إنفوجراف| أسعار الذهب تعاود الارتفاع الجمعة 16 مايو    أسعار الأسماك اليوم الجمعة 16 مايو في سوق العبور للجملة    سعر طبق البيض اليوم الجمعة 16 مايو    استشهاد 136 فلسطينيا جراء القصف الإسرائيلى على مناطق بقطاع غزة    ريال مدريد يهنئ برشلونة على حصد لقب الدوري الإسباني    راشفورد لن يواجه مانشستر يونايتد    رئيس رابطة محترفات التنس يحدد موعد تقاعده    حالة الطقس اليوم.. موجة شديدة الحرارة والعظمى بالقاهرة تسجل 37 درجة    حكم قضائي بإيداع نجل محمد رمضان في إحدى دور الرعاية    الصحة تتابع تنفيذ مبادرة القضاء على قوائم الانتظار بمستشفى قنا    تاجر ماشية ينهى حياة عامل طعنا بسلاح أبيض فى أبو النمرس    لاعب المغرب: نسعى لكتابة التاريخ والتتويج بأمم إفريقيا للشباب    في ذكرى النكبة… ماذا تبقّى من حلّ الدولتَين؟    ميسي يعود لقائمة الأرجنتين في تصفيات المونديال    4 أبراج «لا ترحم» في موسم الامتحانات وتطالب أبناءها بالمركز الأول فقط    رئيس شعبة المواد البترولية: محطات الوقود بريئة من غش البنزين.. والعينات لم تثبت وجود مياه    مصرع عاملة في حريق بمنزلها بمدينة سوهاج    بالأسماء.. جثة و21 مصابًا في انقلاب سيارة عمالة زراعية بالبحيرة    البلشي: 40% من نقابة الصحفيين "سيدات".. وسنقر مدونة سلوك    بعد طرح "المقص"، تامر حسني يقرر تغيير جلده ويخرج عن المألوف (فيديو)    في عيد ميلادها ال56.. شام الذهبي توجه رسالة مؤثرة لوالدتها أصالة: "كل عام وانتي الدنيا وما فيها وتاج راسنا"    العاهل البريطاني: أنا في الجانب الأفضل من رحلتي مع السرطان    في دقائق.. حضري سندويتشات كبدة بالردة لغداء خفيف يوم الجمعة (الطريقة والخطوات)    طريقة عمل البامية باللحمة، أسهل وأسرع غداء    موجة جديدة من كورونا تضرب آسيا، وارتفاع عدد حالات الدخول إلى المستشفيات    الطن ارتفع 700 جنيه.. أسعار الحديد والأسمنت اليوم الجمعة 16-5-2025    وزيرة الأمن الداخلي الأمريكية: تحقيق مع مدير FBI السابق كومي بتهمة التحريض على اغتيال ترامب    أسعار الأرز الشعير والأبيض «عريض ورفيع الحبة» اليوم الجمعة 16 مايو في أسواق الشرقية    بسنت شوقي: أنا اتظلمت بسبب زواجي من محمد فراج (فيديو)    توقفوا فورا.. طلب عاجل من السعودية إلى إسرائيل (تفاصيل)    أبو شقة: لدينا قوانين سقيمة لا تناسب ما يؤسس له الرئيس السيسي من دولة حديثة    د. محروس بريك يكتب: منازل الصبر    لامين يامال عن مقارنته ب ميسي: «ليو الأفضل على الإطلاق»    جداول امتحانات الترم الثاني 2025 في بورسعيد لجميع الصفوف    بيت لاهيا تحت القصف وحشد عسكري إسرائيلي .. ماذا يحدث في شمال غزة الآن؟    ترامب يلمح إلى قرب إبرام اتفاق مع إيران    اليوم.. الأوقاف تفتتح 11 مسجدًا جديداً بالمحافظات    انخفاض كبير في عيار 21 بالمصنعية.. مفاجأة في أسعار الذهب والسبائك اليوم بالصاغة    هل الصلاة على النبي تحقق المعجزات..دار الإفتاء توضح    نشرة التوك شو| حجم خسائر قناة السويس خلال عام ونصف وتحذير من موجة شديدة الحرارة    أسوان ضيفًا على طنطا في الجولة ال 36 بدوري المحترفين    وكيل أول الشيوخ: مشروع قانون الإيجار القديم لن يخرج إلا في هذه الحالة    مسابقة معلمين بالحصة 2025.. قرار جديد من وزير التربية والتعليم وإعلان الموعد رسميًا    القوى العاملة بالنواب: علاوة العاملين بالقطاع الخاص لن تقل عن 3% من الأجر التأميني    بحضور وزير العمل الليبي.. تفعيل مذكرة التفاهم بين مجمع عمال مصر ووزارة العمل الليبية    لاعب جنوب إفريقيا السابق: صن داونز سيفوز بسهولة على بيراميدز في نهائي دوري الأبطال    طريقة عمل الأرز باللبن، حلوى لذيذة قدميها في الطقس الحار    كمين شرطة مزيف.. السجن 10 سنوات ل 13 متهمًا سرقوا 790 هاتف محمول بالإكراه في الإسكندرية    دون إصابات.. سقوط سيارة في ترعة بالغربية    25 صورة من عقد قران منة عدلي القيعي ويوسف حشيش    رامي جمال يعلن عن موعد طرح ألبومه الجديد ويطلب مساعدة الجمهور في اختيار اسمه    هل يمكن للذكاء الاصطناعي إلغاء دور الأب والأم والمدرسة؟    الحوثيون يعلنون حظر الملاحة الجوية على مطار اللد-بن جوريون    إعلان أسماء الفائزين بجوائز معرض الدوحة الدولي للكتاب.. اعرفهم    بعد زيارة ترامب له.. ماذا تعرف عن جامع الشيخ زايد في الإمارات؟    دعمًا للمبادرة الرئاسية.. «حماة الوطن» بالمنيا يشارك في حملة التبرع بالدم| صور    أمين الفتوى: التجرؤ على إصدار الفتوى بغير علم كبيرة من الكبائر    "الأوقاف" تعلن موضع خطبة الجمعة غدا.. تعرف عليها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لم تخرج عن المعتاد لكنها اتسمت بالحيوية.. قمة البحر الميت.. تشخيص سليم فمتى يبدأ العلاج؟

