العناوين التي زفتها بعض الصحف القومية والحزبية والمستقلة بعد جمعه وحدة الصف والإرادة الشعبية أو جمعة لم الشمل كما أطلق عليها نجدها تسير في منعطف واحد هو سيطرة الجماعات الإسلامية والسلفيين والإخوان المسلمين على ساحة ميدان التحرير الذي امتلئ على آخرة من جميع الاتجاهات، واثبت التيار الديني في مصر هو الوحيد القادر على لم الشمل من خلال تواجد أعداد غفيرة منه في التحرير والميادين الأخرى في جميع المحافظات. فجاء عنوان صحيفة الوفد "التحرير إسلامي نهارا.. مدني ليلا" فيما جاء عنوان صحيفة الدستور "الإسلاميون يسيطرون على الميدان وانقسام في صفوف القوى السياسية" بينما جاء عنوان صحيفة الأهرام "التحرير بدأ متحدا.. وانتهى منقسما" وجاء عنوان صحيفة الشروق "مليونية بمرجعية إسلامية". المتأمل لتلك العناوين يجدها خلت من أي عناوين تعبر عن مطالب الثوار التي ظلت تتصدر الصحف طوال الفترة الماضية، وذلك بسبب سيطرة الجماعات الإسلامية على أنحاء الميدان من خلال اللافتات الدينية بالإضافة إلى أن جميع المنصات توحدت على هتاف واحد تقريبا هو "الشعب يريد تطبيق شرع الله" و"ارفع صوتك بالتكبير.. الشريعة من التحرير" إلى جانب الهتافات المؤيدة للمجلس العسكري ومنها "الجيش والشعب إيد واحدة" و"ألف تحيه للمشير من قلب ميدان التحرير". اللافت للنظر أن جمعة لم الشمل صارت جمعة الفرقة، وذلك كان واضحا من خلال انسحاب أكثر من 30 حزبا وحركة وائتلاف من المليونية احتجاجا على انتهاك عدد من القوى الإسلامية الصارخ لكافة الاتفاقات مع القوى السياسية المدنية والمجموعات الثورية والائتلافات الشبابية. الملاحظ أيضا في الانقسامات التي ظهرت في مليونية يوم الجمعة الماضية هي انقسامات جوهرية بين مؤيد ومعارض للدولة الإسلامية ومؤيد ومعارض للدولة المدنية والعلمانية، فهناك تخوف من قبل العلمانيين من التيار الديني الذي في إمكانه الوصول إلى السلطة عبر صناديق الانتخابات الحرة. ومن هنا يتبادر إلى الذهن عدة تساؤلات منها هل ستعطى المرأة جميع حقوقها إذا سيطر التيار الديني على الحكم في مصر؟.. وهل إذا أصبحت مدنية ديمقراطية سيكون سبب لإبعاد الناس عن عبادتهم ودينهم؟ المؤكد أن نزول التيارات والجماعات الإسلامية بكامل قوتها في ميدان التحرير وجميع محافظات مصر هي رسالة إلى جميع القوى السياسية والائتلافات الشبابية بأن التيار الديني متواجد بقوة وله تأثير في العملية السياسية ومستقبل مصر. ولذلك لابد من تماسك وتوحد جموع المصريين بمختلف انتماءاتهم وجماعاتهم وأحزابهم وفصائلهم وائتلافاتهم، وتقديم مصلحة الوطن العليا على المصلحة الشخصية أو الحزبية وحل الخلافات الفكرية والسياسية لتأسيس دولة مصرية جديدة عبر انتخابات برلمانية ورئاسية ديمقراطية المزيد من مقالات عماد الدين صابر