3 أمناء مساعدين بالجبهة الوطنية.. زكي والصريطي للفنون وضيف الله للتنظيم    رئيس جامعة المنوفية يعقد اجتماع مجلس الدراسات العليا الشهري «أون لاين»    الحج السياحي 2025.. مميزات خاصة لحجاج البري    برلمانيون : السيسي وضع خارطة طريق عربية في قمة بغداد : لا سلام بدون دولة فلسطينية    مصر ترحب بالمفاوضات المباشرة بين روسيا وأوكرانيا    مرموش يقود كتيبة مانشستر سيتي أمام كريستال بالاس في نهائي كأس الاتحاد    الزمالك يتحرك لحل أزمة مستحقات ميشالاك قبل عقوبة "فيفا"    حريق هائل في زراعات الهيش بمنطقة الحاجر في إدفو    تأجيل محاكمة متهمي داعش الهرم    المشدد 17 عاما لسائق قاد سيارة تحت تأثير المخدرات بإمبابة    تأجيل محاكمة المطرب سعد الصغير في اتهامه بالسطو على أغنية    فليك: نريد مواصلة عدم الهزائم في 2025.. وعانينا بدنيا بالموسم الحالي    وكيل لاعبين يعرض حارس الخريطيات على الزمالك    نائب رئيس الوزراء: التعليم حجر الأساس للتنمية البشرية وبناء جيل واعى    جنايات قنا تحيل أوراق عاطل للمفتى بتهمة قتل عامل والشروع فى قتل 3 آخرين    لبيك اللهم لبيك.. محافظ المنيا يسلم ملابس الإحرام لحجاج القرعة.. فيديو    آخر تحديث للحصيلة.. إصابة 46 طالبة بإغماء في جامعة طنطا بسبب ارتفاع الحرارة -فيديو    وزارة التخطيط تعقد ورشة عمل دعم تطوير الخطة القومية للتنمية المستدامة    باحث: المنطقة بحاجة لوقفة عربية بعد انحلال المحور الإيرانى وتصاعد الأزمات    هل يجوز سفر المرأة للحج بدون محرم؟.. الأزهر للفتوى يجيب    جراحة دقيقة لتحرير مفصل الفك الصدغي باستخدام الذكاء الاصطناعي في مستشفى العامرية    مؤتمر القاهرة لجراحة المسالك البولية.. «80 عامًا من التميز العلمي»    عيد ميلاده ال 85.. ماذا قال عادل إمام عن كونه مهندسا زراعيا وموقفا لصلاح السعدني؟    بالأسماء، ارتفاع عدد المصابات بإغماء وإجهاد حراري بتربية رياضية طنطا ل 46    هل يجوز توزيع العقيقة لحومًا بدلًا من إخراجها طعامًا؟.. أمين الفتوى يجيب    قافلة بيطرية تجوب قرى شمال سيناء لحماية المواشي من الأمراض    ليفربول يخشى من خطف ريال مدريد للاعب آخر في الفريق    "الزراعة" تطلق حملات بيطرية وقائية لدعم المربين وتعزيز منظومة الإنتاج الداجنى    «أم كلثوم من الميلاد إلى الأسطورة» في مناقشات الصالون الثقافي بقصر الإبداع    المتحدث العسكرى: الإعلان عن فتح باب التقديم لقبول دفعة جديدة من الطلبة الموهوبين رياضياً بالمدارس العسكرية الرياضية    جدول مواعيد القطارات الإضافية بمناسبة عيد الأضحى المبارك    الأوقاف: الطبيب البيطري صاحب رسالة إنسانية.. ومن رحم الحيوان رحمه الرحمن    أكاديمية الشرطة تنظم ندوة حول الترابط الأسري وتأثيره علي الأمن المجتمعي (فيديو)    قرار هام من التعليم ينهي الجدل حول «عهدة التابلت»    تعاون بين الأكاديمية العسكرية و"الوطنية لتأهيل الشباب"    نائب رئيس مجلس الوزراء: الطب البيطري جزء أصيل