التصعيد الاسرائيلي علي الحدود مؤخرا, وما أسفر عنه من تصاعد الاحتجاج الشعبي مطالبا بطرد السفير الاسرائيلي, وسحب السفير المصري, ووقف تصدير الغاز, الي مطالبة خبراء القانون الدولي بالغاء كامب ديفيد او تعديلها, يدل حقيقة علي أن مصر بعد ثورة25 يناير ليست هي مصر قلبها, وقد وصلت تلك الرسالة لاسرائيل. غير ان الرسالة الحقيقية التي ادركتها اسرائيل هي رسالة الشاب احمد الشحات الذي اعتلي العمارة وصولا للسفارة, وأنزل العلم الاسرائيلي من سماء القاهرة, ليرفع مكانه علم مصر, مصححا بذلك خطأ استراتيجيا ارتكبه الرئيس الراحل أنور السادات, واستمرأه الرئيس المخلوع حسني مبارك, وهذا الخطأ الاستراتيجي, تمثل في قبول قيام اسرائيل برفع علمها في القاهرة, بعد أن قام الجيش المصري الجسور بانزاله من القنطرة شرق, ليرفع مكانه علم مصر خفاقا علي ارض سيناء, في اثناء حرب اكتوبر1973, فهذا حزب الله يجبر اسرائيل علي سحب قواتها من جنوب لبنان بعد احتلال دام عشرين عاما, ولم يكن الثمن رفع العلم الاسرائيلي في سماء بيروت. ولمن يزعم أن رفع العلم الاسرائيلي في سماء القاهرة جاء تنفيذا للالتزامات التي فرضتها معاهدة السلام المصرية الاسرائيلية عام1979 او ما اطلق عليه كامب ديفيد نقدم له ردا علي زعمه بتلك المفاجأة القانونية, وهي ان مصر غير ملزمة بتنفيذ أي التزامات وردت في اتفاقية كامب ديفيد, حتي تقوم اسرائيل بتنفيذ قرار مجلس الأمن242 بكل أجزائه, وذلك اتفاقا مع ما جاء في اطار السلام في الشرق الأوسط المتفق عليه في كامب ديفيد والمؤرخ في17 سبتمبر.1978 ومن ثم فان ما قامت به مصر سواء في مرحلة السادات او في حقبة مبارك, من اقامة علاقات دبلوماسية وتجارية وثقافية وغيرها من العلاقات مع اسرائيل, أو من وضع ترتيبات أمنية في المناطق أ وب وج في سيناء بتحديد حجم وعدد القوات والأسلحةوغيره من امور عسكرية, والسماح للسفن والبضائع الاسرائيلية بالمرور عبر قناة السويس, وعبر خليج العقبة ومضيق تيران, والسماح لسفنها بالمرور البريء في البحر الاقليمي, والموافقة علي قيام الطائرات الاسرائيلية بالطيران في اجواء السماء المصرية سواء للنزول في مطاراتها, او للاقلاع منها, او للمرور العابر, والموافقة علي تصدير البترول والغاز, وتأجيل محاكمة مجرمي الحرب الاسرائيليين لقتلهم جنود مصر من الأسري اثناء الحروب السابقة, وتأجيل الحصول علي التعويضات المناسبة منها جراء تلك الجرائم, وجراء نهبها للبترول المصري في سيناء, وغير ذلك من امور, تم جميعه استنادا الي مبدأ قانوني مهم في العلاقات الدولية يطلق عليه مبدأ المجاملة الدولية, حيث وافقت حكومات مصر وقتها, علي عدم ربط تنفيذ التزاماتها بقيام اسرائيل بتنفيذ القرار242 بكل اجزائه, بحجة باعتها لنا الادارة الامريكية وهي منح اسرائيل فرصة للتعزف علي مزايا السلام, حتي تقنع شعبها وتقدم علي تنفيذ التزاماتها بموجب القرار242, ومن أهم الالتزامات الملقاة عليها بموجبه هو الانسحاب من الأراضي الفلسطينية حتي حدود قرار التقسيم181 لعام1947 بما في ذلك مدينة القدس, والسماح بعودة اللاجئين الفلسطينيين لديارهم وتعويضهم عملا بحكم القرار194 لعام1949, ولكن اسرائيل استمرأت تلك المجاملة الدولية التي استطالت لمدة اربعين عاما او يزيد. صحيح ان اسرائيل انسحبت من الأراضي المصرية التي احتلها في عام1967, باستثناء طابا حيث افتعلت منازعة بصددها, بغرض استلاب مثلث ام الرشراش المصري, برؤوسه رفح ام الرشراش ايلات- طابا, الذي احتلته في العام1949, ومنفذ العوجة الذي استولت عليه في العام.1951 ولكن المفاوض المصري نجح ليس في استعادة جل طابا فحسب وانما نجح أيضا في فتح الباب علي مصراعيه لاستعادة المثلث والعوجة. وهذا الانسحاب الاسرائيلي من سيناء, يعد تطبيقا للمبدأ الدولي المقر بعدم جواز جني المعتدي ثمار عدوانه, ومن ثم اضحت كامب ديفيد تبعا لذلك بمثابة اتفاقية جلاء, يتم يمقتضاها سحب اسرائيل لقواتها في اثناء عملية الانسحاب. عليه تصبح المطالب الشعبية الثورية, ليس بسحب السفراء فحسب,وانما بإلغاء العلاقات الدبلوماسية وليس قطعها وغيرها بما في ذلك وقف تصدير الغاز وغير ذلك من إجراءات تمت وفقا لمبدأ المجاملة الدولية, تصبح مطالب مشروعة وان كان هناك اعتراض من جانب اسرائيل فلنذهب لمحكمة العدل الدولية لاستصدار فتوي منها. أما بخصوص تعديل نصوص المعاهدة, والتي تضمنت نصوصا مخادعة, فله مقال اخر. المزيد من مقالات المستشار: حسن احمد عمر