الأعلى للإعلام: استدعاء الممثليين القانونين لعدد من القنوات الفضائية بسبب مخالفة الضوابط والمعايير    جامعة بني سويف بالمركز ال 676 في تصنيف «يو إس نيوز»    ب290 دينار شهريا.. بدء اختبارات المتقدمين للعمل بمهنة «تربية الدواجن» في الأردن (تفاصيل)    البنك المركزي السويدي يخفض الفائدة 25 نقطة أساس إلى 2%    رسميًا.. الرئيس السيسي يُصدق على قانون تحديد نسب العلاوات للموظفين بالدولة    البورصة المصرية تربح 1.2 مليار جنيه في ختام تعاملات الأربعاء    "فوربس" تختار الشركة الشرقية إيسترن كومباني بقائمة أقوى 50 شركة عامة في مصر لعام 2025    البرلمان الأوروبى يعتمد قرار منح مصر دعم مالي بقيمة 4 مليارات يورو    اتصال بين وزير الخارجية ورئيسة البرلمان الأوروبي بعد اعتماد دعم مالي جديد لمصر ب4 مليارات يورو    فيديو احتراق مقر الموساد بين الحقيقة والشائعات في ظل التصعيد الإيراني الإسرائيلي    مدرب الأهلي يحذر من «ميسي الصغير» قبل مواجهة بالميراس    «كله بيقول أنا نجم».. مصطفي يونس يفتح النار على لاعبي الأهلي    تظهر خلال ساعات.. نتيجة الصف الثالث الإعدادي 2025 في الشرقية بالاسم ورقم الجلوس    ضبط نصف طن لحوم ودواجن مجهولة المصدر في حملات رقابية بالشرقية    الليلة.. «الطريق» يفتتح مهرجان فرق الأقاليم المسرحية (صور)    المخرجة سارة وفيق تكشف عن مشاريع درامية في مرحلة الفكرة مع تامر حسني    أسماء أبواليزيد تفقد الوعي بعد ضرب أحمد مجدي لها.. ملخص «فات الميعاد» الحلقة 5    مركز منع انتشار الأسلحة النووية: لا أدلة تثبت امتلاك إيران سلاح نووى    بالأسماء.. موعد الاختبارات التحريرية المركزية للمسابقة العالمية ال 32 لحفظ القرآن الكريم    إزالة 3 تعديات على أملاك الدولة والأراضي الزراعية في الشرقية    حماة الوطن: الحزب منفتح على التحالف مع الأحزاب الأخرى في الانتخابات    «بينهم سيدة».. تأييد السجن 3 سنوات لمتهمين بحيازة المخدرات في بني مزار بالمنيا    قصور الثقافة تواصل برنامج مصر جميلة لتنمية المواهب بمدينة أبو سمبل    منها الديربي.. عمر مرموش يغيب عن 5 مباريات بالموسم الجديد لهذا السبب    ما حكم الصلاة الجهرية بالقراءات الشاذة؟.. الإفتاء تجيب    خبيرة الطاقة: «الساعة الذهبية قبل مغرب الجمعة» طاقة روحانية سامية    السجن 7 سنوات لبلطجي في قنا سرق طفلان تحت تهديد السلاح    حكم ضمان ما تلف فى يد الوكيل من أمانة.. دار الإفتاء تجيب    محافظ الدقهلية: 1224 مواطنًا استفادوا من القافلة الطبية المجانية    هيئة الرقابة النووية: مصر آمنة إشعاعيًا.. ولا مؤشرات لأي خطر نووي    شركة VXI الأمريكية للتعهيد تستهدف زيادة استثماراتها بمصر إلى 135 مليون دولار    "تأجيل مفاجئ لصفقات الزمالك".. الغندور يكشف التفاصيل    "شرط غير قانوني".. مفاجأة مدوية حول فشل انتقال زيزو ل نيوم السعودي    شوبير يكشف حقيقة مفاوضات نادٍ أمريكي مع مهاجم الأهلي وسام أبوعلي    مش بس نور الشريف.. حافظ أمين عاش بمنزل السيدة زينب المنهار بالدور الأرضى    بهاء وهيكل.. ذكريات لها تاريخ!    