محافظ المنيا يعتمد نتيجة مسابقة الوظائف الإشرافية بالتربية والتعليم    خلال لقائه ببوتين.. الرئيس السيسي يُشيد بوتيرة الانعقاد لآلية التشاور السياسي واللجان المشتركة    الجيش الباكستاني: نحن في حالة حرب مع الهند وتواصلنا معًا عبر دولة ثالثة    بوتين: روسيا ستحقق أهدافها الاستراتيجية في أوكرانيا    بايرن ميونيخ يتوصل إلى اتفاق مبدئي مع فيرتز    «أنوكا» تشيد بتنظيم مصر للمنتدى الإقليمي للتضامن الأولمبي بالقاهرة    جامعة سوهاج تحصد 4 ميداليات ذهبية وكأس بطولة كمال الأجسام    استغلت حبس زوجها.. كيف حاولت "حنان" وعشيقها إخفاء قتل رضيعتها؟    حدث في8 ساعات| أبو مازن يلتقي الرئيس السيسي بموسكو.. والثقافة تصدر بيانا بشأن إغلاق قصور الثقافة المستأجرة    نانسي عجرم تستعد للغناء في جاكرتا هذا الموعد    ما حكم حج الحامل والمرضع؟.. الإفتاء تُجيب    حريق في عدد من المنازل بعزبة البهنساوى ببنى سويف بسبب ارتفاع درجات الحرارة    حملات مكثفة لتطهير الترع والمصارف بالفيوم حفاظًا على الزراعة وصحة المواطنين    ستيف ويتكوف: ترامب يؤمن بالسلام عبر القوة ويفضل الحوار على الحرب    عمرو سلامة عن تعاونه مع يسرا: «واحد من أحلام حياتي تحقق»    تكريم رئيس هيئة قضايا الدولة في احتفالية كبرى ب جامعة القاهرة    خطيب الجامع الأزهر: الحديث بغير علم في أمور الدين تجرُؤ واستخفاف يقود للفتنة    إدارة القوافل العلاجية بالمنوفية تحصد المركز الثاني على مستوى الجمهورية    قسم الجراحة..ينجح فى استخراج دبوس من معدة صغير بسوهاج    حقيقة إغلاق بعض بيوت الثقافة التابعة للهيئة العامة    النيابة تصرح بدفن جثة شاب غرق بترعة أبيس في الإسكندرية    الدوري الألماني.. توماس مولر يشارك أساسيا مع بايرن في لقائه الأخير بملعب أليانز أرينا    ترامب يوجه رسالة إلى الصين: الأسواق المغلقة لم تعد مجدية    الزمالك يحدد جلسة تحقيق جديدة مع زيزو    فريق طبي بمستشفى سوهاج الجامعي ينجح في استخراج دبوس من معدة طفل    المتحف المصري الكبير يستقبل 163 قطعة من كنوز الملك الذهبي توت عنخ آمون    مصرع عنصرين إجراميين في مداهمة بؤرًا خطرة بالإسماعيلية وجنوب سيناء    سجل الآن.. الوطنية للتدريب تطلق مبادرة "أنا أيضًا مسئول" لبناء وعي القيادة والمسؤولية لدى الشباب    أمين الفتوى: المعيار الحقيقي للرجولة والإيمان هو أداء الأمانة والوفاء بالعهد    الضرائب: 9 إعفاءات ضريبية لتخفيف الأعباء وتحفيز الاستثمار    محافظ الشرقية يطمئن على نسب تنفيذ أعمال مشروعات الخطة الإستثمارية للعام المالي الحالي بديرب نجم    شهادات مزورة ومقر بدون ترخيص.. «الطبيبة المزيفة» في قبضة المباحث    «المستشفيات التعليمية» تنظم برنامجًا تدريبيًّا حول معايير الجودة للجراحة والتخدير بالتعاون مع «جهار»    البابا لاون الرابع عشر في قداس احتفالي: "رنموا للرب ترنيمة جديدة لأنه صنع العجائب"    التموين تعلن آخر موعد لصرف الدعم الإضافي على البطاقة    استلام 215 ألف طن قمح في موسم 2025 بالمنيا    قناة السويس تدعو شركات الشحن لاستئناف الملاحة تدريجيًا بعد هدوء الهجمات    جامعة القاهرة: أسئلة امتحانات الترم الثاني متنوعة لضمان العدالة    مروان موسى: ألبومي الأخير نابع من فقدان والدتي    أحمد داش: جيلنا محظوظ ولازم يوجد صوت يمثلنا    المنظمات الأهلية الفلسطينية: غزة تواجه أوضاعا خطيرة بسبب القيود الإسرائيلية    عاجل.. الزمالك يُصعّد: نطالب بحسم مصير "القمة" قبل 13 مايو لضمان العدالة في المنافسة على اللقب    الشباب والرياضة تنظم الإحتفال بيوم اليتيم بمركز شباب الحبيل بالأقصر    رئيس جامعة الإسكندرية يستقبل وفد المجلس القومي للمرأة (صور)    رئيس الوزراء يؤكد حِرصه على المتابعة المستمرة لأداء منظومة الشكاوى الحكومية    عقب أدائه صلاة الجمعة... محافظ بني سويف يتابع إصلاح تسريب بشبكة المياه بميدان المديرية    "موسم لا ينسى".. صحف إنجلترا تتغنى ب محمد صلاح بعد جائزة رابطة الكتاب    جدل فى بريطانيا بسبب اتفاق ترامب وستارمر و"الدجاج المغسول بالكلور".. تفاصيل    أبو بكر الديب يكتب: مصر والمغرب.. تاريخ مشترك وعلاقات متطورة    سائح من ألمانيا يشهر إسلامه داخل ساحة الشيخ المصرى الحامدى بالأقصر..فيديو    13 شهيدا وهدم للمنازل.. آخر تطورات العدوان الإسرائيلي في طولكرم ومخيميها    كاف اعتمدها.. تعرف على المتطلبات الجديدة للمدربين داخل أفريقيا    ضبط دقيق مجهول المصدر وأسطوانات بوتاجاز مدعمة قبل بيعها بالسوق السوداء بالمنوفية    محافظ القليوبية يستقبل وفد لجنة الإدارة المحلية بمجلس النواب لتفقد مستشفى الناس    تحقيقات موسعة في العثور على جثة متعفنة داخل منزل بالحوامدية    إعلام إسرائيلي: تفاؤل أمريكى بإمكانية التوصل إلى اتفاق بشأن قطاع غزة    بسبب الأقراص المنشطة.. أولى جلسات محاكمة عاطلين أمام محكمة القاهرة| غدا    التنمر والتحرش والازدراء لغة العصر الحديث    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أمين اتحاد المحامين العرب ل«الأهرام العربي»: المغرب نجا من ثورات الربيع وقوي خارجية استغلت مصرع «بائع السمك»

