ويزداد وضع التعليم سوءا في المناطق الريفية الجنوبية, حيث تواصل عناصر من طالبان تدمير المدارس واستهداف الفتيات اللاتي تحاولن الحصول علي التعليم. وهو ما يدفع الكثير من الأسر إلي حرمان أولادهم كليا من التعليم خوفا علي حياتهم أو ارسالهم إلي المدارس بصورة متقطعة وفقا للحالة الأمنية وهو ما يؤدي في النهاية إلي تعليم مبتور. ووفقا لتقديرات اليونيسيف هناك أكثر من4.2 مليون طفل أفغاني محرومين من التعليم,60 في المائة منهم من الفتيات ويعيش الغالبية منهم في المناطق الريفية. أما بالنسبة لمحمد نسيم صافي مدير الإدارة التعليمية في اقليم هلمند الجنوبي, فيري أن التحدي الأكبر الذي يواجهه التعليم في المناطق الريفية الأفغانية في الوقت الراهن هو'معاداة التعليم الراسخة' في عقول أهل الريف خاصة في أقليم مثل هلمند الغارق في الثقافة الباشتونية المحافظة والتي تنتمي اليها طالبان. ويوضح, في حديث لصحيفة نيويورك تايمز الأمريكية, أن من بين اجمالي336 مدرسة بالاقليم هناك185 مدرسة فقط تعمل, مشيرا إلي أن المدارس المغلقة تقع في مناطق تفتقر إلي الوجود الحكومي أو في مناطق لا يهتم سكانها بتعليم ابنائهم أو ارسالهم إلي المدارس. ولكن عدم الاهتمام بالتعليم ربما لا يعود فقط للثقافة أو التقاليد أو بقايا إرث حكم طالبان الذي فرض قيودا علي المؤسسات التعليمية وأعطي أولوية للمواد الدينية علي سائر المواد و حظر تعليم الفتيات بل وأصدر أوامر بتدمير أكثر من نصف مدارس أفغانستان, ولكن يعود أيضا إلي الفقر وعدم توافر الظروف المناسبة والمعاناة في الوصول إلي المدرسة. فالطفل أمان الله الذي يبلغ من العمر12 عاما عليه أن يستيقظ قبل الفجر لمساعدة والده في العمل ثم يقطع مسافة طويلة سيرا علي الأقدام تستغرق ساعتين للوصول للمدرسة في ظل برد قارس في الشتاء وقيظ في الصيف ثم العودة للمنزل في ساعتين أخرتين. وبعد المعاناة في الوصول إلي المدرسة قد لا يجد الكتاب المدرسي أو السبورة أو المدرس المدرب لتعليمه. ويعتبر أمان الله محظوظا كونه صبيا لأن وضع الفتاة أسوأ بكثير, فالاعتقاد بانه لا يجوز تعليم الفتيات مازال سائدا في الأقاليم وحتي عندما يتمكن البعض منهن من كسر القيود للذهاب للمدرسة عليهن مواجهة خطر التعرض لحملات عنف من جانب طالبان قد تصل إلي التشويه أو دس السم في مياه الشرب أو الضرب أو القتل في انفجار, ثم قد يتعرضن للحرمان من مواصلة الدراسة في أي لحظة نظرا لعدم توافر مدرسات وهو شرط أساسي لحصولهن علي التعليم. ووفقا لمنظمة' انقذوا أطفال أفغانستان' فإن نسبة المدرسات لا تزيد علي31 في المائة من بين اجمالي عدد المدرسين في أفغانستان وأن النسبة الأكبر منهن تعملن بالمدارس في المناطق الحضرية وهو ما يؤدي بطبيعة الحال إلي انخفاض عدد التلميذات في المناطق الريفية بل وعدم وجود مدارس للفتيات من أصله في بعض القري. التحدي الآخر الذي يواجهه تعليم الفتيات هو الزواج المبكر,.فعلي الرغم من أن السن القانونية لزواج الفتيات في أفغانستان هو16 عاما فإن كثيرا من الفتيات يتم تزويجهن بالاجبار في سن الثانية عشرة وبالطبع تكون أول شروط العريس التوقف عن الدراسة. وإذا عرفنا أن أفغانستان تعد من الدول التي لديها أعلي نسبة أطفال في سن المدرسة في العالم حيث يمثل الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين السابعة والثانية عشرة عاما خمس السكان, وأن الأطفال عامة يشكلون57 في المائة من عدد السكان لادركنا أهمية التعليم بالنسبة لمستقبل أفغانستان ومستقبل السلام في العالم, فالتعليم هو أفضل سلاح لمحاربة الإرهاب, وكما توضح كريستينا روهرز المتحدثة باسم منظمة( أنقذوا أطفال أفغانستان)' الأطفال سيشكلون مستقبل أفغانستان الذي يخشاه البعض في المجتمع الدولي في حين يختار آخرون تجاهله ومن هنا تأتي الأولوية القصوي لرعاية هؤلاء الأطفال ومنحهم أفضل تعليم'.