المتابع للحلقات الأولي من مسلسلات رمضان هذا العام يجد أن الظاهرة اللافتة فى هذه الحلقات حتى الآن،هي سيطرة مشاهد العنف والدم والرؤوس التى تتطاير على هذه المسلسلات، هذه الملحوظة أكدها أيضا تقرير الرقابة على الحلقات الأولى من مسلسلات رمضان . حيث أشار التقرير الذى تم رفعه إلى أسامة الشيخ رئيس اتحاد الإذاعة والتليفزيون أن مسلسل "بالشمع الأحمر" بطولة يسرا تظهر فيه تفاصيل ارتكاب جرائم القتل بشكل قد يثير مشاعر المشاهد،والحقيقة أن مسلسل يسرا ليس هو الوحيد فهناك العديد من المسلسلات منها "شيخ العرب همام" الذى تطير فيه الرؤوس وتقدم على "الصواني"،وفى مسلسل "إختفاء سعيد مهران" يلقى والد سعيد مهران مصرعه ويسعى ابنه لتعقب الجناة والأنتقام منهم،ويشهد مسلسل "أهل كايرو" لخالد الصاوي جريمة قتل يسعى رئيس المباحث أو خالد الصاوي لفك طلاسمها،ويوجد في مسلسل "مملكة الجبل" صراعات وقتل حيث تدور الأحداث من خلال صراع أطراف عائلات حسان والبندارية والعبادية وتزداد حدة النزاع بسبب وجود كنز أثري ،وشهدت الحلقات الأولى من مسلسل "قضية صفية" للفنانة مي عز الدين جريمة قتل حيث ظهرت مي أوصفية فى الحلقة الأولى تحمل سكيناً تطعن به طارق لطفى والذى يدعى أنه شقيقها وهو المحور الذى تقوم عليه أحداث المسلسل ثم أخرجت السكين من جسده متأملة فى شكله ثم تجرى به على أهل القرية وتقول "الشيطان مات يابلد". ويضم مسلسل "بره الدنيا" للفنان شريف منير العديد من جرائم القتل والأشتباك بالأيدي والحرائق،وفى مسلسل "الجماعة"ظهرت أيضا بعض مشاهد الدماء وإن كان هو الأخف قسوة بالنسبة للأعمال الأخرى والأوقع أيضا، حيث تبدأ أحداث الحلقة الأولى بوقوع اشتباكات بين طلبة الأزهر فى الجامعة والتى ظهر من خلالها جثث بعض الطلبة ملقاة على الأرض وغامرة فى دمائها وإن كان مخرج المسلسل محمد ياسين لم يستغرق إلا ثوان معدودة فى هذا المشهد والذى اختتم به الحلقة. وفي مسلسل "موعد مع الوحوش" أيضاً نجد الثأر والجريمة،والإشتباك "بالمطاوي والسكاكين"،فضلا على أنه يتحدث أيضا عن تجارة السلاح. هذه "عينة " بسيطة من بعض المسلسلات التى تفجرت منها الدماء،فى الأسبوع الأول من الشهر الكريم ،عن ظاهرة العنف أو موضة العنف فى مسلسلات رمضان هذا العام كان لملحق "ع الهوا" هذه الوقفة مع بعض الفنانيين والمتخصصين وأساتذة الأعلام. فى البداية تقول الفنانة يسرا أن العنف الموجود فى مسلسل "بالشمع الأحمر" مبرر دراميا،ولا يوجد فيه أي مبالغة ، وطبيعة أحداث المسلسل هي التى تطلبت هذا العنف،حيث أجسد دور طبيبة شرعية تبحث بين جثث القتلى عن الحقيقة ،وحتى لانتهم بتزيف الواقع أو المبالغة فى تصوير بعض الجرائم ، إستعنا بملفات لقضايا حقيقية وتم تجهيل الأسماء وتغيير بعض المعلومات حتى لا نحرج أحد ، إضافة إلى أننا إستبعدنا قضايا أخرى لأنها تفوق الخيال من بشاعتها ،ولو تم تقديمها لن يصدقنا أحد. إنعكاس للواقع وتؤكد الدكتورة والكاتبة لميس جابرأن العنف الموجود فى كل