حزب «الأصالة والمعاصرة» وقوى محظورة تقف وراء الاضطرابات
رفع علم غير وطنى.. تمزيق جوازات السفر.. التهديد بالانفصال.. أشياء محرمة وطنيا

قال عبد اللطيف بوعشرين، أمين عام اتحاد المحامين العرب، ونقيب المحامين فى الدار البيضاء، إن آفة المغرب الآن تتمثل فى الصراع الحزبى السياسى على أساس المصلحة الحزبية وليس مصلحة الوطن بشكل عام، كما رأى أن الملك محمد الخامس سيتدخل فى الوقت المناسب لحل أزمة «الحسيمة»، وأضاف أن الاحتجاجات خرجت من الحسيمة تحديدا، لأن أهلها وأهل المغرب عموما يرون فيها أيقونة ومنارة شمال شرق المغرب لكونها مدينة ساحلية، وأنها عانت من تهميش اقتصادى شأن مناطق أخرى، وعلى صعيد آخر يؤكد عبد اللطيف بوعشرين أن الحراك الذى شهده المغرب فى عام 2011، أسفر عن نقلة نوعية فى الحريات خصوصا حرية الرأى والتعبير، وصدور العديد من المراسيم الملكية الخاصة بهذا الشأن، ولم ينس بوعشرين فى هذا الحوار أن يشير إلى أن بعض قادة الحركات الاحتجاجية مدفوعون من أحزاب محظورة داخل وخارج المغرب، لا سيما أن البعض يتخذ من هذه الاحتجاجات ذريعة للإخلال باستقرار المغرب، وإغفال حجم الحريات العامة التى يتمتع بها المغاربة، وهذه تفاصيل الحوار:

لماذا الحسيمة؟

أهل المغرب يرون فى الحسيمة أيقونة ومنارة شمال شرق المغرب لكونها مدينة ساحلية وتحيط بها تضاريس جبلية .
عانت خلال التاريخ المعاصر، على غرار مناطق الشمال المغربى، من تهميش اقتصادى واجتماعى وإدارى من السلطات المركزية، ما جعل منها بؤرة للاحتجاج السياسى المتكرر نذكر (انتفاضة الريف 1958-1959 وانتفاضة 1984) .

