ابنة شهيد تجسد بطولات والدها في عرض مسرحي بجامعة حلوان    منال عوض: تحويل منطقة اللاجونا إلى مركز ترفيهي عالمي لصون الموارد الطبيعية    ترامب: حرب أوكرانيا تداعياتها خطيرة على الأمن العالمي وأعمل على إنهائها    البروفة الأخيرة للقمة، الأهلي يخطف فوزا مثيرا على حرس الحدود 2/3 (فيديو وصور)    3 نوفمبر، موعد استئناف البلوجر أم سجدة على حكم حبسها    الصحة تكشف حقيقة تعرض مواطنة للإهمال الطبى بمستشفى أم المصريين (فيديو)    "صابر" يتفقد أعمال التطوير الجارية بمنطقة القاهرة الخديوية    محافظ الجيزة يعقد اللقاء الأسبوعي لبحث شكاوى المواطنين    وفاة وإصابة 13 شخصا في تصادم ميكروباص مع جامبو بالشرقية    علي الحجار نجم إحتفالية 6 أكتوبر على مسرح البالون    الواسطى وناصر ببنى سويف يستعدان لفصل الشتاء بهذة الإجراءات (تفاصيل)    وكيل صحة شمال سيناء يتفقد انتظام العمل بمستشفى العريش    ليفربول يخطط لمكافأة جرافينبيرج بعقد جديد    رونالدو يحتفل باليوم الوطنى ال95 للمملكة بالزي السعودي.. صور    محافظ المنوفية يلتقي رئيس الجامعة لبحث أوجه التعاون وتعزيز الشراكة    «سلم الراية.. في قنبلة موقوتة».. نجم الأهلي السابق يطالب الخطيب بالابتعاد عن النادي    نابولي يعلن تجديد عقد ماتيو بوليتانو    التعليم العالي: اليوم آخر فرصة للتقديم الإلكتروني لطلاب التكنولوجيا التطبيقية    اليوم العالمي للغة الإشارة.. 4 خطوات أساسية لتعلمها وإتقانها    محافظ الدقهلية يتابع حملة الكشف عن تعاطي المواد المخدرة والمخالفات المرورية    مصر تستضيف ورشة عمل اللجنة الدولية المعنية بتعزيز سياسات حماية المستهلك    اليوم.. ذكرى ميلاد أسطورة الصحافة العربية محمد حسنين هيكل    أبراج تفضل الزواج عن حب ومالهاش في الصالونات.. برج الحمل والأسد الأبرز    كل ما تريد معرفته عن إجراءات حجز شقق «سكن لكل المصريين 7»    المستشار محمود فوزي يبحث مع وزير الشباب مبادرات مشتركة تستهدف توعية وتأهيل النشء    محافظ الدقهلية: فتح عيادة أطفال ونقل لجنة القلب إلى مركز سندوب    «أسوشيتد برس»: نصائح الدكتور ترامب للنساء الحوامل بشأن باراسيتامول خطيرة وغير مثبتة    عبلة الألفى تطالب بأهمية التوسع فى الولادة الطبيعية بمنظومة رعاية الأم والطفل    التفاصيل الكاملة لألبوم مصطفى قمر الجديد «قمر 25» وموعد طرحه    رفع 400 حالة إشغال متنوع بمنطقة السوق السياحى بأسوان    بالمستند.. «التعليم» تصدر تعليمات بشأن دراسة مادة اللغة الأجنبية الثانية    إيران: اليورانيوم المخصب بنسبة 60% ما زال تحت الأنقاض    دول غربية تعرض المساعدة في علاج مرضى من غزة في الضفة الغربية    أجواء خريفية معتدلة صباح غد وشبورة واضطراب بالملاحة والعظمى بالقاهرة 32    نائب ب«الشيوخ»: قرار الرئيس بالعفو عن عدد من المحكوم عليهم يعكس البُعد الإنساني ويعزز قيم العدالة والتسامح    حدفوه بطوبة من الخارج.. إصابة تلميذ في الرأس داخل مدرسة ابتدائية بقنا    دعاء استقبال شهر ربيع الآخر 1447.. ردده الآن    أعضاء «الشيوخ» الجدد يتوافدون على المجلس لاستخراج بطاقات العضوية    