رفض الانخراط فى مسار إقليمى للسلام مع الكيان الصهيونى وتأكيد ثوابت العرب تجاه فلسطين

صرخة أبو الغيط لتفعيل الحضور العربى فى الأزمات الملتهبة هل تجد صداها؟

لم تكن قمة البحر الميت التى احتضنها الأردن يوم الأربعاء المنصرم، خارج السياق العربى المعتاد سواء من حيث الشكل أم المضمون، لكنها امتلكت بالتأكيد خصوصيتها التى جعلتها قمة طازجة حيوية، نجحت فى تشخيص أوجاع العرب، وكتبت الوصفة الطبية لعلاجها فهل تدخل حيز التطبيق أم تظل تراوح مكانها مثل قرارات القمم السابقة؟
على أية حال يمكن التأكيد أن هذه القمة بدت مغايرة ومختلفة وذلك لجملة من المعطيات، أولها يتعلق بالأردن وقيادته المتمثلة فى الملك عبد الله الثانى، والذى بدا حريصا على توفير مقومات الفاعلية لهذه القمة، عبر دعوته المبكرة للقادة العرب للمشاركة فيها إلى حد تحركه بنفسه إلى الرباط، لدعوة العاهل المغربى الملك محمد السادس لحضور القمة، وتلك سابقة جديدة حيث كان القادة العرب يكتفون بإرسال مبعوثين خاصين لهم لدعوة الزعماء العرب، وهو ما تجلى فى حضور بارز وواسع للقادة العرب فى قمة البحر الميت، على نحو ربما غير مسبوق فى السنوات العشر الأخيرة، بينما امتنع أغلب الغائبين لأسباب صحية وليست بسبب موقف من القمة أو مستوى الترتيبات الأمنية، والتى كانت شديدة التكثيف وهو أمر مشهود للأمن الأردنى، وفى الوقت نفسه تم توفير كل المتطلبات اللوجستية للقمة قبل انعقادها بفترة طويلة، بالتنسيق مع الأمانة العامة للجامعة العربية والتى بعثت بنائب أمينها العام السفير أحمد بن حلى، إلى عمان على رأس وفد من كبار مسئوليها لوضع الترتيبات الخاصة بهذه المتطلبات، بل إن الأمين العام أحمد أبو الغيط سافر مرتين إلى عمان والتقى العاهل الأردنى الملك عبد الله الثانى، كان آخرها قبيل التئام القمة فى منتجع البحر الميت بنحو أٍسبوع، ما أسهم فى وضع لبنات قوية استندت إليها القمة، فضلا عن الاجتماعات التحضيرية التى سبقتها، بالذات فيما يتعلق بإعداد وثائقها وتقاريرها الرئيسية التى ستشكل إطار التحرك العربى، خلال العام الذى سيرأس فيه الأردن مجلس الجامعة العربية على مستوى مؤسسة القمة .

