علمنا التاريخ أن الثورات العربية كغيرها من الثورات تمر بثلاث مراحل هي: مرحلة الهدم, بإسقاط النظام السابق ورأسه وأركانه ورموزه ومؤسساته, والمرحلة الانتقالية وهي الأكثر خطورة. لكونها عادة ما تكون كل الاحتمالات فيها واردة بما فيها الانقسام بين الثوار وشيوع الفوضي والتدهور الأمني, واحتمال الدخول في حالة حرب أهلية, أما المرحلة الثالثة فهي تأسيس نظام جديد يحقق مطالب الشعب, والملاحظ أن ثورتي مصر وتونس لا تزالان تخوضان المرحلتين الأولي والثانية, وان ثورات ليبيا وسوريا واليمن لم تراوح حاليا المرحلة الأولي. وبالرغم من أنه ليس هناك في واقع الحال نموذج معين للثورات فإن الثورات العربية جمعت فيما بينها سمات مشتركة, في مقدمتها ان الشباب هو مفجرها ومحركها باعتبارهم قوة قادرة علي التضحية وصنع الأحداث بأساليب جديدة وعصرية وذلك عن طريق العمل المدني السلمي, بعيدا عن العنف في مواجهة أنظمة مستبدة كان طابعها جمهوريا في المظهر لكنها في الواقع ملكية تقليدية تسعي الي توريث الحكم للأبناء في مصر وليبيا واليمن كما هو الحال في سوريا. كما ألغت الثورات العربية فكرة كانت سائدة بأن الشعوب العربية تعاني الموت السريري, فقد أشعل الشباب هذه الثورات والتفت الشعوب حولها ودعمتها الجيوش وقد بدا ذلك جليا في ثورتي مصر وتونس للإطاحة بالأنظمة الفاسدة والديكتاتورية, فأصبح المواطن العربي موضع احترام وتقدير من العالم الذي اعتبر الثورات العربية علامة مسجلة لكل عربي أصبح يثور من أجل حريته وكرامته بعد ان كان متهما بالإرهاب. وإذا كانت ثورتا مصر وتونس قد تشابهتا في حياد الجيش وحمايته ودعمه للثوار ومطالبهم وتخليه عن النظام الفاسد السابق هو العامل الحاسم كي تحقق الثورتان اهدافهما, فإن العكس تماما يحدث الآن في ثورات ليبيا وسوريا واليمن, حيث يتم استخدام الجيش في قمع الثوار وقتلهم, ولهذا السبب لم يسقط الأسد والقذافي وصالح, لكن الأنظمة العربية الفاسدة والديكتاتورية سوف تسقطها الثورات العربية التي ستكون تداعياتها علي العالم كما قال أمور يورم وزير خارجية البرازيل اكثر من احداث11 سبتمبر. المزيد من أعمدة فرحات حسام الدين