التهميش الاجتماعى والاقتصادي، تجلى فى تردى البنية التحتية خصوصا لجهة ما تعلق بعدم تعبيد الطرق ومجالى الصحة والتعليم والتنقل. وأنتج هجرة واسعة لأبناء المنطقة إلى أوروبا، فى الستينيات والسبعينيات، خصوصا إلى إيطاليا وإسبانيا وهولندا وألمانيا، وسهل الموقع الجغرافى (ساحل الأطلسى) بحكم إجادة غالبية السكان للغات الإسبانية والايطالية إضافة إلى الفرنسية، وحسب إحصاء 1971، كان إقليم الحسيمة الثانى على مستوى المملكة المغربية فى نسبة المهاجرين، بنسبة 19 مهاجرا لكل 1000 نسمة. مع العلم أن الرقعة الجغرافية لهذه المدينة ليست بالشاسعة.

كانت الحسيمة تعتبر من مدن النظام بحكم أنها كانت إحدى أهم المراكز العسكرية الحاسمة فى تطورات حرب الريف، وكانت إحدى حواضرها أغادير، عاصمة لجمهورية الريف (1921-1926) التى تلت انتصار المقاومة الريفية، بقيادة الشهيد عبد الكريم الخطابى على المستعمر الإسباني.
يرى البعض أن التهميش أدى إلى خلق اقتصاد غير نظامي، يعتمد أساسا على التهريب وموارد زراعة وتجارة القنب الهندى ومشتقاته؟
لعلنا نذكر غضبة الملك الحسن الثانى تعقيبا على أحداث اضطرابات مدن الشمال ومراكش فى يونيو 1984، حينما قال “السكين وصل للعظم” قبل أن يسترسل، صابا جام غضبه على مثيرى تلك الأحداث، فى واحد من الخطابات النادرة المتلفزة واستعان الحسن الثانى بقاموس الشارع لتوجيه رسائله الواضحة لخصومه السياسيين، حيث وصف مثيرى الشغب ب”الأوباش” و”الدراري” وأنه لن يتردد فى استعمال القوة لمواجهة من يرفع فى وجهه شعار “ارحل”، حيث استعمل عبارة “نخلى دار بوهم” ردا على من سيردد كلمة «يسقط» خلال تجوال موكبه.

وأعقبتها ممانعة صريحة لزيارة تلك المناطق، ما ترك رواسب سيئة لدى أهلها استمرت آثارها حتى اليوم. مع تراجع هذه الانطباعات مع تولية الملك محمد السادس الذى أبدى عناية خاصة لهذه المنطقة، بل أصبح يقضى بها معظم عطلاته الصيفية.

لماذا انفجرت الأوضاع هناك الآن؟

أغلب مناطق المغرب شهدت حراكا عاما فى العام 2011، أسفر عن نقلة نوعية على مستوى الحريات خصوصا حرية التعبير، مع الأخذ بعين الاعتبار «أن حريتك تنتهى عند اقتحام حقوق الغير»، وصدرت فى هذه الحقبة مجموعة من التشريعات والمراسيم التى تحصن الحريات العامة 2011-2017، صحيح أن أغلب هذه المراسيم والتشريعات لم تجد مجالا للتطبيق، وربما مرجع ذلك إلى أن المشرع أوجد صيغا عسيرة الهضم التنفيذى من قبل المؤسسات الموكول لها أمر تنفيذ وتدبير هذه التشريعات، أو ربما الأمر ناتج عن المجالس المحلية والتشريعية المؤتمنة على ميزانية هذه الجهات فى السنوات الأخيرة.