وثانى هذه المعطيات تجسد فى عقد سلسلة من القمم الثنائية التى سبقت قمة البحر الميت، بدأت بالقمة التى عقدها الرئيس المصرى عبد الفتاح السيسى والعاهل الأردنى الملك عبد الله الثانى فى الواحد والعشرين من شهر فبراير المنصرم بالقاهرة، ثم قمة السيسى مع العاهل البحرينى حمد بن عيسى آل خليفة مساء الإثنين الماضى، أى قبيل قمة الأردن بساعات، وفى التوقيت نفسه عقدت قمة العاهل الأردنى والعاهل السعودى الملك سليمان بن عبد العزيز، الذى بدأ زيارة رسمية لعمان يوم الإثنين الماضى أيضا، بالإضافة إلى جهود واتصالات قادها عبر الهاتف أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح مع عدد من القادة العرب، ومن قبل جهود ومساعى للشيخ محمد بن زايد ولى عهد أبو ظبى والقائد الأعلى للقوات المسلحة بدولة الإمارات العربية المتحدة، وذلك سعيا لترتيب البيت العربى وتجاوز بعض نتوءات الاختلافات العربية العربية خصوصاً بين القاهرة والرياض والتى نجحت فى إزالة بعض مسبباتها، وهو ما بدا واضحا فى قرار شركة آرامكو السعودية باستئناف تنفيذ اتفاقها التجارى بضخ كميات النفط المتفق عليها شهريا لمصر، فضلا عن تبادل زيارات على مستوى وزارى ورجال الأعمال والاستثمار، وتوقف الإشارات الإعلامية والصحفية السلبية من الطرفين، فقد كانت ثمة ضرورة لتنقية الأجواء العربية قبيل القمة، ورفع منسوب التنقية خلال القمة ذاتها على نحو ما تابعناه يوم الأربعاء الماضى، وذلك قناعة بأهمية الدورين المصرى والسعودى فى النظام الإقليمى العربى وقدرتهما المشتركة على التصدى للمخاطر والتحديات الإقليمية المتعددة والمتنوعة، مع احترام كل طرف للآخر عندما يكون ثمة تباين فى موقف تجاه قضية ما، فذلك لايعنى أن ينأى بنفسه عن الآخر بل يمكن اللجوء إلى الحوار الشفاف والموضوعى وتجنب الإساءات بالذات على الصعيد الإعلامى .

