لعبة ميكانو جديدة! لا تعرف صحافتنا اللحن الصحيح الذي يضبط إيقاع المجتمع ليصبح أكثر توافقا مع دولة القانون, يحترم القضاء ويعتبر أحكامه عنوان الحقيقة برغم الشعارات التي تشدو بها الصحف وهي تمتدح قضاءنا الشامخ, وكثيرا ما تقامر الصحف بنشر أخبار غير صحيحة, تشحن نفوس الشارع بمشاعر الشك والغضب والرغبة في الانتقام تجاه كل ما يجري حوله, بدعوي أنه مجرد باطل يكشف عن تآمر وتواطؤ, فالمحاكمات التي تجري لرؤوس النظام مجرد مسرحية هدفها كسب الوقت,ونزلاء طرة لا يقيمون في طرة, ولكنهم يخرجون عصرا, بعد الدوام, إلي منازلهم, ويتنزهون في بعض الأحيان علنا علي الكورنيش قريبا من قصر النيل! ويتسابق نجوم فضائياتنا علي ركوب موجة الثورة, يصنعون من شباب الثورة آلهة المستقبل تطلق أحكاما نهائية يصعب ردها, بدلا من تدريبهم علي رؤية الأبعاد المختلفة لحقائق الأمور, وكثيرا ما تطلق الفضائيات العنان لاتهامات شعبوية لا يقوم عليها أي دليل, لكنها تزيد الصورة تعقيدا بحيث يصبح الحل الوحيد المتاح هو هدم كل شيء بحجة أنه فاسد وباطل!. ومع الأسف يكاتف الجميع علي أن يصنعوا من الرأي العام وحشا مخيفا يصعب إشباعه لكثرة ما تغذي علي الأخبار والشائعات الكاذبة, يحكمه جنوح متزايد إلي تبرير العنف واهدار قيمة القانون, والاستهانة بقيم الاستمرار والاستقرار, والرغبة الشديدة في الثأر العاجل! والواضح أن الجهود الآن تتجه كلها إلي تدمير علاقة الشرطة بالشعب, بدعوي أن الكل باطل ابتداء من الوزير إلي الغفير, وأن المطلوب تفكيك الوزارة واعادة تربيطها من جديد وكأننا نعيش في فراغ وسديم, أو نتلهي بعلبة ميكانو جديدة تحمل اسم الفوضي البناءة, دون أن يسأل أي منا نفسه, هل يمكن أن يتحقق الأمن تحت الإكراه, وهل نتوقع أن يقوم ضابط شرطة بواجبه علي الوجه الأكمل في هذا المناخ بعد أن جردناه من حق الدفاع عن النفس؟!, وهل يمكن أن نطمئن إلي استقلال القضاء, إن كانت الأحكام ينبغي أن تصدر علي هوي أقارب المتهمين وإلا تم تدمير المحكمة أو المحافظة أيهما أكبر برغم كل الذي فعله قاضي السويس؟! المزيد من أعمدة مكرم محمد أحمد