بعد محاكمة عاجلة أصدرت صباح أمس محكمة جنح المعادي حكمها الرادع في قضية غرق المركب المتهالك في نيل المعادي خلال نزهة نهرية وعلي متنها19 فتاة. مما تسبب في غرق9 منهن وإصابة3 آخريات ومازالت هناك فتاتان في عداد المفقودات, حيث قضت المحكمة بالحبس10 سنوات مع الشغل والنفاذ لقائد المركب علي عويس 18 سنة وهي أقصي عقوبة في جرائم القتل والإصابة الخطأ, كما قضت بالحبس لمدة6 شهور وكفالة ألف جنيه لشقيقه محمد مع إيقاف المركب المنكوبة إداريا في أقرب مرسي نهري.. وقد استقبل المتهم الحكم في حالة من الذهول والصدمة, بينما أعربت عائلات المجني عليهن عن ترحيبهن بالحكم, مؤكدين انه لا يوجد شيء يعوضهما عن فقدانهم لفلذات أكبادهم ومن ناحية أخري أكدت المحكمة في حيثيات حكمها انها لم تجد في ضميرها مسوغا يحول بينها وبين إنزال أقصي عقوبة بالمتهم ليكون له في الدنيا آية لمن تسول له نفسه الاستهانة بأرواح البشر. صدر الحكم برئاسة وليد محمد منتصر رئيس المحكمة وحضور أحمد حزين وكيل النيابة وسكرتارية جلسة خالد أحمد. بدأت وقائع الجلسة بتلاوة منطوق الحكم في مواجهة المتهم الذي تم اقتياده الي محبسه عقب صدور الحكم وسط حراسة أمنية مشددة وعلامات الحزن والذهول علي وجهه, بينما أعرب بعض أفراد أسرته عن صدمتهم من الحكم, مؤكدين أن إحدي المرشدات التي كانت بصحبة الفتيات طلبت استقلالهن جميعا المركب ورفضت أن يتم اصطحابهن علي مرتين مبررة ذلك بضيق الوقت لديهن في الوقت ذاته كان البكاء هو أول رد فعل لأسر المجني عليهن خاصة والد إحدي الفتيات التي لم تستخرج جثتها بعد الي الآن حيث قالوا انهم فقدوا أغلي مالديهم وقد أودعت المحكمة أسباب حكمها الذي بدأته بعرض لوقائع القضية والتي وقعت أحداثها منذ أسبوعين عندما انقلبت مركب كانت تقل19 فتاة بينهن3 مرشدات بالنيل أثناء توجههن في نزهة نيلية فلقيت9 منهن مصرعهن واصيبت3 أخريات بينما تم انقاذ الآخرين, وباشرت النيابة التحقيقات حيث قرر المجني عليهن ان المتهم أصر علي تحميل المركب بكامل عددهن رغم تجاوز الحمولة المسموح بها وعندما غرقت المركب لم يقدم لهن أية مساعدة فوجهت النيابة العامة للمتهم علي عويس18 سنة سائق المركب7 اتهامات من بينها التسبب خطأ في موت المجني عليهن وإصابة باقي الضحايا وكان ذلك ناشئا عن إهماله ورعونته وعدم مراعاته للقوانين, حيث وقعت تلك الجريمة نتيجة إخلاله بما تفرضه عليه أصول حرفته بأن قاد مركبا علي متنها عدد من الركاب تجاوز العدد المحدد بالترخيص, كما أن المركب غير صالحة للعمل ولا تتوافر بها أدوات إنقاذ وكذا تهمة السير بمركب في المياه الداخلية بدون ترخيص من الجهة المختصة وعدم إبلاغه الجهات المختصة بغرقها في المجري الملاحي. كما أدخلت النيابة شقيقه محمد عويس متهما بصفته مالك المركب ووجهت له الاتهام بعدم تجديد رخصة المركب في الميعاد المحدد قانونا وعدم تزويدها بمعدات السلامة والانقاذ والنجاة. وأضافت المحكمة انها اطمأنت لما انتهت إليه تحقيقات النيابة, وذلك من خلال ماجاء بأقوال المجني عليهن من أنهن عقب استقلالهن المركب حدث تسرب للمياه بداخلها وأن المتهم لاذ بالفرار ولم يقدم لهن أية مساعدة, كما قرر محمد أحمد مهندس ومدير ادارة الملاحة الداخلية بمحافظة حلوان ان المركب غير صالحة للعمل وأن حمولتها ستة أفراد بالقائد عندما يكون في حالة جيدة, وأرجع المهندس في تقريره سبب الحادث الي الحمولة الزائدة وأسباب فنية كان معها يمتنع علي قائد المركب الإبحار بهذه الحالة, كما أكد كتاب ادارة الملاحة الداخلية ان المتهم لا يحوز ترخيص بقيادة المركب المنكوبة, وانه حملها بثلاثة أضعاف حمولتها, وأضاف عليه محركا بغير ترخيص, مما يؤثر بالسلب علي حمولة المركب, وأشارت المحكمة انه لما كانت الجرائم المستندة للمتهمين قد ارتكبت جميعا في اطار اجرامي واحد فالمحكمة أخذت بالعقوبة الأشد علي جميع التهم, وهي عقوبة القتل الخطأ, وذلك بمقتضي ما خوله القانون للقضاء من سلطة تقدير العقوبة. وأشارت المحكمة إلي أنها أخذت في الاعتبار ظروف وملابسات الجريمة مقدرة لثمين حياة المجني عليهن وهن فتيات في مقتبل العمر, وكذا مصائب أسرهم فيهن وجسامة أخطاء المتهم والتي قلبتها المحكمة يمينا ويسارا, فلم تجد في ضميرها مسوغا يحول ان تنزل بالجاني أقصي العقاب تحقيقا للردع العام والخاص لتكون تلك العقوبة نذيرا ووعيدا لمن تسول له نفسه الاستهانة بأرواح البشر, طمعا في كسب سريع أو إهمالا وتقصيرا في واجباته وأهابت المحكمة في ختامها لأسباب حكمها كل مسئول علي حياة المواطنين وخاصة مشرفي الرحلة المنكوبة والمسئولين عن سلامة الملاحة النهرية وشرطة المسطحات المائية ان يرعوا الله في هذا الوطن وان يؤدوا الامانات الي أهلها ولعلهم يتعظون أن يقفوا ذات يوم موقف المتهم الأول.