعادة هيكلة بعض الوزارات والأجهزة والمؤسسات والهيئات العامة بما يتوافق مع متطلبات هذه المرحلة، ويحقق الكفاءة والفاعلية فى ممارسة أجهزة الدولة لمهامها واختصاصاتها على أكمل وجه، ويرتقى بمستوى الخدمات المقدمة للمستفيدين وصولاً إلى مستقبل زاهر وتنمية مستدامة. وقد كلّف مجلس الوزراء مجلس الشئون الاقتصادية والتنمية بوضع الآليات والترتيبات اللازمة لتنفيذ هذه الرؤية ومتابعة ذلك.
واحتوت الرؤية على عدد من الأهداف الإستراتيجية، والمستهدفات، ومؤشرات لقياس النتائج، والالتزامات الخاصّة بعدد من المحاور، والتى يشترك فى تحقيقها كل من القطاع العام والخاص وغير الربحي. وأقر مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية إطار حوكمة فعّال ومتكامل بهدف ترجمة هذه الرؤية إلى برامج تنفيذية متعددّة، يحققّ كل منها جزءًا من الأهداف الإستراتيجية والتوجهات العامّة للرؤية. وتعتمد تلك البرامج على آليات عمل جديدة تتناسب مع متطّلبات كل برنامج ومستهدفاته محددّة زمنياً، وستطلق هذه البرامج تباعاً وفق المتطلّبات اللازمة وصولاً لتحقيق «رؤية المملكة العربية السعودية 2030».
وفى هذا الصدد قام المجلس بتأسيس عدد من الأجهزة الممكّنة والداعمة لإطلاق هذه البرامج ومتابعتها وتقييمها وتحديد الفجوات فيها وإطلاق برامج إضافية مستقبلاً، ومنها مكتب الإدارة الإستراتيجية والمركز الوطنى لقياس أداء الأجهزة العامّة، ومركز الإنجاز والتدخل السريع، ومكتب إدارة المشروعات فى مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، وغيرها. ويعزز إطار حوكمة تحقيق «رؤية المملكة العربية السعودية 2030» من رفع كفاءة التخطيط على مستوى الجهات الحكومية، ورفع وتيرة التنسيق فيما بينها لتحقيق الأهداف الوطنية المشتركة، وضمان سرعة الإنجاز فى المشروعات والمبادرات، وتحقيق الاستدامة فى العمل والأثر عبر المراجعة الدورية لمستوى التنفيذ وتقييم الأداء.
• برنامج التحول الوطني
ولأجل بناء القدرات والإمكانات اللازمة لتحقيق الأهداف الطموحة ل «رؤية المملكة العربية السعودية 2030»، ظهرت الحاجة إلى إطلاق برنامج التحول الوطنى على مستوى 24 جهة حكومية قائمة على القطاعات الاقتصادية والتنموية فى العام الأول للبرنامج. ويحتوى البرنامج على أهداف إستراتيجية مرتبطة بمستهدفات مرحليّة إلى العام 2020 م، ومرحلة أولى من المبادرات التى سيبدأ إطلاقها ابتداء من عام 2016 م لتحقيق تلك الأهداف والمستهدفات، على أن يلحقها مراحل تشمل جهات أخرى بشكل سنوي. واستخدم البرنامج وسائل مبتكرة فى إدراك التحديّات واقتناص الفرص، واعتماد أدوات فاعلة للتخطيط وتفعيل مشاركة القطاع الخاص والتنفيذ وتقييم الأداء، ووضع المستهدفات المرحلية لبعض الأهداف الإستراتيجية للرؤية، بما يضمن بناء قاعدة فاعلة للعمل الحكومى ويحقق ديمومة العمل وفق أساليب مبتكرة للتخطيط والتنفيذ والمتابعة على المستوى الوطني.
• برنامج تحقيق التوازن المالى 2020 فى بداية هذا العام، نشرت المملكة رؤية 2030، والتى حددت ملامح رحلة التغيير الجذرى والطموح للوضع الاقتصادى والاجتماعي. وفى وقت لاحق تم نشر خطة التحول الوطنى المنصوص عليها التزامات محددة من الوزارات الحكومية والقطاعات الأخرى لفترة تصل إلى عام 2020. وتحقيق التوازن فى الميزانية هو أحد الأهداف المحددة فى الرؤية. برنامج تحقيق التوازن المالى هو أحد البرامج الأساسية لتحقيق الرؤية 2030. يهدف هذا البرنامج إلى تعزيز الإدارة المالية وإعادة هيكلة الوضع المالى للمملكة واستحداث آليات مختلفة لمراجعة الإيرادات، والنفقات، والمشاريع المختلفة، وآلية اعتمادها. ومنذ تأسيس مجلس الشئون الاقتصادية والتنمية، بدأ العمل فى مراجعة المشروعات القائمة وآلية اعتمادها وأثرها الاقتصادي، وتم تأسيس لجان واستحداث إدارات جديدة لاتخاذ الإجراءات اللازمة تجاهها، ومراجعة اللوائح المتعلقة بذلك. وخلال 2015 تمت زيادة الإيرادات غير النفطية بنحو 30 % وبنحو 20 % فى 2016، ويهدف البرنامج الاستمرار بهذه الوتيرة وتسريعها خلال الأعوام القادمة عبر إجراءات جديدة فى قطاعات متعددة والعمل على تحسين الأداء الحكومى وضمان استدامة التوازن المالي. إضافة إلى ذلك، يساهم هذا البرنامج فى تحسين الآثار الاجتماعية والاقتصادية الأساسية التى تسعى رؤية 2030 إلى تحقيقها. ويشمل ذلك استهداف نظام الرعاية الاجتماعية للأسر الأكثر احتياجا ودعمهم على نحو فعال، ولكن أيضا جعل اقتصادنا أكثر قدرة على المنافسة. الأهم من ذلك، هو إدارة الأموال الحكومية بكفاءة أكثر، وإتاحة المجال للاستثمار فى برامج طويلة المدى من شأنها تمكين التنفيذ الناجح للرؤية. وعلاوة على ذلك، فإن هذا الاصلاح يؤمن الثقة فى المملكة للمواطنين والمقيمين والمستثمرين المحليين والأجانب، والمؤسسات والأسواق المالية الدولية حتى يمكن للجميع المساهمة فى هذه الرحلة الطموحة.