نسرين عكاشة: موافقتي على جزء سادس من مسلسل "ليالي الحلمية" غلطة وندمانة عليها    محافظ أسيوط يشهد احتفالية تكريم المتفوقين من أبناء دار الصفا لرعاية الأيتام    ميدو يهاجم رابطة الأندية بسبب مباراة الزمالك والجونة    خطة أمنية لتأمين مباراة الزمالك والجونة باستاد القاهرة الليلة    وزيرة الخارجية البريطانية تشن هجوما جديدا على نتنياهو بسبب أطفال غزة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 23-9-2025 في محافظة الأقصر    كجوك يستعرض جهود تحفيز الاستثمار بالتسهيلات الضريبية والسياسات المالية الداعمة للإنتاج والتصدير    أسعار الخضروات بأسواق المنيا اليوم الثلاثاء23 سبتمبر 2025    الرئيس السيسي يستقبل رئيس رواندا في زيارة رسمية لتعزيز التعاون الثنائي    ما حكم صلاة مريض الزهايمر.. «الإفتاء» توضح    وزير الخارجية: قلقون لما يتعرض له التراث الفلسطينى من تدمير إسرائيلى    حكم لبس الحظاظة في الإسلام.. دار الإفتاء توضح    حكم فسخ الخطوبة بسبب ترك الصلاة.. دار الإفتاء توضح    آخر تحديث لسعر الذهب اليوم وعيار 21 الآن ببداية تعاملات الثلاثاء 23 سبتمبر 2025    نجم المصري السابق: الكوكي أقل من النادي.. والساعي إضافة قوية للفريق    غضب داخل المصري من الكوكي عقب التعادل أمام فاركو.. وعقوبات على اللاعبين    بعد البيانو.. سميح ساويرس يكشف عن حلمه الجديد: أستعد لإخراج أول أفلامي.. وهذه نصيحي للشباب    الداخلية تكشف ملابسات صورة جرافيتي على مبنى محافظة الدقهلية    رئيس الوزراء: القصف الإسرائيلي للدوحة سابقة خطيرة.. وندعو إلى اعتراف غير مشروط بدولة فلسطين    منتخب الشباب يفوز على نيو كاليدونيا بثلاثية استعدادا للمونديال    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من عدالة الشارع إلي عدالة القضاء
نشر في الأهرام اليومي يوم 03 - 09 - 2011

رغم أن الرئيس السابق حسني مبارك لم تبدر عنه‏,‏ في الجلسة الأولي من محاكمته‏,‏ إلا عبارة قصيرة أثبت بها حضوره‏,‏ فقد وجدت في كلامه وفي صمته وفي اجراءات المحاكمة ما يدعوني إلي أن أتوقع أن تكون هذه المحاكمة مدخلا إلي مرحلة جديدة في سياق الأحداث الراهنة‏.‏ وشجعني علي ذلك ما سجله الاستاذ صلاح منتصر من ملاحظات علي أداء مبارك مقارنة بأداء ولديه. وأحب أن أضيف أن وزير الداخلية الأسبق حبيب العادلي كان هو الآخر أوضح ثقة واطمئنانا من مساعديه الجالسين وراءه في القفص.
لكني لا أريد هنا أن أتحدث عن أي من المتهمين سوي الرئيس السابق, لأشير إلي أن الحرص علي القصاص الذي يأخذ حق الشعب كاملا ممن يثبت عليه جرم لا يستدعي شيطنة المتهم واخراجه من زمرة المواطنين ومن زمرة البشر. وقد تكون هذه المحكمة فرصة تتاح لمبارك الأب يستعيد فيها بعضا من ملامح المواطن/ الانسان قبل أن يخرج نهائيا من المشهد السياسي بريئا أو مدانا.
ألم يحدث شيء مماثل لصدام حسين؟ لقد حوكم صدام وأدين وأعدم. وأكدت المحاكمة تورطه في جريمة ضد الانسانية. لكن الكثيرين تعاطفوا مع كبريائه وتماسكه ومنطقه الرزين الحازم حتي وهو يواجه قضاة لم يشك أحد في أنهم سيحكمون عليه بالموت.
