في نظرة متشائمة للوضع الراهن في العالم العربي بعد موجة الثورات التي قوضت أركان أنظمته الحاكمة البالية حذرت مجلة' نيوزويك' الأمريكية من الأوضاع الاقتصادية المتردية التي تعاني منها مصر وتونس وبعض الدول العربية- التي مازالت تحارب من أجل الفوز بحريتها- وذلك بعد مرحلة الربيع التي عاشتها المنطقة وحملت الآمال في مستقبل مشرق وأكثر تألقا. فقد أكد الكاتب البريطاني نايل فيرجسون في مقاله' انفجار الثورة' أن السبب الرئيسي وراء إضرام الشاب التونسي بوعزيزي النيران في جسده قبل ستة أشهر لم يكن سوي الفقر والارتفاع المطرد في معدلات البطالة والذي بلغ24% في تونس ومعاناة الشباب المصري من البطالة وسوء الأحوال المعيشية والفقر وهي الأزمات التي تفاقمت بفعل أزمة الغذاء العالمية قبل عامين والتي أدت إلي تضخم أسعار المواد الغذائية.. الأمر الذي ضاعف من معاناة الشعب المصري والشعوب العربية من خلفه. ولم يكن موت بوعزيزي سوي حافز أوشرارة انطلاق للثورات العربية. ولكن يبدو أن المستقبل جاء محملا بالإحباطات والمتاعب والمخاوف الاقتصادية بل والسياسية أيضا حيث تعيش المنطقة في حالة من الغموض السياسي والاقتصادي. واستدل الكاتب علي ذلك بتقرير معهد المالية الدولي الذي حذر من تراجع معدل النمو في مصر والأردن ولبنان والمغرب وسوريا وتونس وسط توقعات بانكماش الاقتصاد المصري بنسبة تصل إلي2.5 و4% بالنسبة لليمن. ويرجع الخبراء هذه الخسائر الاقتصادية الفادحة إلي حقيقة أن فترة ال18 يوما التي قضاها الشعب المصري في ميدان التحرير تسببت في خسائر مالية بلغت1.7 مليار دولار حيث توقفت المصانع عن العمل وأصيبت حركة التجارة والإنتاج بالشلل الكامل. أضف إلي ذلك الخسائر الناجمة عن تراجع حركة السياحة والاستيراد والتصدير. ولم يقف الأمر عند هذا الحد ولكن الإضرابات والاعتصامات العمالية التي أعقبت الثورة ضاعفت هي الأخري من الخسائر وهو الأمر الذي مازالت تعاني منه مصر حتي الآن. ويؤكد الكاتب أن الأوضاع الراهنة أصابت أصحاب رؤوس الأموال بالهلع ودفعتهم للفرار من مصر بحثا عن ملاذات آمنة في أوروبا وتحديدا في لندن وزيورخ حيث الأمن والاستقرار.. وهي عناصر جذب هامة لرؤوس الأموال. فحالة عدم الثقة من الثورة وتبعاتها دفعت رجال الأعمال والأثرياء العرب لتهريب ما لا يقل عن30 مليار دولار من مصر. ويحذر الكاتب في النهاية من أن الأوضاع الاقتصادية في مصر تدهورت ومازالت تعاني بعد الثورة مع استمرار البطالة وتجاوز معدل التضخم12%, ولكن الكاتب يؤكد أن مجريات الأمور حاليا لم تحمل أي مفاجآت فهي الدورة الطبيعية للثورات علي مر التاريخ فالشلل الاقتصادي ما هو إلا المرحلة الثانية فالثورة الفرنسية مرت بنفس المرحلة عام1789 والثورة الروسية أيضا بعد عام.1917 وحذر الكاتب أخيرا من أن حالة عدم الاستقرار التي تعقب الثورات تفتح الطريق أمام الحركات المتطرفة لاستغلال الموقف لفرض سيطرتها واستقطاب المواطنين الذين يبحثون عن الأمن والاستقرار.