تعرف على جدول مباريات مانشستر سيتى فى الدورى الإنجليزى موسم 2025 - 26    سفير إيران: إذا ثبت لدينا تورط واشنطن بالحرب فسنبدأ بالرد عليها    رسميًّا.. ضوابط جديدة للمدارس الخاصة والدولية بشأن توزيع الكتب    بدء جلسة محاكمة المتهمين فى واقعة سفاح المعمورة بتهمة التهديد مقابل مبالغ مالية    حبس معلمة 4 أيام بتهمة محاولة تسريب امتحان ثانوية عامة بالشرقية    طلاب تجارة عين شمس يحصدون منحة "إيفل" الفرنسية للتميز الأكاديمي    بعد الموافقة النهائية من «الإسكان».. تفاصيل عقود الإيجارات القديمة التي تطبق عليها التعديلات    ضبط 14 مركزا لعلاج الإدمان بدون ترخيص    تنفيذ 9264 عملية عيون للمرضى غير القادرين بأسوان    محافظ دمياط يناقش ملف منظومة التأمين الصحى الشامل تمهيدا لانطلاقها    الطقس اليوم.. مائل للحرارة نهارا وشبورة كثيفة صباحا والعظمى بالقاهرة 33    سعر الدولار اليوم الأربعاء 18-6-2025 أمام الجنيه المصرى فى بداية التعاملات    طقس اليوم الأربعاء.. انخفاض جديد في درجات الحرارة بالقاهرة    طريقة عمل الحجازية، أسهل تحلية إسكندرانية وبأقل التكاليف    السلطات الإيرانية تمدد إغلاق الأجواء في البلاد    كاد يكلف صنداونز هدفا.. تطبيق قانون ال8 ثوان لأول مرة بكأس العالم للأندية (صورة)    مقاومة متواصلة ضد الاحتلال .. القسام تدمر ناقلتي جند وسرايا القدس تسقط طائرة مسيرة    الكشف المبكر ضروري لتفادي التليف.. ما علامات الكبد الدهني؟    نجم سموحة: الأهلي شرف مصر في كأس العالم للأندية وكان قادرًا على الفوز أمام إنتر ميامي    ألونسو: مواجهة الهلال صعبة.. وريال مدريد مرشح للتتويج باللقب    جدال مع زميل عمل.. حظ برج الدلو اليوم 18 يونيو    الأبيدى: الإمامان الشافعى والجوزى بكيا من ذنوبهما.. فماذا نقول نحن؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحركات الإسلامية‏..‏ ومسألة الخلافة‏!‏
نشر في الأهرام اليومي يوم 21 - 12 - 2010

كان إلغاء الخلافة أحد أهم العوامل التي أضعفت تيار الاصلاح الدنيي أو التجديد الفكري الإسلامي الذي وضع الإمام محمد عبده أسسه في أواخر القرن التاسع عشر وحتي رحيله عام‏1905,‏ أحدث إلغاء الخلافة هزة عميقة دعمت الميل الي الجمود والمحافظة علي القديم خوفا من التجديد في لحظة بدا الإسلام فيها مهددا‏,‏ أو هكذا خيل إلي من خلطوا بين الدين والسلطة التي استخدمته من ناحية‏,‏ وبين الاصلاح الديني والتغريب الذي اقترن بغزو استعماري من ناحية ثانية‏.‏
