أصبح مصطلح «الناشط السياسي» يطلق هذه الأيام على كل من هب ودب، حتى أصبحت القنوات الفضائية لاتستضيف غير النشطاء السياسيين، والصحف السيارة لا تأخذ تصريحاتها الا من النشطاء السياسيين، والمجلس العسكرى لايجتمع إلا بالنشطاء السياسيين، حتى أصبحت مصر كلها عبارة عن نشطاء سياسيين. وكأنها مهنة جديدة أضيفت الى المهن المرموقة. ولماذا لاتصبح البلد كلها نشطاء سياسيين وهذا المصطلح يطلق على كل من قام بزيارة ميدان التحرير مجرد زيارة وكل من قام بانشاء مدونة على شبكة الانترنت، وكل من أسس «جروب» يتحدث باسم الثورة من ائتلافات الثورة التى تخطت ال 200 ائتلاف. ونشاهد هذه الأيام وجوها تطل علينا مرتدية عباءة «الناشط السياسي» أو الرخصة الدولية لقيادة المجتمع، ليقولوا ما لا يفعلون، ويرسموا مخططا وسياسات ورؤى لمستقبل هذا البلد الذى لايعنيهم فى شئ، إنما تعنيهم مصالحهم الخاصة. لمن يتذكر اننا كنا فى الماضى القريب عندما نسمع كلمة «ناشط سياسي» فى التليفزيون كان الماشى فينا يقف، والواقف يجلس، والجالس يفتح عينيه على آخرها للتركيز فيما يقول الناشط السياسى الذى لانشاهده إلا نادرا، ولكن هذه الأيام أصبح النشطاء السياسيون كغثاء السيل. وأتذكر ذات يوم عندما تم استضافتى فى اذاعة البرنامج العام بعد حصولى على جائزة صحفية وفوجئت «قبل الهواء» بمذيع الحلقة يخبرنى بأنه سيقدمنى للمستمعين بصفة «الكاتب الصحفى الكبير» وكنت وقتها لم أتعد ال 27 عاما، وعمرى فى مهنة الصحافة لم يتخط الخمس سنوات، وما كان منى غير الرفض بأدب، قائلا له اننى اعتز بصفة «صحفي» مجردة من أى زيادات. وأعتقد ان العيب هنا ليس عيب من يطلق على نفسه هذا المصطلح «ناشط سياسي» ولكنه عيب من يقدمه بهذا الأسم، وأقصد الاعلام الذى أصبح لاحول له ولاقوة، ويضعف أمام أى شخص يطلق على نفسه هذه الصفة، فلابد من تقنين هذا المصطلح، وإعطائه لمن يستحق.