ثالث هذه المعطيات تمثل فى هذا الاهتمام الدولى والإقليمى بمتابعة وقائع القمة، متجسدا ذلك فى إرسال كل من رؤساء الولايات المتحدة وروسيا الاتحادية وفرنسا مبعوثين لهم إلى البحر الميت، إلى جانب الأمين العام الجديد للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، والرئيس الجديد لمفوضية الاتحاد الإفريقى موسى فكى، والأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامى يوسف بن أحمد العثيمين، والثلاثة شاركوا لأول مرة فى قمة عربية نظرا لتوليهم مناصبهم قبيل أشهر من انعقادها، بالإضافة إلى الأمين العام لمجلس التعاون الخليجى الدكتور عبد اللطيف الزيانى، ولم تكمن أهمية مشاركة لهؤلاء المبعوثين ورؤساء المنظمات الإقليمية والدولية فى مجرد إلقاء كلمات فى الجلسة الافتتاحية فحسب، وإنما بدرجة أساسية فى سلسلة اللقاءات التى عقدوها مع عدد من القادة وزراء الخارجية العرب، وذلك لتأكيد مقارباتهم تجاه القضايا والأزمات العربية، والتعرف عن كثب على مواقف الدول العربية وربما محاولة توجيه رسائل بعينها للقمة وللقادة العرب فيما يتصل ببعض القضايا ومن بينها القضية الفلسطينية ، وكان لافتا للنظر مسارعة الرئيس الأمريكى الجديد، الذى لم يمض على تبوئه الموقع الأول فى البيت الأبيض سوى شهران وتسعة أيام، بإرسال مبعوث له إلى قمة البحر الميت، ما دفع المراقبين إلى التساؤل عما إذا كان يرمى من وراء ذلك إلى محاولة إقناع الأطراف العربية بدعم خيار المسار الإقليمى، الذى اتفق عليه مع رئيس وزراء الكيان الصهيونى بنيامين نيتانياهو ليكون بوابة حل القضية الفلسطينية، وفق منظور الكيان والإدارة الأمريكية والذى يهدف إلى إدخال مجموعة من الدول العربية السنية المذهب، فى سياق تحالفى مع إسرائيل يكون موجها بالأساس لمنازعة إيران، ومن ثم تخرج من عباءته صيغة ما للتعاطى مع الملف الفلسطينى حسب حل الدولة الواحدة وليس حل الدولتين، غيرأنه وفق المعلومات المتاحة الواردة من منتجع البحر الميت من أكثر من مصدر عربى لم يكن هناك أى استعداد عربى للقبول بهذا المسار الإقليمى، لاسيما أنه ما زال حتى هذه اللحظة هلامى الملامح ضبابى الرؤية، وفيما أثير بشأن ما نسب للأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط حول مبادرة جديدة للجانب الفلسطينى خلال القمة، سرعان ما تم نفيه سواء من قبل أبو الغيط شخصيا وعلى لسان المتحدث الرسمى باسمه الوزير مفوض محمود عفيفى، أم من قبل الجانب الفلسطينى، وجاء قرار القمة مؤكدا الثوابت العربية فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية بحسبانها القضية العربية الأم، وفى مقدمتها التأكيد على التعامل مع المبادرة العربية للسلام كوحدة واحدة من دون تجزئتها أو إعادة ترتيب أولوياتها... وعدم منح إسرائيل مكافآت على أدوار لم تقم بها أصلاً... وتفادى دخول المبادرة العربية إلى دهاليز الإدارة الأميركية الجديدة، بما يدفع إسرائيل إلى الاستمرار فى تعطيلها، فضلا عن التمسك بحل الدوليتين ضمن التوجه الإسترايتجى نحو خيار السلام.

وكان لافتا للنظر أيضا مشاركة ستيفان دى مستورا المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا، فى الجلسة الخاصة التى عقدها وزراء الخارجية العرب يوم الإثنين الماضى حول الأوضاع فى سوريا على هامش اجتماعهم التحضيرى للقمة بتقديم إحاطة للوزراء، ركز فيها على شرح حول المسار التفاوضى فى جنيف 5 والذى بدأ قبل القمة بأيام وعناصر رؤيته فى هذا الصدد، وطبيعة المعوقات التى تواجه الحل السياسى عبر هذا المسار بالذات الذى يحظى بإسناد عربى واضح، منذ انطلاقه فى يونيو من العام 2012 وإصداره وثيقة جنيف 1، التى ما زالت تشكل الإطار المقبول للحل السياسى المنشود للأزمة السورية التى مضى عليها أكثر من ست سنوات، وفى هذا السياق فإن الأمين العام لجامعة الدول التقى دى مستورا ، والذى أحاطه علما بآخر تطورات العملية التفاوضية الجارية فى جنيف، تحت إشراف الأمم المتحدة بهدف حلحلة الأزمة فى سوريا والجهود التى يبذلها لتقريب وجهات النظر بين هذه الأطراف، إضافة إلى تقييمه لتطورات الأزمة فى سوريا بشكل عام، ومواقف الفاعلين الدوليين الرئيسيين، منها وحرص أبو الغيط -طبقا للمتحدث الرسمى باسمه محمود عفيفى- أن يؤكد له أهمية التواصل معه بشكل مستمر لإحاطته بمختلف مستجدات العملية التفاوضية فى جنيف، أخذا فى الاعتبار أن دور الجامعة العربية لا غنى عنه فى التعامل مع الأزمة السورية والجهود الجارية لتسويتها، وذلك باعتبار أنها أزمة عربية بالأساس، مع إعادة تأكيده على عناصر الموقف العربى من تطورات الوضع فى سوريا وفقا للقرارات الصادرة فى هذا الشأن عن الجامعة العربية .