وضعت الحسيمة فى مقدمة البرنامج المتوسطى الذى أعدته الدولة، والذى يشمل تحديث طرقات وفك العزلة عن الريف وإنشاء مؤسسات صحية ومحاكم على أعلى مستوى، وتغيير وجهات الزراعة، ووضع برنامج لتشجيع الاستثمارات الصغيرة والمتوسطة، وتسهيل الإجراءات لأى مواطن يرغب فى تأسيس مؤسسة زراعية أو تجارية، وتأسيس العديد من المنشآت الصناعية والاقتصادية بمقتضى التشريعات الجديدة.

هذا البرنامج كان من المفترض أن يبدأ الشروع فيه مباشرة عقب صدور دستور 2011، لكن للأسف مرت 6 سنوات ولم تنجز نسبة كبيرة من هذه البرامج الذى أعدتها الحكومة، طبقا لرؤية أهالى الحسيمة، لكن الواقع يقول إن عديدا من المنجزات جرت فى السنوات السابقة منها فك العزلة، وإنجاز 80 ‪%‬ من تعبيد الطريق السريع الذى يربط الرباط الحسيمة، وقصرا للعدالة طبقا لبنيان فنى جد محترم، وأنشأت مستشفيات مجهزة بشكل جيد فى الحسيمة.

لماذا إذن جرت الاحتجاجات طالما حظيت الحسيمة بهذه المشاريع التنموية؟

أولا الأسباب عديدة :- أن الأولوية انصرفت إلى الاهتمام بالحسيمة كمدينة وتم إهمال ضواحى الحسيمة التى تتشكل فى غالبيتها من تضاريس وعرة، ولم تغطها شبكة طرق مناسبة ما جعل المرور بين الضواحىعسيرا، وتشهد تلك المناطق زلازل بشكل سنوى تقريبا، ما جعل تلك المناطق معزولة . مع العلم أن هذه المناطق الريفية المعزولة تعرف نموا ديموغرافيا متميزا.

هذا النمو الديمغرافى نتج عنه بروز فئة عمرية تتراوح ما بين 25 و30 سنة، وبالتأكيد أن هذه الفئة تقتضى عناية خاصة على مستوى الإعداد التربوى والتمدرس والتطبيب والصحة والتنقل.

والحال أن العديد من القطاعات الإستراتيجية ظلت معطلة ولا تستجيب لحاجيات الساكنة ما يمكن تسميته بقصور فى العمل الحكومى أو بطء فى انجاز المشاريع التى أعدت لذلك، فضلا عن انعدام فرص العمل تقريبا، مما جعل شباب الحسيمة والمدن المجاورة فى حالة بطالة تامة وشاملة باستثناء الاشتغال التقليدى بالبحر وما يرتبط به من صيد اسماك أو شحن أو نقل برصيفه والمطبوع بمشاكل لا نهاية لها.

أيضا هناك بطء فى تنفيذ المشاريع التنموية، أضف لذلك التوقف الذى جرى لتلك المشاريع خلال العام الماضى بسبب أزمة تشكيل الحكومة التى استمرت لما يقرب من سنة.

متى بدأت الأزمة فى الحسيمة ولماذا؟

بدأت منذ نحو سبعة أشهر على خلفية ما سمى بقضية مقتل بائع السمك المرحوم فكري، طريقة مقتله المثيرة للاستهجان أفاضت الكأس كما يقال، وهناك روايتان للحادث: الأولى.. رسمية وتفيد بأن فكرى اشترى أسماكا من رصيف الميناء غير مسموح بتداولها، لأنها فى أثناء الراحة البيولوجية، وعندما علمت السلطات المختصة بتهريب الأسماك إلى خارج السوق قامت بتعقبها، وتم إيقاف البائع فكرى ومصادرة الأسماك ووضعوها فى شاحنة تعمل آليا لطحنها، ولكن فكرى حاول أن يسترد الأسماك قبيل طحنها، فطحنته الشاحنة مع الأسماك، وإذا اعتمدنا تلك الرواية، فهناك أخطاء إجرائية شكلية اقترفها المسئول عن التوقيف، إذ كان يتوجب عليه اتباع النظم القانونية التى تستوجب فتح محضر لاستجواب المتهم ومصادرة الأسماك المحظور تداولها وتحويل المتهم للمحاكمة مع المادة المصادرة. بينما الرواية الثانية التى يرددها أهل فكرى وأصدقاؤه أن أحد المسئولين إبان مطاردته له أمر تابعيه بالقول «اطحن أمه»، فى إشارة للبائع فكرى، فقام أحد مساعدى المسئول بدفع فكرى دفعا إلى الشاحنة فطحنته.