فهل هناك تشابه بين صدام ومبارك؟
نعم, الشبه كبير. لقد ظن كل منهما أنه ماهر في لعبة الأمم, وأن هذه المهارة تطلق يده في الداخل ليفعل بشعبه ما شاء. لكن صدام حسين, المغامر نصف المتعلم أدار السياسة الخارجية لبلاده علي نحو انتهي إلي احتلال مهين, في حين حافظ مبارك علي الجيش والهيكل الدستوري والقانوني للدولة, وكانت النتيجة أن حوكم صدام أمام قضاة استمدوا شرعيتهم من سلطة الاحتلال, فيما يحاكم مبارك أمام قضاة نطمئن اليهم لأن سلطتهم مستمدة من الأمة المصرية.
وعلي الصعيد الداخلي, فإن ما فعله صدام حسين بالأقلية الكردية وبالأغلبية الشيعية في العراق, بل وبزملائه وأعوانه وأقاربه, وضعه في فئة من الحكام لم يتدن اليها حاكم عربي من معاصريه, ولا حتي معمر القذافي.
أترك صدام في قبره وأعود إلي حسني مبارك الذي وصل إلي حيث هو الآن عن طريقين: الأول أنه سعي للحفاظ علي سلام مصر والمنطقة وحارب الارهاب ذودا عن بلادنا وعن مصالحها داخليا وخارجيا, ثم حول برنامجه الوطني هذا إلي دفاع مخلص عن المصالح الأمريكية والإسرائيلية بأي ثمن وفي أي مكان من العالم. والثاني انه استرضي المجتمع الدولي باعلان الليبرالية الاقتصادية واكتفي بالجانب الإعلامي والمظهري من الليبرالية السياسية, متذرعا بخصوصية الوضع المصري, ثم حول هذه الخصوصية إلي الاستفراد ببلد تصور أنه غنيمة مباحة له ولمن حوله.
لم ينتبه مبارك إلي أن البقاء لهذه المدة الطويلة في الحكم يعني الابحار عبر فترات يتغير فيها كل شيء, وأن من ساندوه بالأمس قد لا يساندونه اليوم, والأخطر انه لم ينتبه إلي أن التحولات في تكنولوجيات الاتصال وفي الأوضاع الديموغرافية تتفاعل مع ما اعتبره ليبرالية مظهرية وتولد من هذه المظهرية قوة حقيقية تهدد سلطته.
ثم وقع زلزال خريف2008 وبدأ العالم الصناعي يترنح تحت ثقل النهب الرأسمالي الأخرق والحرب المطولة ضد عدو وهمي. واختارت أمريكا رئيسا من الفئات الأكثر تضررا من أخطاء الفترة السابقة وقذفت بجورج بوش وديك تشيني وسياساتهما إلي ظلال النسيان. في حين ظل مبارك يدير البلاد أو يترك لغيره إدارة البلاد دون مراعاة لحقيقة أن دوره قد انتهي.
ظل مبارك مسندا رأسه علي عصاه وديدان السرقة من اللصوص والجلادين والعملاء تأكل العصا من أسفل, وفراشات الليبرالية تهزها بأجنحة الاحتجاج السلمي الرقيق. ولم يتصور أحد قبل الخامس والعشرين من يناير الماضي أن زمن الفراشات الملونة يقترب, أو أن رفيف أجنحتها سوف يسقط الجبار النائم. وحدثت المعجزة: سقط الجبار وتحولت الفراشات الملونة أسودا تواجه الهراوات والدروع والغاز وطلقات الرصاص. ملأوا كل الساحات في كل مدن مصر وقراها, فلم يعد للعالم الصناعي المجهد المترنح علي هاوية الافلاس, بافتراض أنه اكترث لمصير مبارك, موطئ قدم علي مسرح الأحداث الداخلية. واختفي الرئيس بعيدا ولم نره ثانية إلا في قفص الاتهام.
وأمامنا الآن فرصة مزدوجة: أن نعرف حدود الخصومة ونعقل أساليب إدارة الاختلافات, وأن ننتقل من عدالة الشارع, التي يقف دورها عند تغيير الاتجاهات العامة, إلي عدالة القضاء, القادرة وحدها علي تنزيل الأحكام العامة علي الحالات الخاصة والمحددة. هذه فرصة لم يصنعها أحد بمفرده ولكن صنعتها الخصوصية المصرية التي أساء مبارك فهمها وإن لم يمنع هذا أن تعود عليه بقدر من النفع, قبل أن نطوي صفحته كواقع راهن ونسلمها إلي التاريخ ليصدر أحكامه علي الجميع من متهمين ومحامين وشهود.. وقضاة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.