رابع هذه المعطيات أبرزته تلك الصيحة القوية التى وجهها أحمد أبوالغيط الأمين العام للجامعة العربية ربما للمرة الأولى فى تاريخ العمل العربى المشترك، التى تضمنت التأكيد أنه " لا يصحُ أن يبقى النظام العربى بعيداً عن التعامل مع أكبر أزمة تشهدها المنطقة فى تاريخها الحديث، فى إشارة إلى المأساة السورية.. كما أنه لا يصح أن تُرَحل هذه الأزمة الخطيرة إلى الأطراف الدولية والإقليمية يديرونها كيف شاءوا ويتحكمون بخيوطها وفق مصالحهم " كما تضمنت مطالبة النظام العربى – الذى تُعبر عنه الجامعة العربية- أن يجد السبيل للتدخل الناجع من أجل إيقاف نزيف الدم فى سوريا، وإنهاء الحرب والتوصل إلى تسوية للأزمة فيها.

كما تضمنت تلك الصرخة العمل على تفعيل الحضور العربى الجماعى فى الأزمات الكبرى، سواء فى سوريا أم فى البؤر الأخرى للصراعات فى اليمن وليبيا... فهذه الأزمات جميعاً وفق رؤية أبو الغيط تُشكل تهديدات خطيرة للأمن القومى العربي، بصورة لم نعهدها منذ احتلال إسرائيل للأراضى العربية فى عام 1967.. ولا قِبل لدولنا بمواجهة هذه التحديات الأمنية والعسكرية فُرادى، خصوصا أنها تُمثل حزمة مُركبة ومتداخلة من المُشكلات السياسية الداخلية، والتدخلات الإقليمية فى الشئون العربية.. وهى كلها تهديدات عابرة للحدود تواجه دولنا كافة، وتهدد الكيان العربى فى مجموعه كما تضرب الأساس الذى يقوم عليه وهو الدولة الوطنية المُستقلة ذات السيادة... ولن يكون مُمكناً مُجابهة هذه التهديدات إلا بالعمل الجماعى والجهد المُشترك المتضافر".

فى ضوء كل هذه المعطيات يمكن الإشارة إلى قمة البحر الميت هل حققت المطلوب منها، على صعيد بلورة مواقف عربية واضحة ومحددة تجاه كل المخاطر وعناصر التهديد للأمن القومى العربى بل وللدولة الوطنية العربية؟ متجليا ذلك إعلان عمان والبيان الختامى للقمة والذى تضمن القرارات التى أقرها القادة فى ضوء تقارير وزراء الخارجية وأحمد أبو الغيط الأمين العام للجامعة، وجميعها عبر بوضوح وبلغة قاطعة عن هذه المواقف تجاه الإرهاب والأزمات الملتهبة فى النظام الإقليمى العربى، وتجاه الأطراف الإقليمية والدولية التى تسهم فى إشعال الحرائق فى المشهد العربى، ورفده بالمزيد من عناصر التهديد وفى مقدمتها الكيان الصهيونى وإيران وتركيا إلى حد ما، وإن كانت الإشارة إلى الأخيرة جاءت بشكل واضح فى القرار الخاص بالتدخل العسكرى التركى فى أراضى العراقى.

