أسترجع بذاكرتي سنوات بعيدة عندما طرقت باب مكتبه بالمجلس الأعلي للثقافة.. لم أكن أعرفه جيدا, كل ماهنالك تلك المجموعة القصصية الماساتالزيتونية التي وجدتها في مكتبتنا, ومنذ ذلك الحين تولدت لدي الرغبة في الذهاب إليه ومقابلته, راح يطالعني بوجه طيب بشوش, قسمات حانية ودودة, لم يستطع الشعر الأبيض الذي برأسه أن يخفي الشباب الذي بداخله, وانتبهت علي صوته: في اللحظات الأخيرة من حياته وقفت أتأمل جسده الثاوي وهو يتأهب للرحيل بادئا رحلة جديدة في أعماق الكون كأنه يستعد لكتابة شيء جديد لكنه لم يبح لي به كما كان يفعل دائما.. يغمض عينيه مستغرقا في التفكير والتأمل يفتحهما لتلتقي عينانا فيفرج عن ابتسامة عذبة, فهذه هي لغتنا الخاصة التي كنا نتبادلها حتي في أشد اللحظات.. وعندما أغمض عينيه تماما أدركت أنه قد بدأ في الكتابة وتركنا أسري للحزن.. والحزن قرصان ماكر متربص في بحر الأمل لكننا لن نستسلم له.. فنهاد شريف سيبقي بيننا بأعماله وأفكاره الجديدة السباقة دائما وسنستعير ابتسامته لتكون سلاحا في وجه القرصان وكل قراصنة النجاح والإبداع.. رحم الله نهاد شريف..