في عينيها بريق التحدي, وفي نبرة صوتها شجن وحنين إلي وطن منذور للحرب والخراب, سونيا ناصري التي غادرت بلدها أفغانستان عام9791 هربا من جحيم الغزو السوفيتي واستقر بها المقام في الولاياتالمتحدة عادت مرة أخري إلي موطنها أخيرا لتصور أحداث فيلمها الروائي الزنبقة السوداء الذي يحمل ادانة قوية لممارسات طالبان القمعية ضد المجتمع والمرأة والحضارة والتقدم باسم الدين, ولكن السؤال الذي لايستطيع المراقب للشأن السينمائي الامريكي ان يتجاهله هو: لماذا غضت المخرجة الامريكية ذات الاصل الافغاني الطرف عن ممارسات قوات الاحتلال الامريكي التي تسببت في مصرع الآلاف من المدنيين الابرياء باسم الديمقراطية؟! دعونا في البداية نفترض حسن النية ونستعرض أحداث هذا الشريط السينمائي المثير, يحاول الفيلم ان يقدم صورة اخري لافغانستان بعيدا عن مشاهد القصف الصاروخي والدبابات الثقيلة من خلال قصة امرأة جاءت من مخيمات اللاجئين بعد سقوط حركة طالبان عام1002 لتفتتح مقهي بوسط العاصمة كابول وتتيح الفرصة للأولاد والشباب من الجنسين للقاء بعيدا عن سطوة شرطة طالبان, بل ويذهب السيناريو إلي حد ابعد من ذلك يتمثل في تقديم البطلة للمشروبات الكحولية لرواد المقهي في اقداح القهوة والشاي, فضلا عن لحظات الحب المختلسة بين العشاق في الحواري والازقة النائية بعيدا عن العيون المتلصصة! وبالطبع تصبح صاحبة المقهي هدفا لشرطة طالبان التي تعلن عليها الحرب وتستهدف أفراد اسرتها واحدا تلو الآخر. بنبرة مفعمة بالزهو, قالت سونيا في المؤتمر الصحفي الذي تلا العرض الخاص للفيلم: اردت ان احكي قصة حقيقية عن اناس يحلمون ويأملون في ان تتحقق أحلامهم وللانصاف نقول ان جزءا كبيرا من كلام المخرجة تحقق بالفعل, فعبر الشريط السينمائي استطاعت كاميرا سونيا ان تغزل بنعومة الكثير من نسيج الحياة الاجتماعية الافغانية في البيوت والطرقات والطبيعة الجبلية التي تجمع بين الجمال والقسوة. ولم يكن الوصول إلي هذه النتيجة سهلا, فميزانية الفيلم محدودة وكان علي المخرجة الشجاعة ان تعتمد علي ادوات بسيطة في تكلفتها, وايضا يسهل اخفاؤها عن اعين المتربصين! اللافت للنظر أن المخرجة هي نفسها من تقوم بدور البطولة وتبرر ذلك بأن الممثلة الافغانية التي رشحتها للقيام بذلك عاقبتها حركة طالبان ببتر ساقيها, وبالتالي لم يكن امامها سوي ان تقوم بالبطولة بنفسها بسبب إحجام بقية الافغانيات عن المشاركة في هذا العمل, وبرغم ان سجل طالبان في قمع النساء حافل, إلا ان المرء لايمكنه حقا ان يطمئن إلي مصداقية مثل تلك الحكايات التي عادة ما تلجأ اليها ماكينة الاعلام الامريكية بهدف تسويق الافلام وصنع حالة من البروباجندا حولها.. ولعل هذا ما دعا لطيف الاحمدي مدير المؤسسة الافغانية العامة للسينما إلي التشكيك في مصداقية تصريح سونيا بشأن موضوع بتر الاطراف هذا, وقال انه لم يسمع اصلا باسم تلك الممثلة التي اصبحت الضحية المزعومة لطالبان. العرض الخاص للفيلم نظمته السفارة الامريكيةبكابول وسط حراسة امنية مشددة وبحضور المئات من المشاهدين,