وبعيدا عن تفاصيل الإعلان والقرارات فإنه يمكن الإشارة إلى أن القادة العرب، فيما يتعلق بقضية فلسطين والصراع العربى – الإسرائيلى، أكدوا التمسك والتزام الدول العربية بمبادرة السلام العربية كما طُرحت فى قمة بيروت عام 2002، على أن السلام العادل والشامل خيار إستراتيجى، وأن الشرط المسبق لتحقيقه هو إنهاء الاحتلال الإسرائيلى لكامل الأراضى الفلسطينية والعربية التى احتلت عام 1967، وتمكين الشعب الفلسطينى من ممارسة حقوقه غير القابلة للتصرف، بما فيها حق تقرير المصير وإقامة دولة فلسطين المستقلة كاملة السيادة، وإطلاق سراح جميع الأسرى من سجون الاحتلال، وحل قضية اللاجئين الفلسطينيين، استناداً إلى القانون الدولي، وقرارات الشرعية الدولية، وقرارات القمم العربية المتعاقبة، ومبادرة السلام العربية.

كما أكدوا مجدداً مركزية قضية فلسطين بالنسبة للأمة العربية جمعاء، وعلى الهوية العربية للقدس الشرقية المحتلة، عاصمة دولة فلسطين. وإعادة التأكيد على حق دولة فلسطين بالسيادة على كافة الأرض الفلسطينية المحتلة عام 1967، بما فيها القدس الشرقية، ومجالها الجوي، ومياهها الإقليمية، وحدودها مع دول الجوار.
ولعل الجديد الذى جاءت به قمة البحر الميت هو تبنيها لقرار الخاص برفض ترشيح إسرائيل لشغل مقعد غير دائم فى مجلس الأمن لعامى 2019-2020، يؤكد على رفض ترشح إسرائيل لعضوية مجلس الأمن، باعتبارها قوة احتلال مخالفة لأحكام ميثاق الأمم المتحدة وقرارات الشرعية الدولية، والقانون الدولي، وفى ضوء استمرار سياساتها المعطلة للسلام والمستمرة فى الاستيطان غير القانوني، وإجهاض حل الدولتين ، ويتضمن تكليف الأمين العام للجامعة العربية، والمجموعة العربية فى نيويورك، وبعثات الجامعة العربية، باتخاذ التدابير اللازمة للحيلولة دون حصول إسرائيل (القوة القائمة بالاحتلال) على عضوية مجلس الأمن، بما فى ذلك التنسيق مع منظمة التعاون الإسلامى فى هذا الشأن، وإجراء الاتصالات اللازمة مع الاتحاد الأوروبى، ومجموعة دول غرب أوروبا ودول أخرى والمجموعات الدولية الأخرى، والأمين العام للأمم المتحدة، ورئيس الجمعية العامة، وجميع الدول الأعضاء بالأمم المتحدة، لحشد التأييد الدولى اللازم لإجهاض هذا الترشيح .

وفيما يتعلق بسوريا فإن القادة العرب جددوا تأكيد الالتزام الثابت بالحفاظ على سيادة سوريا ووحدة أراضيها واستقرارها وسلامتها الإقليمية، وذلك استنادا لميثاق جامعة الدول العربية ومبادئه كما أكدوا الموقف الثابت بأن الحل الوحيد الممكن للأزمة السورية يتمثل فى الحل السياسى القائم على مشاركة جميع الأطراف السورية، بما يلبى تطلعات الشعب السورى وفقاً لما ورد فى بيان جنيف (1) بتاريخ 30 يونيو 2012، وإسنادا على ما نصت عليه القرارات والبيانات الصادرة بهذا الصدد وبالأخص قرار مجلس الأمن 2254 العام 2015(،والترحيب فى هذا الإطار باستئناف مفاوضات جنيف بتاريخ 23 فبراير 2017 تحت رعاية الأمم المتحدة، ودعوة الجامعة العربية إلى التعاون مع الأمم المتحدة لإنجاح المفاوضات السورية التى تجرى برعايتها لإنهاء الصراع وإرساء السلم والاستقرار فى سوريا .
والجديد على صعيد الوضع فى سوريا تمثل فى الموافقة على قرار بعنوان "أزمة اللجوء السورى" تضمن تكليف مجلس الجامعة العربية على المستوى الوزارى بوضع آلية محددة لمساعدة الدول العربية المجاورة لسوريا، والدول العربية الأخرى المضيفة للاجئين السوريين وفق مبدأ تقاسم الأعباء، بما يمكنها من الاضطلاع بالأعباء المترتبة على استضافتهم من مختلف الجوانب المادية والخدمة.

