ستكشف الأيام القادمة عن كوارث حقيقية, تعرض لها آلاف المصابين من ضحايا ثورة25 يناير من جانب النظام السابق وأعوانه, ويبدو ذلك واضحا في معاناة أكثر من %70 من المصابين من حالات عجز كلي وشامل وعمي. نتيجة تركز الإصابات في الجزء العلوي من الجسم بالرأس والعينين وهو ما يشير إلي أن الإصابات كانت تهدف الي القتل العمد ويتوقع زيادة أعداد المصابين عن الأرقام الرسمية المعلنة, نظرا لغياب قاعدة بيانات موحدة لحصر أعداد الضحايا علي مستوي الجمهورية. الأهرام تحدثت إلي بعض المصابين وأسرهم وقد تركزت مطالبهم حول القصاص من مرتكبي المجازر اللاإنسانية, وتقديم الرعاية الطبية والاجتماعية لأبنائهم. في البداية يقول الدكتور أحمد نجيب استشاري جراحة المخ والاعصاب بشيكاغو بالولايات المتحدة, وعضو جمعية رعاية مصابي الثورة وعائلات الشهداء, إن أكثر الحالات التي باشرها وقام بعلاجها في مستشفيات الجمهورية, كانت الإصابات نتيجة طلق ناري حي, بأحجام مختلفة فهناك طلقات من أسلحة آلية كلاشينكوف, وطلقات من طبنجات(9 مللي) التي يستخدمها ضباط الشرطة, كما أن بعض الطلقات غير معروفة الحجم حيث تفتت داخل الجسم, ويرجح ان تكون أطلقت من بنادق للقناصة. ويضيف أنه أكد في شهادته أمام النيابة العامة حول الأحداث ان الإصابات تركزت في منطقة العنق والرأس, وهي إصابات للقتل, وهناك إصابات من الخلف, أطلقت من أعيرة(9 مللي) بزاوية 45 درجة منحدرة, ويعني ذلك أن المصابين تم تركيعهم علي الأرض, كما يحدث في تنفيذ حكم الإعدام ثم إطلاق النار من الخلف. ووجدت إصابات بالعمي نتيجة طلقات الخرطوش التي تحمل حبيبات من الرصاص, والتي تنتشر في الوجه, ويؤدي بقاؤها في الجسم إلي حدوث تسمم بالرصاص المزمن. ويوضح والكلام للدكتور أحمد نجيب, أن نتائج الاصابات تنوعت بين شلل رباعي وشلل نصف بالجزء السفلي من الجسم, وتهتك بالأحشاء في البطن والصدر, وكذلك إصابة عظام الأطراف والشرايين والأوردة والأعصاب الطرفية, بصورة حولت %70 من المصابين الي مقعدين, أو وجود اعاقات ستستمر معهم طوال حياتهم. ويشير إلي أن جمعية رعاية مصابي الثورة وعائلات الشهداء تهدف الي رعاية المصابين طبيا سواء بإرسالهم للعلاج بالخارج, أو توفير الرعاية الطبية بالمستشفيات في مصر والسعي في الفترة القادمة لتوفير الدعم المادي من خلال تضافر قوي المجتمع المصري وأشاد بدور القوات المسلحة في التعاون معهم من خلال تشكيل لجنة لفحص المصابين واعادة تأهيلهم طبيا بالمركز الطبي بالعجوزة. وفي لقاء مع المصابين قال طاهر محمد أحمد 50 سنة مدير عام بمطار القاهرة, إنه أصيب بطلق ناري بميدان عبدالمنعم رياض في معركة الجمل الشهيرة, بالابط الأيسر, واستشهد بجانبه اثنان من زملائه بطلقات من قناصة الداخلية من أعلي كوبري أكتوبر وتسببت أصابته في حدوث تهتك بأعصاب الذراع الأيسر والعظام, ونتج عنها شلل بالذراع وقطع بالشرايين, وتم علاجه بالقصر العيني القديم, حيث أجريت له جراحة لترقيع الشريان وتثبيت خارجي للعظام ولكنه مازال يعاني من شلل بالذراع, وستقوم جمعية رعاية مصابي الثورة وعائلات الشهداء بتسفيره إلي ألمانيا لعمل ترقيع للعظام والأعصاب, وتطالب اسرته بمعاقبة الجناة جنائيا, كما تناشد وزير الطيران المدني وسلطات مطار القاهرة برعايته صحيا وتحديد موقفه من العمل. وتقول شقيقة أحمد غريب جعفر 36 سنة( طبيب بشري), إنه كان في الصفوف الأولي يوم 28 يناير في جمعة الغضب, حيث أصيب بخرطوش بالرأس, وكسر بعظام الجمجمة, نتيجة قيام إحدي مدرعات الشرطة بدهسه متعمدة في ساحة الميدان, وتم نقله إلي مستشفي الهلال, ثم إلي مستشفي كليوباترا, حيث يعالج منذ أكثر من شهر هناك, وتضيف: تحملنا مع شركة التأمين الخاصة بعمله تكاليف العلاج, وسيسافر الي سويسرا لعمل جراحة حيث يعاني من تجلط بأحد الشرايين الرئيسية المغذية للمخ, وذلك بعد أن قام زملاؤه بمبادرة علي شبكة الانترنت لتوفير تكاليف علاجة, وتناشد اسرته الشعب المصري بالدعاء لابنهم البطل, ومحاسبة المسئولين المتسببين في ضياع مستقبل ابنائهم. ويقول متولي سيد محمد متولي 29 سنة نجار مسلح, أنه أصيب يوم جمعة الغضب أمام وزارة الداخلية بطلق ناري اسفل القدم اليمني, تسبب في كسر مضاعف في العظام, كما أصيب ب8 طلقات خرطوش بالجانب الايمن والايسر, وتم نقله إلي مستشفي الجمهورية, ومنها للقصر العيني, حيث أجريت له جراحة لتركيب شرائح و6 مسامير, وشاركت بعض الجمعيات الأهلية وأهل الخير في تحمل التكاليف, ويشير الي أن الاطباء منعوه من مزاولة عمله, وضرورة تغيير مهنته, التي تمثل مصدر رزقه الوحيد لأنه أصيب بشبه عجز كامل في الحركة, ورغم أنه يعول إسرة بكاملها ولديه طفلة, لم تتقدم أية جهة رسمية بالدولة بالسؤال عنه ولم يحصل حتي الآن علي التعويض الذي تحدثت عنه وسائل الاعلام. وتؤكد أسرة كرم أحمد عبدالجواد 31 سنة, أنه أصيب بطلق ناري حي من خلف الرقبة, وتم نقله إلي مستشفي قصر العيني القديم, ومازال يعالج بالرعاية المركزة, حيث يعاني من شلل نصفي وشق حنجري, وتم وصعه علي جهاز التنفس الصناعي وبعون الله تتحسن حالته وسيحتاج في القريب إلي علاج طبيعي, والذي ذكر لنا إمكانية اجراؤه في مستشفيات القوات المسلحة, ويطالب أهله بعلاجه علي نفقة الدولة سواء بالداخل أو الخارج, وصرف تعويضات أو معاش شهري, كما تناشد الأسرة وزارة التضامن الاجتماعي سرعة التحرك لإنقاذ آلاف المصابين حيث يحتاجون إلي مساندة لاستكمال مسيرة العلاج والتأهيل.