أمن سوهاج يكثف استعداداته للعملية الانتخابية غداً.. صور    «القومى للمرأة» ينظم الاجتماع التنسيقي لشركاء الدعم النفسي لبحث التعاون    أجواء حماسية والمنافسة تشتعل يين المرشحين في انتخابات النواب بقنا    مصر ونيجيريا تبحثان فرص تعزيز التعاون المشترك فى قطاع التعدين    فيديو| «حلوان المتطورة»: «حمزة 1» تتصدر حضور إيديكس 2025    بابا الفاتيكان يعرب عن أمله في أن تكون رحلته الخارجية المقبلة إلى إفريقيا    قائمة بيراميدز في مواجهة كهرباء الإسماعيلية    هانوفر ينافس شتوتجارت على ضم بلال عطية لاعب الأهلي    تحقيقات مكثفة في واقعة العثور على 62 طربة حشيش داخل محطة مياه شرب بالغربية    مصر تسترد قطعتين أثريتين نادرتين من بلجيكا في إطار جهودها لحماية التراث    أحمد فهمي يحسم الجدل حول ارتباطه بأسماء جلال    بعد فرض ارتدائها في بعض المدارس.. الصحة: الكمامات تقتصر على الطلاب المصابين بالفيروسات التنفسية    غياب الكرتي ومروان.. قائمة بيراميدز لمواجهة كهرباء الإسماعيلية في الدوري    القطاع الخاص يعرض تجربته في تحقيق الاستدامة البيئية والحياد الكربوني    لميس الحديدي بعد واقعة "سيدز": لازم الكاميرات تُعمم على كل المدارس    متأثراً بإصابته.. وفاة شاب إثر طلق ناري بقنا    وفاة ضابط شرطة إثر أزمة قلبية خلال تأمين انتخابات مجلس النواب بسوهاج    واشنطن تكثّف حربها على تهريب المخدرات: "بدأنا للتو"    هاني جنينة: تعافي موارد النقد الأجنبي يدعم الجنيه.. وتوقعات بتراجع الدولار العام المقبل    متسابقة بكاستنج تبكى من الاندماج فى المشهد واللجنة تصفق لها    وكيل الأوقاف: المسابقة العالمية للقرآن الكريم حدث فريد يجمع الروحانية والتميز العلمي    رئيس حزب العدل ل"قناة الحياة": تدخل الرئيس السيسي أنقذ الموقف في المرحلة الثانية بالانتخابات    تشكيل أتلتيكو مدريد أمام برشلونة في الدوري الإسباني    مرموش على مقاعد بدلاء مانشستر سيتي أمام فولهام في البريميرليج    ليفربول في مأزق.. الهلال والقادسية على رأس المهتمين بخدمات محمد صلاح    السعودية تتفوق على عمان 2-1 في افتتاح مشوارها بكأس العرب 2025    كارمن يمثل مصر في المسابقة الرسمية لمهرجان المسرح العربي 2026    تعرف على التفاصيل الكاملة لألبوم رامي جمال الجديد "مطر ودموع"    استثمارات فى الطريق مصانع إنجليزية لإنتاج الأسمدة والفواكه المُبردة    ما حكم المراهنات الإلكترونية؟.. أمين الفتوى يجيب    وكيل شباب الدقهلية يتابع تدريبات المصارعة بالمشروع القومي للموهبة والبطل الأولمبي    تعليق ناري من ماجدة خير الله عن أزمة فيلم الست لمنى زكي    العالمى ستيف بركات على المسرح الكبير    وزير خارجية ألمانيا: كييف ستضطر إلى تقديم "تنازلات مؤلمة" من أجل السلام    251 شاحنة مساعدات تغادر رفح إلى غزة محملة بالغذاء والدواء والبترول