"لقد خسر الفن العربي، قيمة فنية كبيرة"، جاءت هذه الكلمات على لسان الفنان الكبير عادل إمام، ناعيا بها الفنان الكويتى عبد الحسين عبدالرضا الذى رحل قبل أيام، لتلخص حالة الحزن التى سيطرت على الوسط الفنى العربي، بعد أن فقد قامة فنية أمتعت الملايين على مدار ما يقرب من نصف قرن، حيث يعتبر عبدالرضا من مؤسسى الحركة الفنية فى الخليج مع مجموعة من الفنانين منهم خالد النفيسى، وعلى المفيدى، وسعد الفرج، وإبراهيم الصلال، وغانم الصالح وغيرهم. كانت آخر إطلالة إعلامية للفنان الراحل تأديته مشهدا قديما من مسلسل "درب الزلق"، موجها نقدا لخلو المحاكم من أسماء مسئولين فاسدين، وهو ما أضحك أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح الذى كان يفتتح دار الأوبرا الكويتية فى شهر ديسمبر الماضي.
وما زاد من حزن الكويتيين أن آخر جملة له على المسرح قبل بضعة أشهر تحدث فيها بأسلوب كوميدى، أثار الحزن عن قرب رحيله عن الدنيا، وهو الأمر الذى دفع "توأمه الفني" الفنان سعد الفرج إلى احتضان عبدالحسين عبدالرضا، والبكاء معا على خشبة المسرح.
ولد عبدالرضا فى دروازة عبد الرزاق بفريج العوازم فى منطقة شرق عام 1939 لأب يعمل بحارا، وهو السابع من بين إخوته الأربعة عشر، وتلقى تعليمه فى الكويت حتى مرحلة الثانوية العامة فى مدرستى المباركية والأحمدية.
وعمل فى وزارة الإرشاد والأنباء فى قسم الطبع، ثم سافر فى بعثة إلى مصر على نفقة الوزارة عام 1956 لتعلم فنون الطباعة، وفى العام 1961 سافر فى بعثة إلى ألمانيا، لاستكمال الدراسة فى فنون الطباعة.
وتدرج فى الوظائف الحكومية حتى وصل إلى منصب مراقب عام قسم الطباعة فى وزارة الإعلام عام 1959 إلى أن تقاعد فى 30 سبتمبر 1979. تزوج الفنان الراحل أربع مرات فى حياته، ولديه ثلاث بنات وولدان أكبرهم عدنان وأصغرهم بشار الذى يعمل فى المجال الفنى أيضاً، كما أن ابنته منال فنانة تشكيلية.
كانت بداياته الفنية فى أوائل ستينيات القرن الماضي، وتحديدا فى العام 1961 عندما شارك فى مسرحية "صقر قريش" بالفصحى، حيث كان بديلا للممثل عدنان حسين، وأثبت نجاحه لتتوالى بعدها الأعمال من مسلسلات تليفزيونية ومسرحيات معها الإنجازات.
قدم عبدالرضا العديد من المسلسلات التى قارب عددها ال 30 مسلسلاً، وبعضها كان الأشهر خليجيا على الإطلاق، ومنها"درب الزلق"مع سعد الفرج وخالد النفيسى وعبد العزيز النمش وعلى المفيدى، وأيضاً مسلسل "الأقدار" الذى كتبه بنفسه.
كما كانت تجربته المسرحية غنية، حيث قدم نحو 33 مسرحية كان أشهرها "باى باى لندن" و"بنى صامت" و"عزوبى السالمية" و"على هامان يا فرعون" وغيرها. كما كتب بعض أعماله المسرحية والتليفزيونية بنفسه ومنها "سيف العرب" و"فرسان المناخ" و"30 يوم حب" و"قاصد خير".
خاض عبدالرضا أيضاً مجال التلحين والغناء والتأليف المسرحى والتليفزيونى وأصبح منتجاً، حيث اشتهر بالشخصية الساخرة المرحة التى تنتقد وتسخر من الأوضاع العربية بقالب كوميدى، وهو أحد مؤسسى فرقة المسرح العربى العام 1961 وفرقة المسرح الوطنى العام 1976 ومسرح الفنون العام 1979 وشركة مركز الفنون للإنتاج الفنى والتوزيع العام 1989.
عرف عبدالرضا بجمال صوته، وهو ما ميزه عن بقية الفنانين فى جيله ما جعله يخوض تجربة الأوبريتات التى شارك فى ثمان منها وكان أول فنان يخوض تجربة الأوبريتات التمثيلية الغنائية التى لاقت نجاحا كبيرا، بالإضافة إلى أنه قام بالغناء ضمن أعماله التليفزيونية والمسرحية عندما كان العمل يتطلب ذلك.
ومن الأغانى الشهيرة التى قدمها أغنية بمناسبة زيارة الرئيس الأمريكى الأسبق جورج بوش إلى الكويت بعد التحرير بعنوان"مستر بوش" شاركه فيها الفنانان داوود حسين وحياة الفهد.