الفساد وباء وظاهرة خبيثة يترتب عليه الكثير من الآثار الضارة بالمجتمعات, وهذه الظاهرة لحقت بجميع الدول سواء المتقدمة أو النامية أو الفقيرة فضلا عن تأثيراتها السلبية علي الديمقراطية وسيادة القانون كذلك تعد عقبة في طريق التنمية وتخفيف حدة الفقر. ونحمد الله أن ثورة 25 يناير كشفت لنا عن كم الفساد الهائل والجرائم التي ارتكبها رموز النظام السابق من أول الرئيس السابق وأسرته ورئيس الوزراء السابق وبعض الوزراء ورجال الأعمال, من نهب لأموال الشعب والاستيلاء بغير حق علي ثروات البلد ضاربين عرض الحائط بكل القيم والمثل حيث انهم خانوا الأمانة التي سلمت إليهم لخدمة الشعب وتحالفوا مع الشيطان ضد هذا الشعب الطيب المسالم وهربوا هذه الأموال التي استولوا عليها إلي الخارج في خزائن وبنوك أوروبا وأمريكا وها هم الآن أمام جهات التحقيق. وأستطيع الآن أن أقول وبكل ثقة أن هذه الأموال المهربة إلي الخارج ستعود إلي الوطن, وثقتي هذه لم تأت من فراغ ولكنها بعد دراسة متأنية لما تم من تحقيقات حتي الآن ودراسة أخري لاتفاقية الأممالمتحدة لمكافحة الفساد والتي وقع وصدق عليها 146 دولة من بينها مصر, وهذه الاتفاقية تعتبر رسالة واضحة بأن المجتمع الدولي متفق علي منع الفساد وكبحه وفيها تحذير للفاسدين بألا تسامح مع خيانة الثقة العامة بعد الآن. وفي سبيل اعادة الأموال وضعت الاتفاقية عددا من الاجراءات التي تمكن للدولة الاستعانة بها في طلب استرداد عوائد جرائم الفساد من خلال المساعدة القانونية المتبادلة والتعاون الدولي. كما أن ثقتي أيضا تنبع من الاجراءات التي اتخذتها النيابة العامة فور بدء التحقيقات مع رموز النظام السابق في قضايا الفساد, حيث سارع المستشار الدكتور عبد المجيد محمود النائب العام بتفعيل أول بنود الاتفاقية حيث أمر بتجميد أموال المتهمين وزوجاتهم وأولادهم القصر داخل البلاد وخارجها وتم مخاطبة السلطات القضائية في الدول الأجنبية لاتخاذ اجراءات تجميد أموال المتهمين. كما تم ارسال طلبات المساعدة القضائية علي ضوء نصوص الاتفاقية الدولية وما توصلت إليه التحقيقات من أدلة وتوافر المستندات والتحريات وطلبت الكشف عن أموال المتهمين, وقد تلقت النيابة العامة افادات من سويسرا واتحاد الدول الأوروبية تشير إلي اتخاذها اجراءات تجميد الأموال واجراءات التحريات بشأنها لحين صدور أحكام قضائية بإدانة المتهمين وارسالها للدول الأجنبية لاستكمال اجراءات الكشف عن أموال المتهمين واستعادتها.أما في حالة وجود نزاع بين الدولة طالبة الاسترداد والدولة متلقية الطلب فقد نصت الاتفاقية الدولية علي تسوية هذه النزاعات بالتفاوض, وإذا تعذر التفاوض يعرض الأمر علي التحكيم بناء علي طلب احدي تلك الدول الأطراف, وإذا لم تتمكن من التسوية بعد ستة أشهر من تاريخ طلب التحكيم جاز احالة النزاع إلي محكمة العدل الدولية بطلب يقدم وفقا للنظام الأساسي للمحكمة.