من منظومة الصحة الواحدة    عيد ميلاد الزعيم.. عادل إمام: عبد الحليم حافظ دخل قصة حب ولا أعتقد أنه تزوج    بريطانيا تتفوق على الصين في حيازة سندات الخزانة الأمريكية خلال مارس الماضي    وزير التعليم العالي: المترولوجيا أحد ركائز دعم قطاعي الصناعة والبحث العلمي لتحقيق التنمية المستدامة    باسل رحمي: جهاز تنمية المشروعات يحرص على إعداد جيل واعد من صغار رواد الأعمال و تشجيع المبتكرين منهم    «فتراحموا».. الأوقاف تحدد موضوع خطبة الجمعة المقبلة    مستقبل وطن: القمة العربية ببغداد فرصة لتعزيز الجهود وتوحيد الصفوف    فتح ترحب ببيان دول أوروبية وتدعو لإلغاء اتفاقية الشراكة مع إسرائيل    أسامة نبيه: القدر أنصف منتخب مصر للشباب بتأهله لكأس العالم    انطلاق الدورة 41 من مهرجان الإسكندرية السينمائي في سبتمبر المقبل    تحرير 143 مخالفة للمحال غير الملتزمة بقرار مجلس الوزراء بالغلق    فص ملح وداب، هروب 10 مجرمين خطرين من السجن يصيب الأمريكان بالفزع    أسعار ومواصفات شيفرولية أوبترا موديل 2026 في مصر    الإسكان: غدًا.. غلق باب التظلمات بمبادرة سكن لكل المصريين 5    «تغولت على حقوق الأندية».. هجوم جديد من «الزمالك» على الرابطة    أول رد من جورج وسوف على شائعات وفاته    كيف وصف نجوم الفن الزعيم عادل إمام في عيد ميلاده ال85؟    حكم من نسي قراءة الفاتحة وقرأها بعد السورة؟.. أمين الفتوى يوضح    زعيم كوريا الشمالية يشرف على تدريبات جوية ويدعو لتكثيف الاستعداد للحرب    جدول امتحانات الشهادة الإعدادية في شمال سيناء    مسودة "إعلان بغداد" تشمل 8 بنود منها فلسطين والأمن العربي والمخدرات والمناخ    ترامب: اتفاق وقف إطلاق النار بين الهند وباكستان منع اندلاع حرب نووية    أستون فيلا يفوز بثنائية أمام توتنهام في الدوري الإنجليزي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



يذوب بين يديه جليد صنع الله إبراهيم‏!‏
نشر في الأهرام اليومي يوم 03 - 05 - 2011

حينما فرغت من قراءة سطور رواية‏(‏ الجليد‏)‏ للكاتب الكبير صنع الله إبراهيم‏,‏ ظل طعمها ورحيقها عالقا طويلا في وجداني‏..‏ فالرواية من ذلك النوع الذي يتخلل مسامك وعقلك‏,‏ ويجعلك تعيد تأمل مجريات أحداثها ووقائعها المرة بعد الأخري‏‏ التفاصيل الصغيرة والكبيرة.. العبارات المتشابكة.. التعليقات المتناثرة.. اللقطات السريعة التي رصدها الكاتب بقلمه.. الإيماءات والإشارات التي تخلف وراءها ملاحظات.. اقتحام الخصوصيات.. الكلمات القصيرة الموجزة.. تقنية( يلوذ) بها صنع الله إبراهيم في روايته ويجعل القارئ( يغرق) في خضم حياة أبطاله, بل ويشاركهم هذه( الحالة الوجدانية) التي تنتابهم.
نعيش هنا في رحاب أجواء خاصة جدا يعرض لها الكاتب, إذ تدور أحداث الرواية في أرجاء الاتحاد السوفيتي عام1973, ذلك العام الحيوي الذي تغيرت فيه أمور كثيرة, ومعه تبدلت الأحوال السياسية ليس فقط علي صعيد الاتحاد السوفيتي بل أيضا علي صعيد العالم أجمع..