على إثر تلك الواقعة جرت احتجاجات واعتصامات فى الشارع المغربى رفضا وتعاطفا مع بائع السمك المقتول، وسريعا ما هدأت تلك الاحتجاجات، بينما نظم شباب الحسيمة اعتصامات استمرت نحو سبعة أشهر، وبعدها حدث تصعيد على خلفية نقص آلة التشخيص والمعالجة المطلوبة لمستشفى السرطان فى الحسيمة الذى أنشىء مند نحو عامين مع ملاحظة انتشار مرض السرطان فى تلك المنطقة لأسباب بيئية وسلوكية .

إضافة إلى أن غياب الاحتواء لهؤلاء الشباب إلى جانب مشاكل أخرى، أسهم فى إقدام بعض منهم على فتح جسر مع مجموعات مغربية خارج المملكة . كما أن سوء الأوضاع المعيشية، فضلا عن قرب المنطقة من السواحل المطلة إلى أوروبا، إضافة إلى إجادة الكثيرين للغات أوروبية، دفع الكثيرين من أبناء الحسيمة وشمال شرق المملكة إلى الهجرة إلى دول أوروبا خصوصا إسبانيا وإيطاليا، منذ زمن بعيد، ما خلق جيلا ثانيا من المهاجرين أصبح من الميسورين ماديا ما وراء البحار، وما جعلهم يتعاطفون مع أهلهم وذويهم ويرسلون لهم معونات ومساعدات للمحتاجين من أبناء الحسيمة وضواحيها، وتشكلت جمعيات لتنظيم هذا الغرض من بعض أبناء الحسيمة .كما ثبت من خلال التحرك الحالي.

هل تشكلت تلك الجمعيات من أشخاص لهم انتماءات سياسية أو دينية؟

أعتقد أن البداية كانت طبيعة اجتماعية مقتصرة على الإحسان للفقراء والمحتاجين، خصوصا أن المغتربين يأتون لزيارة الحسيمة كل عام تقريبا ما يجعلهم متعايشين مع أحوال شباب بلدتهم، وربط بعض من المغتربين بين سوء أوضاع الناس وإهمال الدولة فى توفير فرص عمل لهم والتقصير فى تطوير البنية التحتية، وبدأ التفكير من البعض فى تشكيل جمعيات أو خلايا لتمثل لحمة قوية بحيث تصبح قوة ضغط على الدولة تمكن الأهالى من الحصول على مكتسبات للمنطقة وأهلها . وتطور هذا التعاقد ليشكل لحمة قوية لساكنى المدينة ماديا ومعنويا سواء فى الداخل أو خارج المغرب.

هل للحراك ما يبرره اجتماعيا وقانونيا من وجهة نظركم؟

نعم، وبالتأكيد لكن مع مراعاة احترام القوانين والثوابت والمقدسات. والحراك بدأ بنظام وانتظام على الرغم ما تخللته أحيانا من انفلاتات لفظية ربما بسبب حماسة بعض الشباب واندفاعهم الناتج عن ضعف خبرتهم مثل: التلويح بالانفصال، وتمزيق جوازات السفر، ورفع الأعلام غير العلم الوطنى الرسمي، ورشق الأمن بالحجارة.

ولقد ثبت بالأدلة القطعية أن بعضا من قادة الحراك، إلى جانب الدعم المادى الذى يأتيهم من الخارج، قد ارتبطوا مع جهات وأحزاب محظورة داخل وخارج المغرب وأصبحت له مساندة علنية فى كل أنحاء المغرب، وهذا من شأنه أن يؤجج الوضع ليس فقط بالحسيمة، بل بكل الوطن المغربي، خصوصا من المتربصين بوحدة المغرب الذين يسعون إلى اختلاق فتنة به، وهناك قرائن قوية لدى السلطة لمزيد من التجييش الكمى والإعلامى، الذى يسعى إلى خلق فتنة بالمغرب.

لقد ثبت أن هذه المجموعات من قيادة الحراك كانت ولا تزال تتلقى مبالغ محترمة ما يعنى أن هناك جهات داعمة لها إمكانات مادية مستعدة لتغطية كل ما من شأنه أن يحدث الفتنة .

