"هزيمة تنظيم داعش فى كل من العراقوسوريا لا تعنى وفاة التطرف فى منطقة دول آسيا الوسطى". هذا ما كشفته دراسة حديثة نشرها مركز أبحاث مانترايا، وهو منتدى أبحاث مستقل مقره الهند بتاريخ 28 يونيو الماضى، وأضافت أن تنظيم داعش يجند الكثير من أعضائه من دول آسيا الوسطى. لأن الكثير من دول هذه المنطقة تعانى من ظروف اقتصادية فقيرة علاوة على الظروف السياسية التى عاشتها عندما كانت دولا شمولية تعانى من القمع.
ووفقا للكاتب وهو بيبهو بارسال روتراى – مدير المركز فى الوقت نفسه – أنه حتى الآن لم يتم اتخاذ أية إجراءات قمعية أو تجميد التمويل المالى التى تحصل عليه هذه الجماعة، فيما يعد رد فعل غير واضح لهذه الظاهرة التى حان الوقت لاجتثاث جذورها، خصوصا أن هؤلاء الأشخاص يمثلون خطرا دائما ليس فقط خارج أوطانهم ولكن داخلها أيضا.
وهو ما أكد عليه من ناحية أخرى توماس جوسلين – كبير الباحثين فى مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات – فى شهادة أمام الكونجرس بتاريخ 13 يوليو الماضى أى بعد أقل من شهر من صدور الدراسة الهندية. حيث إن خروج تنظيم داعش من كل الموصل والرقة لن يكون نهاية لها. وإن أعضاءها سيشكلون دائما تهديدا للولايات المتحدة وأوروبا وأيضا للمناطق التى يأتون منها فى حالة عودتهم إليها. وقبل ذلك وفى مايو الماضى، أكد مكتب مدير المخابرات الوطنية الأمريكية، أنه على الرغم من الخسائر الضخمة التى تكبدتها الدولة الإسلامية فإنه من المحتمل أن تظل لديها موارد كافية ومقاتلون للاستمرار فى خطط وعمليات الاعتداءات الإرهابية ليس فقط فى منطقة بعينها ولكن أيضا على المستوى الدولي.
أعداد غير مؤكدة وعن أعداد المقاتلين فى تنظيم داعش، قال إنه بالطبع لديها الآلاف من المخلصين ولكن من غير المعلوم العدد الحقيقى بالضبط فى العراقوسوريا. ولكن يمكن تقدير هذا العدد من خلال ما تم الإعلان عنه فى السنوات القليلة الماضية.
ففى سبتمبر 2014، وفى بداية الغارات الجوية بقيادة الولاياتالمتحدة، كشف تقرير المخابرات المركزية الأمريكية عن أن الدولة الإسلامية قد يكون لديها ما بين 20 ألف و31500 مقاتل. وفى ديسمبر 2016، كشف الجيش الأمريكى أنه تم قتل 50 ألف مقاتل من الدولة الإسلامية. وفى فبراير 2017، ذكر قائد العمليات الخاصة أنه تم قتل نحو 60 ألف مقاتل. إلا أنه بعد شهرين وفى إبريل 2017، ذكر تقرير البنتاجون أنه تم قتل 70 ألف مقاتل من الدولة الإسلامية.
وقد خلص جوسلين إلى أن «داعش» منظمة دولية ومن الصعب تحديد حجمها الفعلي. ولكن هذه الأرقام قد تكون بمثابة جرس الإنذار للمستقبل القريب. نعود مرة أخرى إلى جنسية المقاتلين، حيث إن هناك دلائل عديدة تشير إلى تجنيدهم من دول آسيا الوسطي. فحادث الاعتداء الذى وقع فى تركيا عشية رأس السنة فى ديسمبر 2016 كان مرتكبه شخصًا من أوزبكستان يدعى عبدالقادر ماشاريبوف. وفى إبريل 2017، ارتكب شخص من أوزبكستان يدعى رحمات أكيلوف – 39 عاما – حادثًا إرهابيًا فى ستوكهولم، حيث كان يقود شاحنة محملة بزجاجات البيرة دهس بها 4 من المارة وأصيب الكثيرون. وكان تنظيم داعش جنده فى السويد عام 2014. وفى روسيا، ارتكب أكبردزون زهاليوف – 22 عاما – من قيرغستان حادثا إرهابيا فى محطة بطرسبرج فى إبريل 2017 مما أدى إلى مقتل 15 شخصا وإصابة 45 آخرين.
ويرى روتراى أن الأفراد الذين ترجع أصولهم إلى دول آسيا الوسطى يمثلون شريحة كبيرة من الكادر الأساسى للدولة الإسلامية وهم يعتبرون المصدر الرئيسى للاعتداءات الإرهابية داخل وخارج أوطانهم.
آسيا من جديد
وتشير التقارير إلى أنه فى عام 2015، سجلت مجموعة الأزمات الدولية أن تنظيم داعش كان من بين أعضائها ما بين ألفين و 4 آلاف من دول وسط آسيا. وفى العام نفسه، أشار تقرير آخر إلى انضمام 4700 شخص من دول المنطقة نفسها، فى حين أن نصفهم من الشيشان وأنجوشيا وداغستان. وفى عام 2016، ذكر وزير الشئون الداخلية فى قيرغستان أن نحو 500 مواطن يقاتلون فى العراقوسوريا فى حين أن أكثر من 30 شخصا منهم ماتوا فى الحرب. كما ذكرت كازاخستان أن نحو 400 مواطن متورطون فى الصراعات المسلحة فى الشرق الأوسط. أما الإسهام الأكبر فيأتى من طاجيكستان، حيث قام تنظيم داعش بتجنيد 1300 شاب. كما أن هناك بعض المعلومات التى تشير إلى أن هناك سيدات من دول وسط آسيا سافرن إلى كل من العراق و سوريا لتنضم إلى أزواجهن.
وتخلص الدراسة إلى أن دول وسط آسيا ما زالت غير مستعدة للتعامل مع التهديد الذى قد يفرضه الإسلام الأصولي، وأنه ما زال هناك العديد من الإجراءات الإصلاحية التى يجب اتخاذها داخل هذه الدول تتمثل فى التحولات الاجتماعية الاقتصادية وتدابير مكافحة الفساد والتنفيذ المهنى للقانون.