ويلفت القرار النظر إلى أن وجود اللاجئين السوريين على أراضى الدول المضيفة هو وضع مؤقت، والعمل على تهيئة الظروف والأجواء التى تضمن عودتهم إلى بلادهم فى أسرع وقت ممكن من خلال عمل جماعى يعيد تأهيل هؤلاء اللاجئين للإسهام بإعادة بناء بلدهم وتخطى المصاعب والعقبات التى خلفتها سنوات الحرب.
ويحث القرار المجتمع الدولى وبخاصة الدول والمؤسسات المانحة على تحمل مسئولياتها وعلى تقديم مزيد من الدعم للدول المضيفة للاجئين السوريين، بما يواكب حجم الأعباء التى تضطلع بها تلك الدول.

أما على صعيد تطورات الوضع فى ليبيا، فقد أكد القادة العرب مجددا على الالتزام باحترام وحدة وسيادة ليبيا وسلامة أراضيها وعلى رفض التدخل الخارجى أياً كان نوعه ما لم يكن بناء على طلب من المجلس الرئاسى لحكومة الوفاق الوطنى وبالتنسيق معه، والإعراب عن القلق البالغ إزاء تمدد أعمال الجماعات الإرهابية فى ليبيا.
والتشديد على ضرورة الحل السياسى الشامل للأزمة فى ليبيا، ودعم التنفيذ الكامل للاتفاق السياسى الليبى الموقع فى الصخيرات بتاريخ 17 ديسمبر 2015، والتأكيد مجدداً على دعم الحوار السياسى القائم تحت رعاية الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة فى ليبيا والممثل الخاص للأمين العام لجامعة الدول العربية ودعم الجهود الثلاثية التى تبذلها كل من مصر وتونس والجزائر لحل الأزمة الليبية وتأييد البيان الذى صدر عن اجتماع وزراء خارجية الدول الثلاث الذى عقد فى تونس الشهر الماضى، فضلا عن دعم المجموعة الرباعية الدولية المكونة من الجامعة العربية والأمم المتحدة والاتحاد الإفريقى والاتحاد الأوروبى التى عقدت أول اجتماعاتها فى القاهرة فى الثامن عشر من مارس الماضى وتأييد البيان الذى صدر فى ختام هذا الاجتماع .

وأكد القرار الخاص بتطورات الوضع فى اليمن، على أمن واستقرار ووحدة اليمن وسلامة وسيادة أراضيه،ودعم ومساندة الشرعية الدستورية متمثلة فى الرئيس عبد ربه منصور هادى رئيس الجمهورية اليمنية والتشديد على أن الحل السلمى فى اليمن يستند إلى المرجعيات الثلاث المتفق عليها، والمتمثلة فى المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، ومخرجات مؤتمر الحوار الوطنى الشامل، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، خصوصا القرار رقم 2216، والإشادة بجهود المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد، لاستئناف العملية السلمية، بناء على المرجعيات المشار إليها.

ويشيد القرار بمواقف الحكومة اليمنية الداعمة للجهود الأممية لتحقيق السلام فى اليمن، ومساعيها لإيقاف الحرب، ولتخفيف المعاناة الإنسانية للشعب اليمنى، ولتدفق الاحتياجات الغذائية والدوائية، وإيصال الرواتب لجميع مناطق اليمن، وإعادة إعمار ما دمرته آلة الحرب الانقلابية، ومحاربة التطرف والإرهاب، وإعادة بناء مؤسسات الدولة المدنية والعسكرية فى المناطق التى تم تحريرها من سيطرة القوى الانقلابية.

