في الماضي كان الصعيد له عادات وتقاليد من أهمها احترام الكبير.. وكان الكبير دائما ذا حكمة وبصيرة نافذة, وكلام الكبار له احترامه والجلسات العرفية تغني عن كثير من الكوارث وتخفف العبء علي مراكز الشرطة أيضا. وفي السنوات الأخيرة وفي ظل العديد من المتغيرات لم يعد دور الكبير موجودا في الصعيد كما كان في الماضي, فانفلت العيار وانتشرت الجرائم التي تقع بين العائلات وهي معظمها جرائم انتقام وثأر وليس لها علاقة بالاختلافات الدينية وأن حاول البعض من أصحاب المصالح إن يلبسها لباس الدين. الدكتور حسن همام الأستاذ الجامعي بجامعة حلوان والخبير الاجتماعي وقبل كل ذلك هو ابن نجع حمادي التي اكتوت لياليها وأيامها فيما بعد الحادث يقول: هناك خلل أصاب أخلاق الصعيدي في مقتل, لقد أصبحنا نسمع عن حوادث لم يكن يتخيلها أحد في مصر كلها وليس في الصعيد وحده, فحادث اغتصاب طفلة هو حادث يندر أن يتوقع حدوثه في هذه البيئة الجنوبية شديدة التمسك بالتقاليد مسلمين ومسيحيين, وكذلك كل الحوادث المتعلقة بالشرف فقيمة الشرف لدي الصعيدي ترجح علي قيمة الحياة نفسها, ولا أكاد أصدق أن يشوه أحد أبناء الصعيد صورة إحدي بناته بأي وسيلة, بل كان الصعيدي يشعر بغصة إذا ما تحدث أي غريب عن فتاة أو امرأة صعيدية بمالايليق. والدكتور حسن همام يقصد بذلك القصص المتعلقة بنشر صور فاضحة لبعض الفتيات وهذه حوادث غريبة عن البيئة الصعيدية ولكنها انتشرت وتسببت في أحداث مؤسفة في أكثر من مكان بطول الصعيد. فالذي أصيب في مقتل ليس الوحدة الوطنية في الصعيد, ولكن سبقته أخلاقيات الصعيدي نفسه للأسف, وحادث ليلة عيد الميلاد نفسه كان سببه أخلاقيا وليس له علاقة من قريب أو بعيد بالتطرف الديني, ولكنه تطرف أخلاقي. ويؤكد رؤية الدكتور حسن همام بلدياته رجل الأعمال الصعيدي ابن نجع حمادي أيضا ماجد أديب طوبيا الذي شهد بعيني رأسه قديما كيف كانت مجالس الكبار تحل وتربط في كل شئ, كان الصعايدة يجلسون كبارهم ويرجعون إليهم, فكانت فتن كثيرة تدفن في مهدها, يذكر كيف كان جده وقتها من كبار المسيحيين في نجع حمادي يجري الاتصالات مع عمد البلاد وكبارها عند حدوث أي شئ يهدد بتعكير الصفو. وعندما ذهب عهد الكبير ظهرت أمراض الصعيد الاجتماعية والأخلاقية وتحولت علي أرض واقعة إلي أزمات طائفية وأمنية يعاني منها المسلم والمسيحي معا فقد كان كل واحد له كبير واللي مالوش كبير يشتري له كبير كما يقول المثل الصعيدي, الصميم, ويؤيد ذلك أيضا مجدي فتحي عطية المدير المالي بمديرية الصحة بقنا وهو مع ذلك يري إمكانية عودة الكبير المفقود ليفرض قوانين وتقاليد الصعيد العتيدة ويري عناصر جديرة بذلك تكمن في المجتمع الصعيدي وهي عناصر ساهمت في عدم اتساع نطاق الفتنة لأنها لاتزال حاملة للقيم فيذكر لحظة وقوع الحادث كيف تدخل رجال مسلمون لكبح جماح الفتنة بل رأي جاره الصيدلي المسلم يسرع إليه لينبهه من خطر الرصاص وهو علي بعد خطوات منه. ولكن موقف الحاج عبد الوهاب السبنسي المدير العام بالشباب والرياضة في شمال قنا سابقا يختلف نوعا عما سبق حيث يؤكد أن المجتمع الصعيدي مازالت فيه القيم والتقاليد التي تحفظه ويحفظها,لكن هناك متغيرات جادة في المجتمع كله وليس في الصعيد فقط فالكبير موجود ولكن في كثير من الأحيان لا أحد يسمع له فاضطر للانزواء أو الظهور عند الشديد القوي.