كما أن رفع علم غير العلم الوطنى مؤشر سلبى ينبئ عن نية انفصال، اما التذرع بأنه علم الريف أو علم الاستقلال الذى رفعه عبد الكريم الخطابى فهذه مرحلة مضت، وأصبح المغرب فى عهد آخر وفضاء آخر موحدا وملتحما.

ما تفسيرك لامتداد الحراك إلى مدن أخرى رئيسية كالرباط والدار البيضاء؟

المغاربة مع حراك الريف، وكل المدن والقرى الفقيرة والمهمشة والمعزولة فى كل أنحاء المغرب، ويتعين أن يكون هذا الحراك حضاريا ومنظما فى إطار الضوابط الاحترازية المعمول بها دون تجاوزه للخطوط الحمراء، لأن ذلك يفقد الحراك قيمته وغاياته ويحوله إلى أسلوب من البلطجية التى تقتضى تدخل الدولة لاستتباب الأمن والسكينة، أى انفلات لا تقبله النخبة الوطنية المثقفة بالمغرب، وتشجبه شجبا صريحا وتستنكره لأنه لا يعبر عن إرادة الإصلاح والإنماء وإنما يسعى للفتنة والدمار والخراب. وهناك الكثير من الشائعات تروج بشأن مساهمة الأحزاب المعارضة فيما يحدث فى الريف. لكن، وللأمانة والملاحظ أن جميع الأحزاب وبدون استثناء تحاول أن تسهم إيجابيا فى إيجاد مصالحة ودية وطنية، وحوارات شعبية للحفاظ على اللحمة المغربية والأمن والسلم الذى ينعم به المغرب بعد خروجه من الربيع العربى، بسلامة كبيرة تنم عن وعى ونضج وتعقل السياسة المنهجية فى المغرب أحزابا وشعبا وحكومة، فى ظل ملكية دستورية أكدت وجسدت نجاحها بالاستجابة لكل المطالب الموضوعية فى حدها الأدنى.

هذا لا يمنع من أن حزب الأصالة والمعاصرة، ومعظم المنخرطين فى صفوفه من مناطق الحراك ومحيطها، والحزب لم يهضم نتيجة الانتخابات التى جعلته ثانيا ورفض المشاركة فى الحكومة الائتلافية، وأعلن صراحة عن توقعاته بفشل الحكومة ووجه نيران غضبه إلى وزير الفلاحة وحمله مسئولية عن واقعة فكرى .

وماذا عن محاكمة الزفزافى؟

المحاكمات المغربية جميعها والتاريخ فى العهود الأخيرة أصبحت نموذجا للمحاكمة العادلة بكافة المواصفات، خصوصا عندما يتعلق الأمر بقضايا الرأي، لذلك فإن البحوث التمهيدية قد أنجزت فى ظروف عادية وهادئة، خاصة عندما استندت للفرقة الوطنية التى تعمل فى إطار خاص واختصاص مكانى وطنى يضمن كل الحقوق للمشتبه فيهم. وقد أكد معظم المعتقلين المتقدمين أمام السيد الوكيل العام بالدار البيضاء أن تعامل الفرقة الوطنية كان مرنا وسلسا وباحترام كبير.

وفى الختام أؤكد أن هذا الحراك هو ظاهرة مجتمعية صحية رغم ما شابها من انفلاتات ربما لم يتوقعها القائمون على تنظيم هذا الحراك.
وأعتقد أن احتواءه قد أصبح وشيكا من خلال التحركات الحكومية الآتية بتعليمات من الملك فى آخر اجتماع حكومي، الذى شكل سابقة فى التاريخ حيث حرم أعضاء الحكومة من إجازات سنوية وآمرهم بإنهاء جميع برامج الحكومة المعطلة سواء بالحسيمة أو بغيرها.

كما أعتقد أن تقويم هذه المجهودات لتذويب الجليد، لا يمكن أن يخلص من غير تدخل ملكي، وزيارة ملكية للأب الروحى لكل المغاربة رمز الوطنية، والقريب لكل الشرائح المغربية، خصوصا الطبقات الشعبية المهمشة، صديق الكل الملك محمد السادس، الذى سيكون بمثابة البرد والسلام.

على كل هذا الحراك الشعبى سواء فى الحسيمة أو فى غيرها من المدن المغربية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.