يعد عام2102 من أسوأ الأعوام الأخيرة سينمائيا, ليس علي مستوي تراجع الإنتاج فقط, وزيادة عدد نسخ الأفلام الأجنبية مقابل المصرية, وخوف عدد كبير من المنتجين من المجازفة, وإنتاج أفلام سينمائية جديدة. ولكن يأتي ذلك كله جراء عدم استقرار الأوضاع السياسية والاقتصادية, وتراجع الإيرادات وقصرها علي التوزيع الداخلي بعد أن تدهورت أيضا الأوضاع السياسية في معظم الدول العربية مما أدي لانغلاق السوق الخارجية أمام الفيلم المصري وغياب عدد كبير من النجوم السوبر ستارز عن المنافسة, ومنهم عادل إمام أحمد مكي وأحمد حلمي, والأهم هو حالة الحصار التي فرضت مؤخرا علي المبدعين والفنانين من جانب بعض المتشددين, والذين تجاوزوا حدود النقد المحترم فخاضوا في السمعة والشرف, وخلطوا بين ما يقوم بعض هؤلاء النجوم من أدوار علي الشاشة وواقعهم الحياتي مثلما حدث مع النجم عادل إمام والهام شاهين ويسرا وهالة فاخر, إضافة إلي رفض تصوير بعض الأفلام ومهاجمة صناعها من قبل المتطرفين, مثلما حدث في واقعة فيلم فرش وغطا لآسر ياسين. تلك الحالات من الإساءات المتعمدة وحصار المبدعين, جعلت البعض يفكر في ترك مصر والبحث عن بلد ثان يقيم فيه مثلما حدث مع الفنان عمرو دياب والفنانة غادة عبدالرازق, وهناك قائمة تضم العديد من الأسماء في طريقها للبحث عن خروج آمن من القاهرة لتتمكن من مواصلة إبداعها بعيدا عن أية قيود أو ضغوط, في حين يصر البعض علي البقاء ومواجهة كل ما يمكن أن يفرض علي حرية الإبداع في المرحلة المقبلة, ولكن يظل الأمل قائما مع وجود محاولات من شباب السينما المستقلة والذين يعملون علي تقديم تجارب مميزة ومنها: الشتا اللي فات للمخرج إبراهيم بطوط, بطولة عمرو واكد وفيلم عشم لماجي مرجان وهي الأفلام التي مثلت مصر في مهرجانات عدة, فالأول شارك في مهرجان فينسيا وغيره من المهرجانات العربية, والثاني بمهرجان الدوحة وحققا ردود أفعال إيجابية علي المستوي النقدي,إلا أنها لم تعرض عرضا تجاريا حتي الآن. الهجرة الثانية وإذا كانت السينما المصرية قد شهدت موجة من الهجرة الأولي في السبعينات وتحديدا بعد نكسة يونيو, حيث تعرض العديد من النجوم لحالة من الحصار من قبل أحد الأجهزة السيادية ومطاردات أخري, مما اضطر عدد من النجوم والمخرجين للذهاب إلي بيروت, والعمل هناك لفترة من الوقت, وقام بعضهم بتقديم أفلام أطلق عليها أفلام المايوهات نظرا لخفتها الشديدة, وغلبة الصبغة التجارية علي معظمها, والتي لم يعش أغلبها في الذاكرة, ورغم اختلاف الظرف السياسي والتفاصيل, إلا أن هناك حالة التضييق علي المبدعين ربما تحد من المد السينمائي, وهو ما قد يضطر بعضهم إلي التفكير في الهجرة مرة ثانية, في حين أن الكثير من النجوم ومنهم النجمة ليلي علوي التي أكدت أنها لن تغادر مصر مهما كانت الظروف, خصوصا بعد أن تردد أنها في طريقها للإقامة في دبي, ونفس الحال بالنسبة للنجم الكبير عادل إمام والذي قال: لن أغادر مصر مهما كانت الظروف, فأنا ولدت وعشت و ذكرياتي كلها في مصر, فكيف لي أن أغادرها؟. وهناك الكثير من مبدعي السينما الذين أكدوا عدم تركهم لصناعة السينما, وأنهم سيعملون مهما كانت الظروف والضغوط, فتلك مهنتهم والتي تعد من أقدم الصناعات في مصر, مؤكدين أن مصر طوال تاريخها كانت قبلة الفن والفنانين, وهي من أوائل الدول التي شهدت أول عرض سينمائي في الإسكندرية بعد باريس, وعاش فيها الفنانون من جميع الجنسيات, وقدموا إبداعهم علي مدار تاريخ السينما, والذي يتجاوز آل100 عام, فكيف لنا أن نترك كل هذا الزخم الفني والسياسي ونستسلم بهذه السهولة موضحين أن صناعة السينما المصرية كانت إحدي الصناعات الثقيلة, والتي تساهم في الدخل القومي بشكل كبير. 30 فيلما تحقق185 مليون جنيه بالنظر إلي انعكاس أجواء عدم الاستقرار السياسي وما تشهده مصر من حالة غليان علي الوضع الاجتماعي والاقتصادي, وبالتبعية علي حال الفن