قطر دولة عربية خليجية المفروض أنها شقيقة لكنها للأسف انخرطت فى مخطط استعمارى رسمته الولاياتالمتحدة وبعض القوى الإقليمية والدولية للمنطقة منذ أكثر من عشرين عاما، بهدف تقسيمها والاستيلاء على مواردها ومقدراتها لصالحها وصالح إسرائيل المزروعة فى المنطقة منذ عام 1917 عندما صدر وعد بلفور بإنشاء وطن قومى لليهود على أرض فلسطين. وظهر الدور القطرى بوضوح فى قناة الجزيرة التى أنشأها ووفر لها الإمكانات المادية والفنية لتنفيذ هذا المخطط وإسقاط الأنظمة العربية الواحد تلو الآخر، ورأينا بعض الدول تضيق ذرعا بممارسات قناة الجزيرة وتغلق مكاتبها لديهم، بينما تتمادى قطر فى دورها المشبوه بعد أن أقامت أمريكا قاعدة العيديد العسكرية لديها، بدعوى تأمينها ضد أى عدوان عليها، وجاء جورج بوش الابن ليستكمل ما بدأه أبوه من المخطط الشيطانى وساعد الأمريكان على إحداث انقلاب سلمى فى حكم قطر بتولى الأمير تميم مقاليد الحكم خلفا لوالده لضمان تنفيذ المخطط وفقا للخطة الموضوعة بمباركة أمريكية، حيث استعدت أمريكا لتنفيذ المخطط الذى جرى الإعداد له طوال السنوات السابقة وتم ضخ مليارات الدولارات سواء من أمريكا أو قطر وجاء أوباما ليستكمل المخطط بعد ظهور الإخوان المسلمين ومباركة الأمريكانوالقطريين بأنهم سيكونون رأس الحربة فى المرحلة الحاسمة .
وكانت أحداث يناير 2011 اللحظة الفارقة لتنفيذ الخطة بعد أن انتهى العراق وخرج من المعادلة العربية ممزقا، وظهرت جميع الأسلحة وأجهزة المخابرات والإعلام الأمريكى والبريطانى وقناة الجزيرة فى المقدمة وقيادات الإخوان وميليشياتهم وحركة حماس والتنظيمات الإرهابية المنشقة عنها واعتقد الجميع أن ساعة الصفر قد حانت، خصوصا بعد وصول جماعة الإخوان لحكم مصر، واغتيال العقيد القذافى فى ليبيا وانهيار الجيش الليبى، وغرقت سوريا فى الصراعات المسلحة بين الجيش والجماعات الإرهابية وقوى المعارضة وفِى جنوبالبحر الأحمر، ظهر المخطط فى اليمن، وظهر الحوثيون فى محاولة لزعزعة الاستقرار فى شرق المملكة العربية السعودية. وفِى 30 يونيو 2013 خرج جيش مصر البطل وقوات الشرطة الباسلة ومن ورائهم الملايين من الشعب المصرى العظيم ليعلنوا للعالم أجمع رفضهم لهذا الواقع الأليم وتصحيح المسار وعودة الأمور لنصابها.
وكان من الطبيعى أن تثور أمريكاوقطر وتركيا وإيران وكل من شارك فى هذا المخطط الإجرامى، وهم يرون أن كل ما خططوا له ودفعوا المليارات لتنفيذه انهار فى لحظة توقف عندها الزمن ليعلن للعالم أجمع أن مصر بجيشها وقادتها وشعبها وتاريخها، عصية على أن تقع فريسة لمجموعة من المغامرين لم يفهموا معدن هذا الشعب والجيش، وملأوا الدنيا ضجيجا فى وسائل الإعلام العالمية والجزيرة، وراحت تنشر صورا مفبركة لبعض المواطنين المأجورين يرفعون علامات رابعة وتصفهم الجزيرة بأنهم سلاسل بشرية ضد ما يسمى بالانقلاب.
وتحركت المنظمات الإرهابية التى تتخذ الإسلام ستارا لتقوم بعمليات إرهابية فى سيناء مستغلة طبيعتها الجبلية والأنفاق المنتشرة فيها، واستشهد الأبطال من رجال الجيش والشرطة فى مواجهات شرسة، وتجمعت الأدلة والمستندات لدى مصر واعترافات الإرهابيين الذين ألقى القبض عليهم بتلقيهم التمويل والسلاح والمتفجرات والتعليمات من قطر، وكان لابد من اتخاذ موقف قوى فى مواجهة هذه الدولة المارقة وأميرها الذى تورط فى هذا المخطط الإرهابى بحثا عن دور لخدمة أمريكاوإيران وتركيا وكل قوى الشر فى العالم، واجتمعت الدول الأربع الكبرى فى العالم العربى والتى اكتوت بنار الإرهاب، وهى مصر والسعودية والإمارات والبحرين، وقررت مقاطعة قطر، وفرض حصار اقتصادى وبرى وجوى عليها لعلها ترتدع وتعود للإجماع العربى، وحاول أمير الكويت الوساطة لنزع فتيل الأزمة بين قطر والدول الأربع، ونقل لحاكم قطر الشروط الثلاثة عشر المطلوبة للمصالحة، وبدأت قطر فى المراوغة بدعوى المصالحة، واجتمع وزراء خارجية الدول الأربع مؤخرا فى المنامة وأكدوا استمرارهم فى التمسك بموقفهم. وكانت آخر نوادر قطر أنها تقدمت بشكوى للأمم المتحدة تتهم السعودية بتسييس الحج ومنع الحجاج القطريين من تأدية فريضة الحج هذا العام، وتطالب بقوات دولية لتأمين الحجاج، وهو ما اعتبره وزير خارجية السعودية بمثابة إعلان الحرب على السعودية. وتعيد هذه اللعبة القطرية المكشوفة إلى الأذهان موقف إيران منذ عامين حين دبرت لإحداث أزمة فى موسم الحج، راح ضحيتها أكثر من سبعمائة حاج، بينهم عدد كبير من الإيرانيين بسبب تدافعهم بأعداد كبيرة فى اتجاهات معاكسة وسط الحجاج، بينما كانت دماء الشهداء من الحجاج لم تجف بعد أن طالبت إيران المجتمع الدولى بإرسال قوات دولية لتأمين الحجاج.
ويؤكد هذا الموقف الإيرانى، وهو ما تدعو إليه قطر حاليا، أن إيرانوقطر يسيران على نفس الخط فى هذه الخطة الشيطانية التى تستهدف دول المنطقة، وهنا يكمن الخطر الرهيب، ونأمل أن تدرك قطر ذلك قبل فوات الأوان وتعود إلى الحضن العربى مرة أخرى، ولتعلم أن كل القوى الأجنبية والإقليمية التى تعتمد عليها ستكون أول من يتخلى عنها بعد استنزاف مليارات الدولارات التى هى حق أصيل للشعب القطرى الشقيق.