الرعب من الهاربين أحمد فرغلي جاءت إلي أصواتهم من صعيد مصر وكأنهم خارجون من تحت الأنقاض, يستغيثون يطلبون المساعدة, متأكدين أن المجرمين يتأهبون للإنقضاض عليهم.. يتساءلون ماذا نفعل؟ لقد خرج القتلة وتجار المخدرات واللصوص من كل سجون الصعيد والوجه البحري وتوجهوا إلي بيوتهم, البعض يشاهدهم يترجلون دون خوف في الشوارع, وكأنهم يحتفلون بلحظة الانتصار علي رجال الشرطة وعلي عكس ما كان يحدث في السابق.. المجرم لا يخفي نفسه ولا يخبيء ملامحه, إنما يخرج بمنتهي البجاحة واثقا أن أحدا لن يلاحقه أو يلقي القبض عليه. لم تعد هناك أدلة جنائية أو دوريات اشتباه لا علي الطرق السريعة ولا عند مداخل القري والمدن.. أهالي مركز دير مواس في محافظة المنيا يتحدثون عن أحد المجرمين الذي خرج من السجن وارتكب علي الفور جريمة قتل ثأرية ليلة أمس الأول, وآخرون في أسيوط يتحدثون عن ذلك الشخص المجرم الذي قتل زوجته وحكم عليه بالسجن المؤبد وهرب علي الملأ, وحدث ولا حرج عن تجار المخدرات ومهربي الهيروين الذين خرجوا أحرارا طلقاء وكأنهم كانوا في مهمة وطنية أو أسري حرب. تفاصيل الخوف والرعب كثيرة, وكل المصريين بلا مبالغة لا يذوقون إلا مرارة الخوف وطعم الرعب والصورة أمامهم تبدو شديدة الضباب, هم لا يتحدثون الآن عن أي شيء آخر بقدر ما يطلبون الأمن, لسان حال النساء الخائفات لا يملكن إلا أن يتضرعن فقط إلي الله. سألت مصدرا مهما بمصلحة السجون المصرية..؟ من المسئول عن تخريب السجون وإطلاق المجرمين؟. أجابني مصدري بمنتهي الحزن.. نحن مظلومون وزملائي عجزوا عن المواجهة وأصيبوا وكثيرون منهم توفاهم الله شهداء في مواجهة أهالي المجرمين وتفسيري الوحيد أن المجرمين وزعماء العصابات تأهبوا عندما علموا بانسحاب الداخلية وترك الأمر للقوات المسلحة ومن المعروف أنهم جميعا يحملون السلاح, وقد لاحظنا أن هناك جهات منظمة وأماكن مستهدفة وسجونا مقصودة بهدف إشاعة الفوضي والعمل علي هروب الناس لاسقاط الدور الأمني والشرطي وهيبة الدولة, ويضيف المصدر الأمني أن واجهات بعض السجون تعرضت لتحطيم بالبلدوزرات, وهذا لا يمكن ان يقوم به أشخاص عاديون خاصة أن مداخل السجون الكبيرة متعددة الأبواب ولا أحد يستطيع اختراقها بسهولة, كما أنها شديدة المتانة والأمر الآخر أن توقيتات الهجوم علي السجون كانت متلاحقة بداية من سجن وادي النطرون إلي سجن دمو بالفيوم, وكذلك سجن طرة واسيوط وغيرها. سألته: هل تلقيت تعليمات بالأنسحاب من موقعك؟ أجابني: لم تكن هناك تعليمات واضحة بشيء ما ولكن العمل الشرطي يعتمد علي التوجيه من القيادة تلو الأخري وهذا التوجيه مبني علي الخطط الأمنية وفي تلك اللحظات غابت التوجيهات ولم تكن هناك خطة, وكانت المفاجأة اكبر من كل شيء.. الأمر الآخر أن ضابط الشرطة بدا وكأنه المسئول عن كل ما يحدث في مصر.. ومن منطلق يا نفس ما بعدك روح حدث ما حدث. وهل من الممكن إعادة الانضباط وإلقاء القبض علي الهاربين؟! هذه مسألة سوف تحتاج إلي وقت وخاصة فيما يتعلق بالذين صدرت ضدهم أحكام بالسجن المؤبد أو تجار المخدرات أو مرتكبي جرائم القتل وغيرهم من السياسيين.. لكن الذي يجب أن يفهمه الجميع نحن لم ننسحب ولم نخن البلد ولم نضحي بالشعب المصري نحن تعرضنا لمؤامرة لا أحد يفهم تفاصيلها حتي الآن.. والأهم أن يتكاتف الشعب المصري ويحمي نفسه وبلاده وممتلكاته ويثق في أجهزته سواء الشرطية أو القوات المسلحة.. أنا أتوسل والكلام للضابط الكبير بوزارة الداخلية إلي كل مصري أن يسهم في إنقاذ مايمكن إنقاذه وليس هدم شئ جديد. وفي تعليقه علي واقعة الهاربين الجنائيين من السجون طالب المستشار جهاد الألفي رئيس محكمة جنايات المحلة الأهالي واللجان الشعبية بالتصدي لهؤلاء الهاربين وبذل كل الجهد لتسليم أي هارب للقوات المسلحة أو الشرطة في أي مكان حتي ننجح في تخفيف المعاناة النفسية عن الناس, مشيرا إلي أن الجهود الشعبية والقوات المسلحة تحاول القبض عليهم لكن هناك من يلجأ إلي التخفي في مناطق متطرفة أو في زي مختلف, بيد أن هؤلاء لايملكون قدرة التحرك باستمرار بسبب عدم وجود إثبات شخصية معهم. وعلي حسب تقديره يري المستشار رضا شوقي بمحكمة الجنايات بالقاهرة أن مسألة تجميع هؤلاء المجرمين ليست صعبة لأن مصر تمتلك أجهزة امنية كثيرة والقوات المسلحة قادرة علي حصر المناطق ومحاصرة المجرمين ولكن يبقي الدور الأهلي علي عاتق الأهالي واللجان الشعبية, وهذا الدور مع ضرورة الأسراع في عودة نقاط الأمن وتسيير الأمور في البلاد والوضع في الأعتبار أن هؤلاء الهاربين سوف تضاف اليهم عقوبة جديدة تتعلق بالهرب وسوف يحاكمون عليها, والأمر الآخر أنهم لا يحملون وثائق إثبات شخصية وسوف يلجأون إلي التستر والعيش بعيدا عن أعين الناس والشرطة. وهناك حالات رصد لهم الآن من جانب القوات المسلحة والطائرات في المناطق الصحراوية.. وأنا لست قلقا علي محاصرتهم لأن القوات المسلحة ألقت القبض علي الآلاف منهم. وينصح الدكتور أحمد عكاشة رئيس الجمعية العالمية للطب النفسي بعدم الخوف الزائد عن الحد خاصة أن هذه الحالة سوف تنتهي بزوال المحنة وبمجرد عودة الأمن والانضباط إلي الشارع, وذلك لأن علم النفس يقول إن الشدائد والثورات والبراكين دائما مع تدفع الناس إلي التمركز والتكاتف حول الذات, كما أن هذه المواقف تساعد علي أقصي مدي علي زوال الأمراض النفسية لدي الأفراد والمجتمعات لأنها تخفف من الضغوط والمعاناة التي ظلوا يتعرضون لها كما أن زوال عقد الخوف تجعل الناس قوية والقلق يزول تدريجيا.