والملابس الشتوية    بشكل مفاجئ .. ترامب يصدر عفوا رئاسيا عن رئيس هندوراس السابق    مكتبة مصر العامة تنظم معرض بيع الكتب الشهري بأسعار رمزية يومي 5 و6 ديسمبر    مصر والسعودية توقعان مذكرة تفاهم لتعزيز التعاون بمجالات الأمان النووي والإشعاعي    إحلال وتجديد طريق ترعة الرشيدية بالمحمودية بتكلفة 2.7 مليون جنيه    وزير الري يلتقي نظيره المغربي على هامش فعاليات الكونجرس العالمي التاسع عشر    الصحة: استراتيجية توطين اللقاحات تساهم في تحقيق الاكتفاء الذاتي    أخطاء في تغذية الأطفال لاعبي الجمباز تؤثر على أدائهم    هزار قلب جريمة.. حقيقة الاعتداء على طالب باستخدام مفك فى الشرقية    موعد صلاه العشاء..... مواقيت الصلاه اليوم الثلاثاء 2ديسمبر 2025 فى المنيا    رمضان عبدالمعز: الإيمان يرفع القدر ويجلب النصر ويثبت العبد في الدنيا والآخرة    كأس العرب - شكوك حول مشاركة براهيمي أمام السودان    أستاذة جامعية إسرائيلية تُضرب عن الطعام بعد اعتقالها لوصف نتنياهو بالخائن    صحة الوادى الجديد تنفذ عدد من القوافل الطبية المجانية.. اعرف الأماكن    بالصور.. الوطنية للانتخابات: المرحلة الثانية من انتخابات النواب أجريت وسط متابعة دقيقة لكشف أي مخالفة    الطقس غدا.. انخفاضات درجات الحرارة مستمرة وظاهرة خطيرة بالطرق    تركيا: خطوات لتفعيل وتوسيع اتفاقية التجارة التفضيلية لمجموعة الثماني    أمن المنافذ يضبط 47 قضية متنوعة خلال 24 ساعة    ضبط قضايا اتجار غير مشروع بالنقد الأجنبي خلال 24 ساعة قيمتها 6 ملايين جنيه    تراجع كمية المياه المستخدمة فى رى المحاصيل الزراعية ل37.1 مليار متر مكعب خلال 2024    وزير الصحة يبحث مع وزير المالية انتظام سلاسل توريد الأدوية والمستلزمات الطبية    وزير العمل يسلّم 25 عقد توظيف في مجال النجارة والحدادة والبناء بالإمارات    سامح حسين: لم يتم تعيينى عضوًا بهيئة تدريس جامعة حلوان    أدعية الفجر.. اللهم اكتب لنا رزقًا يغنينا عن سؤال غيرك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ثورة يناير في آداب القاهرة

دخلت إلي المبني الرئيسي لكلية الآداب التي أنتمي إليها‏,‏ ولا أزال أعمل بها‏,‏ ووصلت إلي السلم الرئيسي الذي يقودني إلي الطابق الثاني‏,‏ ورأيت تمثالا نصفيا لطه حسين‏,‏ فتذكرت أنه قاد حركة تحرير الفكر الأدبي والاجتماعي‏,‏في أثناء عمله أستاذا في الكلية ثم عميدا لها‏. وكان واحدا من طليعة أساتذة كلية الآداب الذين تتابعت أجيالهم, ولا يزالون منارة مضيئة للفكر العقلاني المستنير, والمنهج العلمي المتجدد, والرغبة المتوثبة في التجريب وعدم الاستكانة إلي السائد الجامد, واستدرت مع درجات السلم صعودا إلي الدور الثاني, فواجهني باب مجلس الكلية, تحيط به صورتان كبيرتان لسيدتين الأولي لأستاذتي سهير القلماوي أما الصورة الثانية فللأميرة فاطمة إسماعيل.