ومنذ ذلك الوقت‏,‏ ظلت الخلافة مسألة مركزية في العقل الإسلامي الأصولي باتجاهاته المتباينة بغض النظر عن حجم اهتمامه العام بها‏,‏ فباستثناء أدبيات ومواقف حزب التحرير الإسلامي‏,‏ الذي ظهر في الأردن عام‏1950,‏ الا يتسني العثور علي كلمة خلافة في الخطابات السياسية والإعلامية للحركات الإسلامية إلا بشق الأنفس‏,‏ واذا سألت قياديين في هذه الحركات سياسية كانت أو سلفية عن الخلافة أجابوا بأنها ليست علي جدول أعمالهم‏,‏ وهم صادقون في ذلك غير كاذبين‏,‏ فقد تكون الخلافة خارج نطاق أولوياتهم‏,‏ وهي كذلك فعلا‏,‏ ولكنها ليست بعيدة عن منهج وطريقة تفكيرهم في حاضر الأمة ومستقبلها‏.‏
فالخلافة كامنة في الوعي الإسلامي الأصولي السياسي والديني علي حد سواء‏,‏ ولكنها في مكمنها هذا‏,‏ ليست عرضة للتراجع أو الانحسار‏,‏ فهي لديهم أقوي من أن يتجاوزها الزمن‏,‏ لأنها ترتبط بمنهج شامل غير قابل للتجزئة إلا عبر قبول أصحابه التمييز بين الدولة والدين بحيث يكون لكل منها مجاله المستقل أو علي الأقل غير المتداخل مع الآخر‏.‏
وليس هناك دليل علي قوة فكرة الخلافة في خلفية الحركات الإسلامية المعاصرة من فشل الاجتهادات التي سعت الي حصرها في المجال السياسي وتفريغها من محتواها الديني بأمل نزع القداسة عنها‏,‏ وكان أهم هذه الاجتهادات‏,‏ ذلك الذي ذهب الي تكييف الخلافة باعتبارها ولاية عامة سياسية وإدارية من النوع الذي يتولاه رئيس دولة أو ملك عليها‏,‏ وإعادة صوغ مفهوم الخليفة باعتباره وكيلا عن الأمة وليس نائبا عن رسول الإسلام صلي الله عليه وسلم‏.‏
وكان الأستاذ صلاح عيسي قد أعاد‏,‏ في دراسة مهمة كتبها عن الخلافة وسلطة الأمة‏,‏ أصل هذا الاجتهاد الي تقرير أعده فريق من علماء الإسلام الأتراك عام‏1923,‏ ولكن هذا الاجتهاد افتقد المصداقية لأنه صدر في ظل اتجاه السلطة الجديدة في تركيا حينئذ إلي إلغاء الخلافة‏.‏
وعندما تبني الشيخ علي عبد الرازق في كتابه الإسلام وأصول الحكم اجتهادا آخر مفاده أنه لا أصل لنظام الخلافة في ثوابت الإسلام التي لاتتوقف علي هذا النظام ولا علي من يطلق عليهم خلفاء‏,‏ قامت عليه الدنيا ولم تقعد في مصر وبلاد إسلامية أخري‏,‏ لأن ماطرحه اصطدام بما كان سائدا وصدمه‏.‏
فالثابت أن الخلافة علي امتداد تاريخ الدولة الإسلامية جمعت السلطتين الدينية والزمنية‏,‏ فالخلافة‏,‏ معني ومبني‏,‏ هي الإمامة في أمور الدين والدنيا‏..‏ في إقامة القوانين الشرعية وحفظ حوزة الملة علي وجه يجب اتباعه علي كافة الأمة كما وصفها البيطاوي مثلا وهي‏,‏ عند ابن خلدون‏,‏ حمل الكافة علي مقتضي النظر الشرعي في مصالحهم الأخروية‏,‏ والدنيوية الراجعة إليها‏,‏ إذ أحوال الدنيا ترجع كلها عند الشرع الي اعتبارها بمصالح الآخرة‏,‏ فهي خلافة عن صاحب الشرع في حراسة الدين وسياسة الدنيا به‏.‏
