ما أصعب أن تختلط داخلك مشاعر الأبوة والخوف والقلق علي أي من أطفالك.. ارتفعت درجة حرارة نجلي قليلا وكان آخر أيام امتحانات الشهر الثاني للدراسة فآثرت عدم إيذاء زملائه وقررت حجزه في المنزل. وظللت قلقا علي ابني حتي الخامسة من مساء نفس اليوم وأخبرتني زوجتي بأن درجة حرارته تخطت ال38,5 درجة فجن جنوني وإتصلت برقم(105) للاستفسار عن أعراض إنفلونزا الخنازير فردت المتحدثة بلباقة شديدة وفهمت منها أنه لافرق جوهري بين اعراض هذا النوع وأنواع الإنفلونزا الموسمية.. ولانني مواطن مطيع قررت الذهاب إلي مستشفي جراحات اليوم الواحد بمدينة نصر وتأكدت أن إخصائية الأطفال موجودة حتي السابعة والنصف. وطرت إلي المستشفي أنا وطفلي حتي وصلت الساعة6,15 فلم أجد الإخصائية وكانت أصوات المتواجدين في غرفة الاستقبال تتعالي وتتهم كل من في المستشفي بالتسيب والعديد من الآباء يصطحبون فلذات أكبادهم والهلع والخوف يكسوهم ويسيطر علي قسمات الوجوه خوفا من المجهول, الذي ينتظرهم أو قد يدخل عليهم بلا استئذان ويسألون: كيف انصرفت الإخصائية؟ وقررت ألا أتعامل مع أي مؤسسة تتبع وزارة الصحة. ذهبت إلي أحد المعامل الخاصة المصرح لها بهذا النوع من التحاليل وأخذوا مسحة من حلق الولد.. وسألت عن النتيجة؟ فقالوا: السبت الساعة الخامسة.. وللاسف صدقت!! منذ الخامسة مساء السبت وحتي الحادية عشرة وأنا أنتظر نتيجة التحليل!! لأنه في إطار البزنسة المعامل تقبل عينات تزيد كثيرا علي إمكاناتها الفعلية.. وبديلا عن المستشفي الحكومي ذهبت إلي مستشفي خاص وطمأنتني الطبيبة بأن الذي يدعو إلي الشك هو تكسير العظام وأيضا القيء ولمحاولة تأكيد معلوماتها الطبية طلبت أن اتصل بها لإبلاغها بنتيجة التحليل.. وهذا فرق بين طبيبة تحاول الوصول إلي تأكيدات تفيدها في التشخيص وأخري تترك مرضاها وترحل.. ولعب الشيطان برأسي بعد تأخر المعمل في إنجاز نتيجة التحليل.. وافترضت أن نتيجة التحليل إيجابية.. فاتصلت بمستشفي جراحات اليوم الواحد, وحكيت لهم الحكاية.. فقالوا لكي تحصل علي التاميفلو لابد أن تحضر أنت والمريض ونتيجة التحليل!!!! قلت لهم ابني مريض فكيف أصطحبه الي المستشفي ويمكن أن يكون مصدرا لعدوي الآخرين... قالوا هذه هي التعليمات. فقررت مرة أخري ألا أتعامل مع أي مؤسسة تتبع وزارة الصحة واتصلت بصديق وسألته كيف أحصل علي التاميفلو بعيدا عن وزارة الصحة... قال أنا سأتصرف ومع لهفتي أعطاني صديقي تليفونا لصيدلية صاحبها لايتعامل مع السوق السوداء فعلا, ولكنه يعرف طريق الحصول عليه ودلني عليها, وحصلت علي التاميفلو بعيدا عن وزارة الصحة. ولم أهدأ... حتي رن تليفوني في طريق عودتي للمنزل وجاءني صوت صديقي ليخبرني أن نتيجة التحليل سلبية. ولحظتها عرفت معني أن نعيش في مصر.