التمويل الثوري! آن الأوان لإصدار قرارات استثنائية وحاسمة تنظم ما تسمي بالمنح الخارجية لمنظمات المجتمع المدني التي كانت في الماضي تتم بشكل سري أخذت الآن علانية واضحة يخشي معها شراء الذمم والخضوع للأجنبي لتنفيذ أجندات ومآرب, وتتعارض مع تطلعات مجتمعنا للاستقلالية والوطنية والنزاهة. الخطير في الأمر هو ذلك السباق المحموم نحو تشكيل ائتلافات وأحزاب وجمعيات تسعي بالأساس إلي الحصول علي مثل هذا الدعم الذي لن تستطيع الاستمرار علي الساحة بدونه في ظل ضعف العضوية فيها والذي هو السمة العامة حاليا لمثل هذه التجمعات التي لا تنشد أكثر من جمع بطاقات شخصية لاستكمال النصاب القانوني لإشهارها. فقد وصل سعر (تأجير) بطاقة الرقم القومي في المحافظات المختلفة بمدنها وقراها ما بين 300 إلي 500 جنيه لاستخدامها فقط في عمل توكيل وهمي لحزب ما في غياب صاحب البطاقة حيث يتم ذلك بصورة جماعية سوف تجعل الطعن علي شرعية هذه الأحزاب أمرا يسيرا في المستقبل. وهذه القضية يجب أن تفتح باب النقاش واسعا حول مصدر هذه الأموال وخطورة ذلك علي الاستقرار العام في مصر خاصة أن هذا الدعم الخارجي لم يعد يقتصر علي المنظمات الأهلية فقط وإنما امتد إلي بعض مرشحي الرئاسة كما هو واضح من اتهامات أحدهم للآخرين إذا ثبتت صحة هذه الاتهامات حيث يصعب علي أي مواطن شريف أن يتصور أن رئيس مصر المقبل هو من صنع دولة أجنبية أو جهاز مخابرات لدولة ما. وفي ظل حالة الهرج والمرج والاختراق الحاصل لمجتمعنا حاليا قد نجد أن من يطالبون بوضع شخص ما علي رأس إحدي الوزارات إنما ينفذون هم أيضا مطالب مرتبطة بهذه الأموال وهو الأمر الذي يجب وضعه في الحسبان حال اختيار أي مسئول حيث لا يعقل أن تفرض مجموعات ضغط ما علي الدولة أسماء وزراء أو كبار مسئولين في مواقع حساسة تتطلب في كل دول العالم تدقيقا عاليا وسيرة ذاتية غاية في النصاعة. وإذا كنا في أزمنة سابقة قد راعينا هذا البعد فأحري بنا أن نمعن خلال هذه المرحلة بالذات التدقيق في الأسماء المطروحة خاصة بعد أن أصبح مكتب رئيس الوزراء سداحا مداحا ليس خلال مشاورات التشكيل الوزاري فحسب وإنما علي مدي الأزمة وهو ما أثار امتعاض واستنكار رجل الشارع الذي أصبح يؤثر الصمت في مواجهة ضجيج الميدان. وعلي أية حال فإن رصدا سريعا لحجم ماتم إنفاقه من عملات عربية وأجنبية في قلب ميدان التحرير وأخواته فقط منذ 25 يناير وحتي الآن يمكن أن يكشف لنا حجم المأساة التي عاشتها وتعيشها مصر. ملحوظة: أعتقد أنه إذا تم اختزال بعض أعمدة الرأي في صحافتنا في تبجيل الملحقين الإعلاميين هنا وهناك للحصول علي دعوة أو سفرية فقل علي الدنيا السلام, وإذا كنا في الماضي القريب لم نتعرض لمنع النشر إلا ما ندر فمن غير المعقول أن يتم ذلك الآن بتحريض من المتشدقين بالحرية والديمقراطية والمتحولون. المزيد من أعمدة عبد الناصر سلامة