بعد إطلاق القمر الصناعي المصري الثالث الجديد202 للبث الإذاعي( راديو وتليفزيون), ننتظر الكثير, خاصة بعد القرار الذي أصدره وزير الإعلام أنس الفقي بأن يجري بث القناة الثانية الأرضية فضائيا أيضا. لتكون كالقناة الأولي متاحا مشاهدتها للجميع بسهولة في جميع أقاليم مصر وخارجها, ثم نقل قناة النيل للدراما فضائيا أيضا لتصبح مرئية خارج حدود الوطن. لقد أطلقت مصر قمرها الأول101 في ابريل عام1998, برغم أن العمر الافتراضي للقمر يتراوح بين12 و15 سنة, فإن مصر أطلقت قمرها الثاني102 عام1998 الذي كان قد تم تصنيعه مع الأول كاحتياطي له, وذلك بعد خروجه عن مداره والحاجة لتعزيزه, وها هو القمر المصري الثالث يتأهب لتعزيز البث الفضائي المصري بعد أن تم اطلاقه بنجاح. والواقع أن مصر قد دخلت عصر البث الفضائي بالفعل تدريجيا قبل سنين من اطلاق قمرها الأول, وذلك عندما استأجرت قنوات من القمر الصناعي العربي ومن أقمار أوروبية لتكون أسبق الدول العربية في البث التليفزيوني الفضائي الناجح, ولذلك كان, قرار الرئيس مبارك في عيد الإعلاميين منذ15 سنة, بأن يكون لمصر قمرها الصناعي, وبذلك بدأ تصنيع القمر الأول ليجري رحلاته بعد سنين ثلاث من قرار تصنيعه ولست أتصور أن مصر تواصل إطلاق أقمارها الصناعية متحملة في ذلك مئات الملايين من الجنيهات(237 مليون دولار تكلفها القمر الثالث وحده تصنيعا واطلاقا وتأمينا), من أجل الترفيه والامتاع بالدراما والبرامج, سواء الفنية أو السياسية بمختلف نوعياتها فقط, ولكن نتطلع الي جانب ذلك أن تصبح للأقمار الصناعية وبثها الفضائي دور في تعريف المواطنين لوطنهم ككل, وذلك بأن يتعرف مواطنو كل اقليم علي الأقاليم الأخري ومعالمها وعادات أهلها وتقاليدهم وتراث كل اقليم, وبيئته وفنونه, وذلك حتي يتحقق تلاحم المواطنين ويزداد ارتباطهم بالوطن من خلال تعرفهم عليه, وهو ما يعزز عدم التغرب والتوهان أمام البث الفضائي الأجنبي سواء أكان ناطقا بلغات غربية أوروبية أو لهجات عربية مختلفة مع ما قد يتضمنه من إعلام مضلل أو مخادع, وهو ما يؤدي الي تجريد الأوطان وشعوبها من خصوصياتهم. نتطلع الي أن يتحقق لقنواتنا المحلية أي قنوات القاهرة الكبري والاسكندرية والقناة ووسط الدلتا ووسط الصعيد وأسوان وأيضا للاذاعات الاقليمية بث فضائي حتي يستطيع كل من يريد من المصريين وغيرهم سواء داخل مصر أو خارجها, مشاهدة ما تقدمه القنوات التليفزيونية الإقليمية وكذلك الاذاعات المحلية المستحيل متابعتها من خلال البث الأرضي إلا للمقيمين داخل الإقليم. لقد أصبح الكثير من الشباب في مصر لا يعرفون ما يجب أن يعلمونه عن وطنهم وبيئاته المختلفة والثقافات المتنوعة لأقاليمه, وذلك بعد أن بدأت اقامة الاذاعات والقنوات التليفزيورنية الإقليمية في مصر منذ ثمانينيات القرن الماضي, ولتصبح مسموعة ومرئية داخل أقاليمها فقط, وبذلك أحدثت وسائل الإعلام دون قصد نوعا من الانفصال بين أقاليم ومحافظات الوطن الواحد, اذ اقتصر مواطني كل اقليم علي متابعة ما تبثه قنواتهم واذاعاتهم المحلية في الأوقات التي لا تقدم فيه القنوات والاذاعات العامة ما يحبون متابعته من مسلسلات درامية وأفلام وبرامج ترفيهية. مطلوب تحميل الأقمار الصناعية المصرية بالبث المحلي حتي يتوحد أبناء الوطن الواحد, ويتعرفون علي بعضهم وعلي وطنهم بملامحه ومقوماته ومكوناته كاملا, وبذلك يتشربون حبه ويتحقق الشعور الصادق بالوطنية والذي لا يولد في النفوس إلا عندما تشعر بعظمة الوطن وقيمته وتراثه الحضاري والثقافي, نعم مطلوب من إعلامنا المسموع والمرئي, استخدام البث الفضائي في غرس الوطنية المصرية وعشق الوطن في نفوس الأجيال الشابة, وهو ما يحميها من التغرب والتوهان في زمن البث الفضائي الذي يتجاوز الحدود بل والقارات, وذلك لن يتحقق إلا بالبث المصري الصميم الذي يقدم كل أقاليم مصر وما تتمتع وتتميز به.