مع انطلاقة جولة المفاوضات المباشرة الفلسطينية الإسرائيلية ابتداء من الخميس المقبل(2 سبتمبر) ولمدة عام كامل( أي حتي سبتمبر2011) . يبدو واضحا أن توقيت بدء المفاوضات يأتي مواكبا أو متزامنا مع بدء أعمال الدورة الجديدة للجمعية العامة للأمم المتحدة( الثلاثاء الثالث من شهر سبتمبر) ويحقق هذا التزامن كسبا سياسيا للقضية الفلسطينية في مختلف أروقة الأممالمتحدة ابتداء من مجلس الأمن إلي الجمعية العامة للأمم المتحدة إلي مجلس حقوق الإنسان...الخ. وفي هذا السياق تبدو أهمية التحرك العربي الجماعي في أروقة المنظمة الدولية لمحاولة كسب أصوات التجمعات الدولية لمناصرة القضية الفلسطينية ولممارسة المزيد من الضغوط علي إسرائيل حتي تمتثل لمفاوضات جادة. والأمل يراود الدول العربية في مناصرة ومؤازرة التجمعات الدولية وفي مقدمتها الاتحاد الأوروبي والذاكرة العربية لا تزال تستوعب جيدا موقف الاتحاد الأوروبي عندما قاطع احتفالات اسرائيل بمرور3000 عام علي جعل القدس عاصمة للدولة اليهودية حيث أعتبر الاتحاد الأوروبي ان المشاركة في الاحتفالات تعني اعترافا بالقدس الموحدة عاصمة أبدية لإسرائيل. ويتواصل ويتجدد الموقف الأوروبي حاليا بشأن عملية السلام العادل في الشرق الأوسط من واقع تصريحات وزير الخارجية الألماني منذ أيام قليلة مؤكدا أن الحكومة الألمانية قد عملت بالتعاون مع شركائها في إطار اللجنة الرباعية للشرق الأوسط بشكل مكثف علي الانتقال من مفاوضات سلام غير مباشرة إلي مفاوضات مباشرة, وناشد الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي استغلال هذه الفرصة وتوفير أجواء مناسبة للمفاوضات من شأنها بناء الثقة, مشيرا إلي أن بلاده ستعمل بالتعاون مع شركائها وستبذل كل ما في وسعها لدعم هذه العملية. وتؤكد الأحداث في كل مرحلة من مراحل تاريخنا العربي أن الخطر علي القدس يشكل دافعا قويا لوحدة صف الأمة من الخليج الي المحيط وقضية القدس تشكل لب القضية الفلسطينية فالدفاع عن القدس وتأكيد هويتها والحفاظ علي تراثها العربي من العبث هو الشغل الشاغل لكل آليات النظام الأقليمي العربي حتي تتحرر القدس من مخطط التهويد وتصبح في سياق عملية السلام العادل عاصمة للدولة الفلسطينية. وهكذا يتم تصحيح مسار تاريخ المدينة المقدسة منذ تقسيمها وابتلاع شطرها الغربي عام1949 ثم احتلال شطرها الشرقي عام1967 ورغم توحيدهما منذ عام1980 كعاصمة لإسرائيل فلم يحظ هذا باعتراف دولي. ولعل هذا يدفعنا إلي تكريس العمل العربي المشترك بشأن عروبة القدس وإعطائه أولوية مطلقة في سياق التحرك العربي المشترك علي مختلف مستويات التحرك الدولي. وفي هذا السياق فمن الأهمية أن يستوعب المفاوض الفلسطيني دروس تجاوزات إسرائيل قبل الشروع في مفاوضات1996 إذ تحرشت اسرائيل ببيت الشرق الذي كان بمثابة وزارة الخارجية الفلسطينية, فقد أتخذه فيصل الحسيني مقرا للوفد الفلسطيني إلي مؤتمر مدريد وكمقر رسمي لاستقبال الدبلوماسيين والسياسيين الأجانب وبحث الاحتياجات السياسية والأمنية لمدينة القدس. وعندما شعرت إسرائيل بخطورة بيت الشرق لم تتردد في عزل الفلسطينيين عن هذا البيت والمؤسسات الفلسطينية الملحقة به وفي مقدمتها هيئة الأوقاف ومكاتب للاذاعة والتليفزيون.. الخ. والتذكير بما جري لبيت الشرق الذي كان مقرا رسميا للوفد الفلسطيني المفاوض يجعلنا نطالب بعودة بيت الشرق إلي الوفد الفلسطيني المفاوض حاليا.. وإذا أقدمت إسرائيل علي تلك الخطوة فإنها وان كانت خطوة مستبعدة تفصح عن نيات المفاوض الأسرائيلي الذي تعود علي قلب موائد المفاوضات مع الفلسطينيين. {{{= والجديد في المبادرة الألمانية تحديد إطار زمني محدد لانهاء الصراع بالشرق الأوسط بكل جدية في غضون عام واحد مع مطالبة الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي بالتحلي بالإرادة السياسية وابداء الاستعداد الضروري للحل الوسط في اطار الحلول المحتملة للقضايا العالقة والحاسمة التي تم تناولها في مفاوضات سابقة. وهنا تحث المبادرة الألمانية المفاوضين علي أن الشعوب في الشرق الأوسط تريد اتفاق سلام له تأثيره الإيجابي علي استقرار المنطقة بأسرها. وقبل الشروع في الجلوس علي مائدة المفاوضات أسرع كل طرف بوضع مجموعة شروط أو تحفظات أبرزتها مختلف الصحف العربية والإسرائيلية واتسمت تحفظات نيتانياهو بالصعوبة والتطرف فهي أشبه بالشروط المفروضة علي الطرف الفلسطيني, واستهل نيتانياهو شروطه بقوله إن إسرائيل في حاجة إلي شريك حقيقي في الجانب الفلسطيني وكرر شروط إسرائيل لتوقيع الأتفاق الذي يجب أن يرتكز علي ثلاثة شروط أساسية هي ترتيبات أمنية متينة وواضحة ميدانيا والأعتراف بإسرائيل دولة قومية لليهود ودولة فلسطينية منزوعة السلاح, أما الجانب الفلسطيني فأكتفي بإعادة الخطاب الفلسطيني التقليدي مقرونا بشرط واحد هو انسحاب السلطة من المفاوضات إذا واصلت إسرائيل الأستيطان. وأيا كان الأمر فإن تبادل المفاوضات بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي لن تجدي بالتصريحات الأعلامية ولعل دروس كامب ديفيد 1, كامب ديفيد 2 تشير إلي الطريق الصعب للمفاوضات الحالية عبر الأثير.