الشعب يريد محاكمة مبارك. شعار يرفعه الشارع المصري ويردده المصريون كل يوم باعتباره ضرورة لإصلاح البلاد ودليلا علي نجاح الثورة. ولكن ما لا يدركه الشعب هو أن أي محاكمة لا تعني بالضرورة الإدانة, بل قد تنتهي ببراءة المتهم من ارتكاب الجريمة. ولو حدث وعلمنا سلفا بمنطوق الحكم قبل استكمال الإجراءات الخاصة بأي محاكمة فهذا يعني أننا أمام فساد قضائي يجب التصدي له. الشارع المصري لا يدرك ذلك بل يظن أن محاكمة مبارك تعني بالضرورة القصاص منه بل والحكم عليه بالإعدام بسبب ما ارتكبه من جرائم في حق المجتمع وفي حق المتظاهرين أثناء الثورة. ودليلنا علي ذلك هو رفض الشارع لبعض أحكام البراءة التي صدرت في حق بعض المتهمين بالفساد. ولكن علينا أن ندرك أن القاضي العادل يتعامل مع تهمة القتل العمد تعاملا خاصا لأن عقوبة المذنب قد تكون الإعدام ولذلك فإن هيئة المحكمة تتعامل مع الأدلة المتاحة أمامها بحذر بالغ وتفسر أي شك لصالح المتهم لأن الأمر يتعلق بحياة إنسان يجب الحفاظ عليها ما لم يرتكب يقينا ما يبرر عكس ذلك. وكما أكد لي أحد كبار رجال القضاء في مصر فإن الحكم بالإعدام لا يصدر مطلقا ما لم يطمئن ضمير القاضي إلي أن المتهم فعل ما يستحق ذلك. ومن حق القاضي تجاهل الشواهد والأدلة المتاحة أمام المحكمة إذا لم يطمئن لها كلية ولا يستخدمها للحكم بالإعدام. كما أن من حق القاضي تخفيف الحكم الصادر علي المتهم وفقا لتقديره الشخصي حتي ولو ثبت إدانته يقينا, فيستبدل الإعدام بالمؤبد أو السجن. وفي قضية مبارك التهمة الموجهة إليه تتعلق بوقائع قتل وبالتالي سيكون علي الإدعاء اثبات أن الرئيس السابق أمر(دون لبس) بقتل المتظاهرين حتي يحكم عليه بالإدانة. خلاصة القول... أولا: محاكمة مبارك ضرورة ولكن لا يجب اختزال أهداف الثورة في محاكمة شخص ما ولو كان الرئيس السابق. ثانيا: علينا القبول بحكم المحكمة مهما كان وأي اعتراض عليه يجب أن يتم وفقا للقانون ثالثا: الانتقام فقط لا يكفي لبناء مستقبل دولة. [email protected] المزيد من أعمدة سامح عبد الله