والحق أنني كنت أشعر بامتداد جذوري, وأنا أخطو في ردهات الدور الثاني من الكلية التي أفخر بالانتماء إليها وإلي جامعتها, ولذلك لم يكن من الغريب أن أصل بين شهداء ثورة يناير من الشباب سنة2011 وشهداء الجامعة وغمرتني مشاعر بهيجة لتذكري تدفق الدماء الشابة المتمردة علي الجمود في الكلية, والتي قامت بتجربة واعدة في كلية الآداب, تجربة تثبت أن روح ثورة يناير قد انتقلت إلي الكلية التي أخذت علي عاتقها تقديم تجربة رائدة, أرجو أن تقتدي بها كليات جامعة القاهرة وكل الجامعات المصرية.
وتبدأ التجربة من وعي أعضاء هيئة تدريس الكلية, خصوصا الشباب, بضرورة تقديم نموذج جديد لاختيار عميدهم, ووافقهم علي هذا الوعي وتحمس له عميد الكلية الأستاذ الدكتور زين العابدين أبو خضرة الذي تنتهي فترة توليه العمادة في الحادي والثلاثين من يوليو المقبل وتوافق الكثيرون, خصوصا شباب الأساتذة والأساتذة المساعدون وأغلبية من المدرسين, علي أن يعودوا إلي النظام الانتخابي للعميد, حتي إن كان القانون49 لسنة1972 بشأن تنظيم الجامعات, قد أوكل صلاحية تعيين العميد إلي رئيس الجامعة لكن هذا الوضع القائم لم يمنع العقول التي أدركها تأثير ثورة الخامس والعشرين من يناير من إقامة انتخابات للعمادة, يشارك فيها الجميع من أكبر أستاذ إلي أصغر مدرس, تكون بمثابة استطلاع رأي لأعضاء هيئة التدريس في تحديد العميد الذي ترتضيه الأغلبية.
واجتمع أغلب أعضاء هيئة التدريس, وتوافقوا علي أن يكون يوم السبت الماضي الحادي عشر من يونيو يوم الانتخابات, وتم فتح باب الترشيح قبلها بمدة كافية, وتشكلت لجنة من كبار الأساتذة الممثلين لأقسام الكلية المختلفة, مشهود لهم بالنزاهة والحياد, للإشراف علي العملية الانتخابية, وصحبني عميد الكلية إلي قاعة الانتخابات وذلك بصفته أستاذا في الكلية وليس بوصفه عميدا, ووقعت في كشف الحضور, وتسلمت ورقة بها الأسماء السبعة للأساتذة الذين ترشحوا, وأعد كل منهم برنامجا, قرأناه علي النتب أو أرسل إلينا بالبريد وقد أفرحني أن عددا غير قليل من برامج المرشحين تدعو إلي استقلال الكلية بقراراتها, وعدم التدخل القسري في شئونها من أي سلطة غير جامعية علي وجه التحديد, وعلي نحو يحقق للكلية إمكانات النمو الذاتي داخل نسيج الجامعة كلها واخترت الاسم الذي رأيته أفضل الأسماء لإدارة الكلية في هذه المرحلة, معتمدا في الاختيار علي إمكانات الكفاءة الإدارية والتميز العلمي الذي يقترن بالنزاهة والحيدة ولم أنس ملاحظة الصندوق الزجاجي المخصص لوضع أوراق التصويت مطوية, بعد أن يقوم الناخب بوضع علامة علي الاسم المختار وراء ستار وكان كل ما رأيته من عملية التصويت مفرحا إلي أبعد حد, ويدعوني إلي الفخار بشباب أساتذة أعضاء هيئة التدريس في الكلية, وشيوخها الذين تقبلوا الفكر الجديد لشبابهم, وشجعوا علي المضي فيه, لأنهم وجدوا فيه تجربة رائدة.