المسلسلات مبرر،وإنعكاس للواقع،حيث أن الفن مرآة للمجتمع، والعنف الموجود فى المسلسلات التى نشاهدها حاليا لا يمثل واحد من ألف من العنف الذى نقرأ عنه كل يوم فى الجرائد،وبما أن المؤلفين يتأثروا وينفعلوا بما يدور حولهم، فبالتالي كانت النتيجة هى ما نشاهده حاليا،رغم أنهم يحاولون تجميل وتهذيب ما يحدث فى المجتمع. العنف يحيط بنا فى كل مكان ويقول المخرج أحمد عبدالحميد مخرج مسلسل "موعد مع الوحوش" لم نخترع العنف، ولم نأتي به من الفضاء إلى أرض الواقع ،بالعكس ما نقدمه جزء قليل جدا من الحقيقة ،فالعنف موجود في كل ما يحيط بنا وواجب الدراما هو نقل أي قضية تحيط بنا ومعالجتها و رغم ذلك فإن مسلسل "موعد مع الوحوش" يقدم العنف بشكل جديد ومختلف ،فلا نشاهد العنف بالصورة المتوقعة أو بالصورة المكررة. عنف ايجابي ويرى الناقد الفني طارق الشناوي :أننا أحيانا نعتقد أن شهر رمضان له طقوس درامية خاصة غير باقي شهور السنة ،وبالتالي يجب ألا نخدش هذه الطقوس،ولكن الحقيقة أن صناع الدراما يتعاملون مع أي نص بإعتباره نص درامي أما حقيقي فيقدمونه،أوالعكس ،والعنف الذى نشاهده حاليا فى المسلسلات ملمح إيجابي لأنه موجود فى الواقع،فمثلا الدم الموجود بكثرة فى مسلسل "بالشمع الأحمر"،جزء من الحالة التى تقدمها يسرا أو الدكتورة فاطمة التى نشاهدها معظم الوقت فى المشرحة،لكن ليس معنى كلامي هذا أن تغرق باقي الأعمال فى بحور من الدم أو العنف،لأن الجمهور ذكي وسيكتشف من الذى يضحك عليه ويقدم له التسلية عبر جرعات من العنف والدم والقتل ،ومن يقدم له الحقيقة حتى لو كانت صادمة بعض الشيئ،لهذا على صناع الدراما ضبط الجرعة الدموية حتى لا يحدث نفور من العمل،وتنقلب مشاهد العنف الزائدة إلى مشاهد ضحك وسخرية واستهزاء بالعاملين فى العمل الفني،كما حدث مؤخرا فى فيلم "إبراهيم الأبيض" لأحمد السقا،حيث تحولت مشاهد العنف الكثيرة إلى مشاهد ضاحكة!. الخوف أن يعتاد الشباب العنف أما الدكتور صفوت العالم أستاذ الأعلام بجامعة القاهرة فيقول :بعض المسلسلات تلجأ للعنف لأسباب درامية مرتبطة بالحدث وفى نسيج الدراما،مثل "بالشمع الأحمر" و "شيخ العرب همام"،فالعنف هنا موظف جيدا،وليس دخيلا على الأحداث ،و هناك عنف آخر مفتعل الغرض منه الأثارة ولفت الأنتباه نظرا لضعف الدراما ومحدوديتها مثل مسلسل "العار"،حيث أفتعل المؤلف أكثر من حدث وموقف وأنهى بهم الحلقات ،لخلق نوع من الإثارة ،ليحذب الجمهور لمواصلة الحلقات التالية. وهناك نوع آخر من العنف هو عنف الإيذاء بالالفاظ ،أو الأشارات ،أو أسلوب التعامل وهذا ايضا شاهدناه فى مسلسل "عايزه اتجوز"،فشاهدنا عنف متبادل بين أفراد الأسرة الواحدة فيه ألفاظ حادة،وفيه عنف فى إنهاء علاقة العرسان المتقدمين للزواج . والخوف من كثرة العنف المتواجد فى المسلسلات أن يعتاد عليه الأطفال والشباب الصغير فيصبح سمة من سمات تعاملاتهم اليومية،ويصبح النسق السلوكي للهولاء الصغار كما شاهدوه واعتادوا عليه فى الدراما التليفزيونية.