شرق... وغرب! في اللحظات الفارقة من تاريخ الأمم والشعوب لا يمكن اختصار روح الثورة في مجموعة مطالب لها كل المشروعية ولها أيضا كل الإلحاح مثل الديمقراطية والشفافية والعدالة الاجتماعية واحترام حقوق الإنسان... وإنما ينبغي استثمار روح الثورة في معرفة النفس والذات والتواصل مع الجذور كمدخل لتجديد الحضارات وتحديث الثقافات بعيدا عن أية التباسات تنشأ وتتكاثر في ظل عصر جديد تتسع فيه وتتزايد تحت ظلاله منابر التأثير بكل اللغات ولصالح العديد من التوجهات. إن علينا أن نعي أنه مهما تعددت الحضارات ومهما تنوعت سواء كانت قديمة أو حديثة... هندية أو فارسية.. لاتينية أو فرانكوفونية.. جرمانية أو إنجلوساكسونية.. يونانية أو سلافية أو عربية... فإنها تعود كلها لحضارتين أساسيتين كبيرتين هما الحضارة الشرقية والحضارة الغربية والفرق بينهما يعود لتغليب الاتجاه.. ففي الحضارة الشرقية يغلب الاتجاه صوب السماء ولذلك يقال أنها حضارة روحانية.. وفي الحضارة الغربية يغلب الاتجاه نحو الأرض ولذلك يقال أنها حضارة مادية. والحقيقة أن كلا من الحضارتين الشرقيةوالغربية يتجه إلي السماء والأرض معا ولكن الفرق الحقيقي هو في تغليب انجذاب التوجه لإحدي الجهتين... ومن ثم ليس من الصواب القول بأن الحضارة الغربية تخلو من أي روحانية مثلما ليس دقيقا القول بتجرد الحضارة الشرقية من النزعة المادية! وصحيح أن الشرق انخرط في الروحانيات حتي أصبحت في كثير من مظاهرها رياء ودجلا وشعوذة أفسدت العقائد وهدمت المبادئ وهو ما أدي إلي أن أصبحت حضارة الشرق متداعية الأركان واهية الأسس... وعلي الجانب الآخر استهان الغرب بالروحانيات فسادت المادية وانتشر الإلحاد فتضخمت مشاعر الإحساس بالقوة ونزعات الاستعلاء علي الغير وانفتح الباب علي مصراعيه لإمكانية صدام الحضارات! وما أحوج أمتنا في هذه المرحلة إلي تجديد حضارتها وتحديث ثقافتها لمواجهة نذر صدامات حضارية يجري الترتيب لها... والخطر علي حضارتنا لا يتأتي فقط من قوة الأقوياء وإنما الخطر في استمرار ضعفنا والاستسلام لمقولة أننا ضعفاء!
خير الكلام: ليس من مات فاستراح بميت... إنما الميت ميت الأحياء! [email protected] المزيد من أعمدة مرسى عطا الله