اختار صنع الله( بيت الطلبة) مركزا لأحداث روايته.. ومن هذا البيت نتعرف علي شخصيات وأبطال الرواية, ونعيش معهم مشكلاتهم ونشاركهم أحلامهم ونقترب من عوالمهم..
البيت هنا إذن بمثابة( بؤرة) رئيسية للأحداث التي تتشابك وتتباعد خيوطها, صانعة معها تلك الخصوصية التي يحرص دائما الكاتب علي رصدها.. وفي أرجاء هذا البيت بحجراته وغرفه الصغيرة تتفتح العلاقات وتنصهر المشاعر تاركة خلفها( حالة) خاصة جدا من الأجواء المفعمة بالإحساسات الوجدانية العميقة..
يلتقي القارئ مع جنسيات وشعوب متباينة جاءت الي الاتحاد السوفيتي لأسباب مختلفة, ومعها يقترب من الأجواء الحياتية التي سادت هناك في تلك السنوات خلال عهد الرئيس بريجنيف..
الكآبة تراها في العيون.. وتكاد تلمح المعاناة علي الوجوه.. وتشاهد الطوابير الطويلة في الشوارع.. ذلك المشهد التقليدي الذي طالما اشتهر به الاتحاد السوفيتي.. السعي الحثيث وراء لقمة العيش.. الجليد يكسو المكان تماما مثلما يكسو القلوب.. واقع صعب ومرير ومعاناة يومية يتعرض لها الجميع..
واذا كنا نعيش مع الراوي وتفاصيل علاقاته ومشاعره وحواراته, فإننا نعيش في الوقت نفسه مع( المسكوت عنه) من خبايا الحياة في الاتحاد السوفيتي وتفاصيل جذور انهياره, كما ورد في كلمات الغلاف الخلفي للرواية..
هناك أيضا( الجانب الجنسي) الذي تبرزه سطور العمل.. وهو يأتي هنا في خضم( المسكوت عنه), إذ يتعمد الكاتب إبرازه والتعرض لأسراره, ربما علي سبيل الكشف عن خبايا المجتمع السوفيتي علي جميع الأصعدة والمنحنيات: السياسية والمجتمعية والسلوكية..
هذه رواية( تفاصيل) وليست رواية( أحداث).. وأحسب أن هذا التصنيف لا ينتقص من قدرها ومكانتها الروائية..
فالتفاصيل هنا تصنع معها( نكهة) خاصة, وتقدم عبر كلماتها وجملها العديدة( حبكة) روائية مميزة, فهي ليست مجرد تفاصيل صغيرة يزج بها الكاتب هكذا دون قصد.. بل إنها تترك وراءها وهو الأهم في الحقيقة رؤية عميقة متأنية للمشهد الذي أراد الكاتب تصويره بقلمه الواعي والحساس.
مازلت أذكر كلمات صنع الله إبراهيم حينما كنت أجري معه يوما حوارا وقال لي: أحرص علي رصد التفاصيل الصغيرة في أعمالي, فهي التي( تصنع) الرواية.. الأحداث يمكن سردها في سطر أو سطرين..
يكمل صاحب( تلك الرائحة) و(نجمة أغسطس) و(ذات) و(شرف) و(وردة) و(أمريكانلي) و(العمامة والقبعة) و(القانون الفرنسي) مشواره الروائي الحافل بتأن ودأب وثقة.. فهو من أولئك الروائيين الذين يعملون في صمت, دون إثارة الأضواء خلفهم.. دون جلبة أو ضجيج, وهو أمر نادر بالنسبة للكتاب والروائيين الذين يكترثون كثيرا بالبقاء في قلب الأضواء علي وجه الخصوص..
تحية الي كاتب( الجليد) الذي يذوب هنا مع دفء عباراته ودقة ملاحظاته..
الرواية صادرة عن دار الثقافة الجديدة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.