وقد قامت الخلافة‏,‏ أصلا‏,‏ علي ضرورة أن يكون هناك من يقوم علي حفظ الدين وسياسة الدنيا به‏,‏ فكان الخليفة بالفعل هو خليفة رسول الله عليه الصلاة والسلام‏,‏ وهذا ثابت من اعتراض الخليفة الأول أبوبكر الصديق علي من أسموه خليفة الله قائلا‏:‏ لست خليفة الله ولكن خليفة رسول الله‏).‏
أما القول بأن الخليفة كان وكيلا عن الأمة‏,‏ وليس خليفة للرسول صلي الله عليه وسلم‏,‏ فلا يمكن ان ينهض علي أساس لأن فكرة الوكالة عن الأمة لم تكن معروفة في ذلك العصر‏,‏ إذ ظهرت بعده بنحو عشرة قرون علي الأقل‏,‏ ومع ذلك كان بعض فقهاء المسلمين سابقين اليها علي استحياء وبشكل هامشي لم يؤثر علي الحالة العامة التي سادت الدولة الإسلامية علي مر عصورها‏.‏
وكان طبيعيا أن يجمع الخليفة السلطتين الدينية والزمنية‏,‏ لأن الفصل بينهما لم يكن قد ظهر في التاريخ بعد فكان للخليفة علي المسلمين الولاية العامة والسلطان الشامل‏,‏ مثلما كان عليه القيام علي دينهم وتنفيذ شريعته واقامة حدوده‏.‏
ومن الثابت أيضا ان كل ولاية دونه كانت مستمدة منه‏,‏ ولم يكن عليه قيد في كل ذلك إلا الشرع‏,‏ غير أن هذا القيد صار محل نظر بعد أن تحولت الخلافة الي ملك عضوض منذ تأسيس الدولة الأموية دون أن تفقد أسمها‏,‏ وبالرغم من أن هناك أساسا نظريا ما للقول ان الخلافة تقوم علي البيعة من أهل العقد والحل‏(‏ وهذا يختلف عن الوكالة عن الأمة‏),‏ فالثابت في التاريخ أيضا أنها قامت علي القوة أكثر من أي شيء آخر‏.‏
والمثل المشهور علي ذلك‏,‏ وهو ليس أكثر من نموذج‏,‏ قصة البيعة ليزيد بن معاوية‏,‏ حين قام أحد الدعاة الي تلك البيعة خطيبا في الحفل فأوجز البيان في بضع كلمات قائلا‏:‏ أمير المؤمنين هذا‏,‏ مشيرا الي معاوية فإن هلك فهذا مشيرا الي يزيد‏,‏ فمن أبي فهذا مشيرا الي سيفه‏,‏ وينطبق ذلك علي الدول والدويلات التي قامت في مناطق مختلفة من العالم الإسلامي في فترات ضعف الخلافة وإنحسارها‏.‏
فالفكرة‏,‏ هنا‏,‏ هي أنه علي امتداد تاريخ الخلافة تاريخيا وجغرافيا‏,‏ ظل دمج الدين بالدولة‏,‏ قائما‏,‏ أيا كان اسم هذه الدولة‏,,‏ فكانت الخلافة تعبيرا يصف سلسلة طويلة من نظم الحكم التي تعاقبت علي المسلمين‏,‏ ولذلك أصاب من ذهبوا الي أن الجدل حول الخلافة خلط بين أمور كثيرة‏,‏ ولكن ما لاينبغي خلطه بغيره هو أن الدولة الإسلامية منذ الخلافة الراشدة حتي الخلافة العثمانية كانت دولة دينية اندمج فيها الدين بالسياسة‏,‏ وأن هذا هو مايدفع الي مطالبة الحركات الإسلامية التي تعمل بالسياسة‏(‏ حركات الإسلام السياسي‏)‏ لإجلاء موقفها تجاه قضية الخلافة في إطارماتسميه الدولة المدنية ذات المرجعية الدينية‏,‏ فليس ممكنا البدء في نقاش ما إذا كانت دولتهم هذه مدنية حقا إلا إذا ثبت ان نظام الخلافة عندهم صار جزءا من تاريخ المسلمين وليس من مستقبلهم

المزيد من مقالات د. وحيد عبدالمجيد


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.