واستمرت الانتخاباتفيما علمتمن العاشرة صباحا إلي الخامسة مساء وبعد الفراغ, تولت اللجنة المشرفة فرز الأصوات التي خرجت كالتالي: راندا أبو بكر من قسم اللغة الإنجليزية وحصلت علي ثلاثة وسبعين صوتا, وعصام حمزة وكيل الكلية لشئون المجتمع بعدد تسعة وستين صوتا, ومحمد نجيب الصبوة من قسم علم النفس وحصل علي ثمانية وخمسين صوتا, ومصطفي النشار رئيس قسم الفلسفة علي اثنين وخمسين صوتا, وشريف فاضل رئيس قسم المكتبات علي ثمانية وعشرين صوتا, ومحمد عفيفي رئيس قسم التاريخ ثلاثة وعشرين صوتا, وسعيد توفيق رئيس قسم الفلسفة علي ثلاثة عشر صوتا. وكان عدد الذين أدلوا بأصواتهم من أعضاء هيئة التدريس ثلاثمائة وتسعة عشر صوتا(319) وذلك من مجموع أعضاء هيئة التدريس الذين يصل عددهم إلي أربعمائة وثلاثة وسبعين عضوا, ويعني ذلك أن نسبة من حضر الانتخاب من العدد الإجمالي لأعضاء هيئة التدريس تزيد علي80% وهي نسبة عالية, تدل علي الحماسة لفكرة انتخاب العمداء في الجامعة وإذا أخذنا كلية الآداب جامعة القاهرة, بوصفها عينة دالة, فالعينة تؤكد بوضوح أن أغلبية أعضاء هيئة التدريس مع مبدأ الانتخاب الذي هو مبدأ ديمقراطي أصيل, خصوصا ونحن نطالب بدولة مدنية ديمقراطية حديثة لقد أثبتت كلية الآداب, ويشرفني أن أكون أستاذا فيها, أن الديمقراطية هي طريق التقدم الواعد.
ولقد أصبح أمام رئيس جامعة القاهرة نموذج ناجح وتجربة رائدة, تعينه علي اختيار العميد المرضي عنه من زملائه وليس من جهات لا علاقة لها بالجامعة وأصبح أمام وزير التعليم العالي تجربة ناجحة, تؤكد له ضرورة تعديل القانون49 لسنة1972 بطريقة تتناسب مع التوجه الجديد لتغيير أحوال الجامعات والارتقاء بها إلي ما يقيلها من عثراتها, ويخرجها من كهوف التخلف التي فرضت عليها.
ومن المؤكد أن أعداء النجاح وأنصار محلك سر سيجدون مغمزا في هذه التجربة وقد يقولون إنه لم تتح الفرصة لإمكان الطعن علي هذا المرشح أو ذاك, وإنه لم توضع شروط للتقدم إلي الترشيح, أو إن المدرسين كانوا الأغلبية التي حددت النتيجة ولكن لحسن الحظ كان المرشحون جميعا من الأساتذة, وكانوا مشهودا لهم جميعا بالتميز أما إذا قيل إن التي حصلت علي أعلي الأصوات لم تحصل علي الأغلبية التي تعني نصف عدد الأصوات زائد صوت واحد فهذا قول لا محل له من الإعراب لأن المترشحين كانوا سبعة, توزعت عليهم الأصوات, والقيمة في نجاحها أنها حصلت علي أعلي الأصوات بفارق ملحوظ بينها وزميلها التالي في المرتبة, وإذا كانت راندا أبوبكر قد حصلت علي أعلي الأصوات, فهذا مؤشر طيب, فسمعتها الأكاديمية والوظيفية والإدارية في صالحها, وستكون العميدة الأولي لكلية الآداب في تاريخها المجيد وإذا وافق رئيس الجامعة, الذي كان يعرف بالتجربة, علي النتيجة التي توصل إليها زملاؤه, فإنه سوف يقوم بخطوة تحسب له وإذا تحمس وزير التعليم العالي للتجربة, فعليه تغيير قانون الجامعة في ضوئها, خصوصا في الاتجاه الذي يؤكد الديمقراطية الجامعية التي تلازمها حرية التفكير والبحث الأكاديمي, في موازاة تحقيق العدالة المالية في رواتب أعضاء هيئة التدريس, فإنه سوف يقوم بإنجاز مضيء, يفخر به, ويدفعنا نحن أعضاء هيئة التدريس إلي الفخر به بالقدر نفسه.
المزيد من مقالات جابر عصفور


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.