من المؤسف له أننا نتحدث كثيرا خاصة في هذه الأيام عن موضوع إصلاح الجامعات, ولا نضع في الاعتبار المحور والجوهر للإصلاح,بل نركز علي أسباب أقل أهمية بكثير عن أسباب أخري جوهرية. إنني أتساءل عن الجدوي من إنشاء ما يسمي المجلس الأعلي للجامعات, ويبدو أننا لكي ندخل في النفوس أهمية أي شيء, نقول بكلمة الأعلي, ولم تكن مصر في الماضي البعيد والسعيد تفكر في إنشاء كيان, وهي تطلق عليه الآن المجلس الأعلي للجامعات, وننفق عليه ملايين الجنيهات دون أي مبرر من رواتب ومكافآت منظورة وغير منظورة, دون أن تتقدم جامعاتنا من خلاله أي خطوة إلي الأمام, وبحيث فقدت جامعاتنا مكانتها التي كانت عليها في الماضي. أريد أن أعرف ما وظيفة هذا الكائن الهلامي الذي نطلق عليه عبارة المجلس الأعلي للجامعات برغم تقديري لمن يعملون به. هل وظيفته وضع لوائح للكليات والجامعات؟ الإجابة بالنفي, إذ توجد لكل جامعة, بل لكل كلية, لائحتها الخاصة. يقال إن المجلس الأعلي للجامعات يقوم بتشكيل اللجان العلمية للترقيات إلي الوظائف الأعلي كوظيفة أستاذ مساعد وأستاذ, وهذا يدعو إلي الضحك والرثاء. ومن يقوم بتشكيل هذه اللجان وخاصة بالصورة الحالية؟ هل يعلم من يعملون أو يشرفون أو يديرون المجلس الأعلي للجامعات أن هذه اللجان تعتمد علي المصادقات وعلي عدم الالتزام بأي قاعدة موضوعية؟ هل يعلم المجلس الأعلي للجامعات أنه تعمد إغفال أسماء من أصحاب الكفاءات العلمية المعروفة وكان حريصا علي استبعادهم, من منطلق الشللية التي أفسدت علينا حياتنا العلمية؟ هل اطلع المجلس الأعلي للجامعات علي أسماء من يقومون الآن بإجراء الترقيات إلي الوظائف الأعلي بالجامعات؟ هل يعرف هذا المجلس شيئا عن مئات الشكاوي الموضوعية التي تقدم بها أساتذة آمنوا بربهم وآمنوا بوطنهم, وتم وضع هذه الشكاوي الموضوعية في سلة المهملات بالمجلس الأعلي للجامعات؟ إنني علي استعداد من منطلق حرصي علي سمعة وطني وسمعة جامعاتنا, من أن أطلع السيد الوزير, وزير التعليم العالي, علي مخالفات لا حصر لها, والويل كل الويل لمدرس أو أستاذ مساعد يتقدم للترقية علي وظيفة أعلي, إذا كان لا يعرف معرفة وثيقة أسماء الأساتذة الذين سيقومون بالبت في ترقيته أو عدم ترقيته. ولا أريد أن أكشف عن التاريخ العلمي لأسماء من يقومون بترقية المتقدمين لوظائف أعلي, بل إن من يتقدمون للترقية لوظائف أعلي قد يكونون أكثر كفاءة من الأساتذة الذين سيقومون بفحص إنتاجهم. الإصلاح أيها السادة يبدأ بإصدار قرار فوري بإلغاء ما يطلق عليه المجلس الأعلي للجامعات,وبحيث نعود إلي الماضي السعيد, أي نرسل إنتاج من يريدون الترقية إلي وظائف أعلي, إلي أساتذة في العديد من البلدان العربية والبلدان الأوروبية. إن هذه البلدان, وفي العديد من جامعاتها, كفاءات علمية,قد تكون أفضل مما نجده في مصر العريقة, وهل نحن أقل من جامعات عربية تم إنشاؤها بعد جامعاتنا بعشرات السنين, وذلك حين تقوم تلك الجامعات العربية باختيار محكمين للإنتاج العلمي من خارج البلدان التي يعمل فيها هذا العضو أو ذاك من أعضاء هيئة التدريس, وذلك سعيا وراء الموضوعية والعدالة. إن في مصرنا العزيزة رجالا يؤمنون بوطنهم ويؤمنون بربهم, ولكن رأيهم في إصلاح الجامعات يلقي للأسف الشديد في سلة المهملات. أقول وأكرر القول إنه لا إصلاح لجامعاتنا في حاضرنا ومستقبلنا, إلا بإلغاء هذا المجلس والذي يطلقون عليه المجلس الأعلي للجامعات. د. عاطف العراقي أستاذ الفلسفة بآداب القاهرة