خطر الفكر المتطرف! ليس هناك خطر يعادل خطر الفكر المتطرف الذي يقود أي مجتمع صوب الفوضي لأنه سواء كان هذا الفكر المتطرف سياسيا أو اقتصاديا أو فكرا اجتماعيا أو دينيا فإنه يشكل تلقائيا البيئة الحاضنة للانفلات المجتمعي وضياع هيبة الدولة. ومن علامات الفكر المتطرف في مساراته المتنوعة التعامل الانفعالي مع الأمور من خلال منظار أسود لا يري سوي أخطاء الفكر المخالف له تحت مظلة من سوء الظن والتشكيك في كل شيء. والحقيقة أن فكر التطرف ليس سوي امتداد لفكر الاستباحة الذي ابتدعه الفوضويون في العصور الغابرة لإسقاط العصمة عن الذين يخالفونهم الرأي حتي يمكن استباحة حقوقهم وممتلكاتهم وأرواحهم بأدوات الترويع والتخويف دون وازع من خلق أو ضمير! وسواء كان الفكر المتطرف مرتكزا إلي دعوات الانغلاق والردة أو مرتكزا إلي دعوات الانفتاح والأحلام الوردية فإن منهجه يقوم علي إحداث فجوة بين سائر فئات المجتمع عن طريق ترويج الأكاذيب والمفاهيم المغلوطة ومحاولة جذب انتباه الرأي العام نحو معارك هامشية تشغله بعيدا عن همومه وقضاياه الحقيقية. والتاريخ يشهد بأن هذا الفكر المتطرف- بصرف النظر عن كونه فكرا سياسيا أو اقتصاديا أو اجتماعيا أو دينيا- كان هو معول الهدم الرئيسي للعديد من الثورات النبيلة والمشروعات النهضوية من خلال المبالغة في سقف المطالب والطموحات دون قراءة موضوعية للواقع المتاح! وظني أن مصر تحتاج اليوم وأكثر من أي وقت مضي إلي توحد وتضامن مفكريها ومثقفيها وعموم مواطنيها لاحتواء وصد كل ما يمكن اعتباره فكرا متطرفا يرتدي عباءات حسن النية ولكنه يتعامي عن رؤية الحجم الحقيقي للمخاطر والتحديات التي يمكن أن تترتب علي محاولات القفز نحو المجهول! إن الفكر المتطرف يملك جاذبية الحشد التلقائي والتأثير العفوي ومن ثم لا يهزمه إلا فكر مستنير يتسلح بأدوات الفهم والمعرفة في المقام الأول!
خير الكلام: إذا جادلت عاقلا أقنعته... وإذا جادلت جاهلا خسرته! المزيد من أعمدة مرسى عطا الله