ما هذا الذي يحدث في مصر بعد نجاح الثورة؟! ألم يأن لبعض المصريين الذين ذهبت عنهم سكرة الفرح والخيلاء بالثورة المجيدة, وعادوا إلي ضيق الدنيا أن يعودوا لرشدهم, وينتبهوا إلي الأخطار المحدقة بوطنهم. اندلعت المظاهرات الفئوية وانتشرت في أرجاء مصر بعد تنحي الرئيس إنتشار النار في الهشيم لتهدد مسيرة العمل والإنتاج في وقت عصيب اهتزت له أعمدة الاقتصاد الوطني, ثم فوجئنا بحرق وإتلاف آلاف وربما ملايين الملفات والوثائق في مقار جهاز أمن الدولة في مدن ومحافظات مصر في اليوم نفسه الذي تم فيه تكليف الدكتور عصام شرف بتشكيل الحكومة الجديدة!.. وما إن تمت السيطرة علي تلك المقار الأمنية وتولي الجيش حمايتها وتم القبض علي عدد كبير من ضباط أمن الدولة وعلي رأسهم الرئيس السابق لهذا الجهاز, حتي فوجئنا بمظاهرات إخواننا الأقباط احتجاجا علي جريمة هدم كنيسة صول في أطفيح بشكل مبالغ فيه حجما وكيفية! ثم وقعت اشتباكات ومعارك في منشية ناصر والمقطم سقط فيها قتلي وجرحي!.. ثم نفاجأ بمظاهرة مريبة للسلفيين!.. بالإضافة إلي شيوع البلطجة في الشارع المصري وترويع المواطنين وقطع الطرق وسرقة الناس بالإكراه, والاعتداء علي المناطق الأثرية حتي بتنا أمام حالة صارخة وغير مسبوقة من الفوضي والانفلات, مما جعل كبار المسئولين في الدولة والمراقبين السياسيين يؤكدون أن هناك ثورة مضادة تشعل هذه الأحداث انتقاما من الشعب الذي أسقط النظام السابق. هذه الممارسات الإجرامية التي تصل في تصوري إلي حد الخيانة العظمي لن تخرج في الغالب عن تدبير قيادات سابقة في الحزب الوطني مازالت تنعم بحريتها, برغم جرائمها السياسية في حق هذا الشعب!.. وهو وضع لا يتفق أبدا مع الظروف الحرجة والخطيرة التي تعيشها مصر, ولذلك يري كثيرون أن تلك الممارسات الحقيرة لابد أن تقابل بمنتهي الحزم والشدة لتكون عقوبتها الإعدام لمجرد ترويع المواطنين بالسلاح ودون شرط اقتران تلك الممارسات بإذهاق الأرواح. فإعدام بعض هؤلاء المسجلين وأصحاب السوابق سوف يمثل ردعا حقيقيا وفاعلا لأقرانهم عندما يدركون أن مجرد محاولة السرقة تحت تهديد السلاح, وقطع الطرق سوف تكون نتيجتها الإعدام وليس مجرد بضع سنوات في السجن الذي اعتادوا عليه, بالإضافة إلي إجراء احترازي في غاية الأهمية يتمثل في اعتقال قيادات الحزب الوطني وأمن الدولة الذين يشتبه في أنهم وراء الثورة المضادة للتحقيق معهم. وهو ما يقودنا إلي نقطة في غاية الأهمية, وهي أن كثيرين من الساسة والمواطنين يخالجهم شعور بالخوف أن يقتصر اتهام بعض المسئولين السابقين علي التجاوزات والجرائم المالية حتي إذا تمت تبرئة بعضهم وهذا وارد تصبح صفحتهم بيضاء رغم مشاركتهم بصفة رئيسية في جريمة أكبر, وهي إفساد الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية في مصر, وانتهاك آدمية وكرامة الإنسان المصري, ودورهم الرئيسي في تخلف وانهيار المجتمع في جميع قطاعات الدولة وعلي رأسها التعليم والبحث العلمي والصحة, وهو ما ينال بالسلب من قوة وعافية الوطن, ويصب في مصلحة أعدائنا. إن أكبر جريمة ارتكبها النظام السابق هي تفريطه في الأمن القومي لمصر عندما تخاذل علي مدي30سنة عن اتخاذ سياسة حكيمة ومدروسة لتأمين مياه النيل في دول المنبع, التي اجترأت علي مصر بثقلها التاريخي ومكانها في العالم بعد أن فقدت هيبتها واحترامها بسبب المواقف المهترئة والمتخازلة للرئيس السابق في مواجهة مخططات وإملاءات الولاياتالمتحدة وبعض دول أوروبا وإسرائيل للسيطرة علي مقدرات دول المنطقة ونهب ثرواتها. إن المحاكمة السياسية لأركان النظام السابق إجراء حتمي يوجبه القصاص العادل جراء ما ارتكبه هذا النظام المستبد في حق الوطن. محمد سعيد عز