وأكد القادة فى قرار حول "التدخلات الإيرانية فى الشئون الداخلية للدول العربية"، أهمية أن تكون علاقات التعاون بين الدول العربية والجمهورية الإسلامية الإيرانية قائمة على مبدأ حسن الجوار والامتناع عن استخدام القوة أو التهديد بها، وإدانة التدخل الإيرانى فى الشئون الداخلية للدول العربية، باعتباره انتهاكا لقواعد القانون الدولى ولمبدأ حسن الجوار وسيادة الدول، ومطالبة الجمهورية الإسلامية الإيرانية بالكف عن الأعمال الاستفزازية التى من شأنها أن تقوض بناء الثقة وتهدد الأمن والاستقرار فى المنطقة .
كما يدين ويستنكر القرار تصريحات المسئولين الإيرانيين التحريضية والعدائية المستمرة ضد الدول العربية، ومطالبة حكومة الجمهورية الإسلامية الإيرانية بالكف عن التصريحات العدائية والأعمال الاستفزازية، ووقف الحملات الإعلامية ضد الدول العربية باعتبارها تدخلا سافرا فى الشئون الداخلية لهذه الدول .
وشدد القرار على مطالبة حكومة الجمهورية الإسلامية الإيرانية إلى الكف عن السياسيات التى من شأنها تغذية النزاعات الطائفية والمذهبية والامتناع عن دعم الجماعات التى تؤجج هذه النزاعات فى دول الخليج العربي، ومطالبة الحكومة الإيرانية بإيقاف دعم وتمويل الميليشيات والأحزاب المسلحة فى الدول العربية .

سوريا.. الغائب الحاضر فى قمة عمان
برغم مضى أكثر من ستة أعوام على قرار جامعة الدول العربية بتجميد عضوية سوريا فى جامعة الدول العربية.. ظلت سوريا الغائب الحاضر فى قمة الأردن، إذ جاء ظهور مقعدها الخالى فى عدة لقطات بثها التليفزيون الأردنى خلال الاجتماعات التحضيرية، وخلال القمة ربما ليؤشر لرسالة أرادت بها الأردن الدولة المضيفة للقمة أن تقول للقادة المشاركين فى أعمالها وعلى رأسهم المعارضون لرفع تجميد العضوية عن سوريا.. كفى.. وعلينا أن نعيد النظر بعد أن خرجت الأزمة عن مسارها العربى، وباتت أمورها فى أياد خارجية تقرر مسارها من دون أمل فى تسويتها عسكريا آو حتى سياسيا.
وبدا الجدل الذى ترشح فى أجواء القمة حول الموقف العربى المنقسم بشأن سوريا، وبين التأكيد ضرورة لم الشمل العربى بهدف إحياء الدور فى أزمات المنطقة مثيرا للدهشة، وسط خلاف وانقسام طرح نفسه على أعمال القمة وعلى مستقبل الأزمة السورية واستمرار تجميد عضوية سوريا، ولعل ذلك كان واضحا فى حديث أيمن الصفدى وزير خارجية الأردن عن ضرورة تعزيز العمل العربى المشترك. بينما تناول الأمين العام أحمد أبو الغيط الأزمة السورية بصورة واسعة، مطالبا بالعمل العربى لإنهاء القرارات الإقليمية بخصوصها، ووقف التدخلات الخارجية فيها.
هذا التناقض يقابله تناقض آخر إذ لا يحتوى ميثاق جامعة الدول العربية على إجراء محدد تحت مسمى تعليق أو تجميد العضوية، لكنه نص على الطرد أو الفصل فى المادة 18 منه، التى تقول إن "لمجلس الجامعة أن يعتبر أى دولة لا تقوم بواجبات هذا الميثاق منفصلة عن الجامعة، وذلك بقرار يصدره بإجماع الدول عدا الدولة المشار إليها". وفى هذا السياق أيضا استخدمت الجامعة العربية مبدأ التعليق مع الحالة السورية، حينما قررت فى 12 نوفمبر 2011 تعليق مشاركة وفود حكومة الجمهورية العربية السورية فى اجتماعات الجامعة.
ويبدو أن قرار جامعة الدول العربية بتعليق عضوية سوريا مجرد حرمان للوفود السورية الرسمية من حضور اجتماعات الجامعة والمنظمات التابعة لها، دون تجميد لعضوية سوريا، أو فصل لها من الجامعة بطبيعة الحال. فيما شهدت آخر قمة عربية فى قطر حضورا لممثلين من المعارضة السورية فى أعمال القمة عام 2013 وهى القمة التى اعترفت بالائتلاف الوطنى لقوى الثورة والمعارضة السورية ممثلا شرعيا للشعب السوري. وبذلك أعطى مقعد سوريا فى القمة لهذا الائتلاف. ورفض هذا القرار كل من الجزائر ولبنان والعراق.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.