بشكل عام, والسينما بشكل خاص,وهو ماأثر بشكل سلبي حيث تراجعت معدلات الإنتاج, واقتصرعدد الأفلام التي عرضت في2012 علي30 فيلما فقط, معظمهما من إنتاج الأخوين سبكي وتفاوت المستوي الفني لهذه الأفلام تفاوتا كبيرا, وغلبت الصبغة التجارية علي معظم الأفلام التي عرضت في الفترة الأخيرة, ومن هذه الأفلام المصلحة لأحمد السقا, وأحمد عز, وتيتة رهيبة لمحمد هنيدي وعمر وسلمي3 لتامر حسني, وعبده موتة لمحمد رمضان, والآنسة مامي لياسمين عبدالعزيز, ووصلت إجمالي الإيرادات لهذا العام185 مليون جنية حصيلة إيرادات30 فيلما سينمائيا تم عرضها بدور العرض السينمائية خلال عام2012, واستطاعت أفلام موسم الصيف وموسم عيد الفطر والأضحي تحقيق النصيب الأكبر من هذه الإيرادات, وتراجع إجمالي إيرادات السينما هذا العام قياسا عن الأعوام السابقة, حيث كانت آخر إيرادات مرتفعة حققتها السينما المصرية عام2010 حيث وصلت إلي مايقرب من250 مليون جنية من التوزيع الداخلي فقط. ومع استمرار مرور مصر بالعديد من الأحداث السياسية, وإلغاء حفلات الثانية عشرة نصف الليل في أحيان كثيرة, وإغلاق دور العرض في مناطق وسط المدينة والقريبة من الأحداث كل هذا انعكس علي بداية العام الماضي, حيث بدت الإيرادات قليلة جدا, مثلا حقق فيلم ركلام بطولة غادة عبد الرازق, إيرادات بلغت4 مليون و750 ألف جنيه, وفيلم حظ سعيد بطولة أحمد عيد2 مليون و500 ألف جنيه,ولم يحقق فيلم جدو حبيبي بطولة محمود ياسين, ولبني عبد العزيز سوي مليون و260 ألف جنيه, وحقق فيلم علي واحدة ونص150 ألف جنيه, وتميز فيلم عمر وسلمي3 بطولة مي عز الدين وتامر حسني, عن بقية أفلام بداية الموسم بوصوله لرقم16 مليونا و600 ألف جنيه, وحقق فيلم رد فعل بطولة حورية فرغلي, مليون ونصف المليون جنيه, فقط, وبلغت إيرادات فيلم واحد صحيح بطولة رانيا يوسف وهاني سلامة,4 ملايين و700 ألف كما حقق فيلم بنات العم بطولة الثلاثي هشام ماجد وشيكو وأحمد فهمي إيرادات وصلت ل13 مليونا و250 ألف جنيه.ربما عرف الاستقرار طريقه إلي السينما تدريجيا مع بداية دخول موسم الصيف والإجازات عام2012 حيث زادت نسبة الإقبال الجماهيري قياسا إلي باقي أشهر السنة, بينما جاء عرض فيلم المصلحة بطولة أحمد السقا وأحمد عز ومنذر رياحنة ليحقق نقلة حقيقية في إيرادات السينما المصرية واحتل صدارة إيرادات العام بتحقيقه22 مليون جنيه في الموسم الصيفي, ووصلت إيرادات فيلم غش الزوجية بطولة رامز جلال, ل8 ملايين و700 ألف جنيه, وفيلم حصل خير بطولة سعد الصغير ل6 ملايين و620 ألف جنيه, وفيلم جيم أوفر بطولة يسرا ومي عز الدين, ل6 ملايين و843 ألف جنيه, وفيلم الالماني ل مليون جنيه. كما حقق فيلم حلم عزيز بطولة أحمد عز إيرادات بلغت9 مليون و350 ألف جنيه, وفي موسم عيد الفطر السينمائي حقق فيلم تيتة رهيبة لمحمد هنيدي14 مليونا و800 ألف جنيه, وحقق فيلم بابا بطولة أحمد السقا إيرادات12 مليون جنيه, وفيلم مستر أند مسز عويس بطولة حمادة هلال,5 ملايين و100 ألف جنيه, وفيلم البار إخراج مازن الجبلي مليون جنيه, ولم يحقق فيلم بعد الموقعة بطولة منة شلبي سوي مليون جنيه فقط, خلال فترة عرضه بدور العرض السينمائية. وجاءت إيرادات موسم عيد الأضحي, لتعيد الانتعاشة لإيرادات السينما من جديد, حيث شهد الموسم طفرة في أرقام شباك التذاكر بتحقيق فيلم عبده موته بطولة دينا وحورية فرغلي, إيرادات وصلت21 مليون جنيه, وحقق فيلم الآنسة مامي بطولة ياسمين عبد العزيز إيرادات16 مليون جنيه, ووصلت إيرادات فيلم30 فبراير بطولة سامح حسين3 ملايين, وفيلم مهمة في فيلم قديم بطولة فيفي عبده2 مليون ونصف المليون جنيه, وحقق فيلم ساعة ونصف بطولة سوسن بدر وسمية الخشاب9 ملايين جنيه, وفيلم برتيتا بطولة كندة علوش مليونا و200 ألف جنيه, وجوة اللعبة بطولة مصطفي قمر500 ألف جنيه وفيلم لمح البصر بطولة حسين فهمي,56 ألف جنيه فقط, وفيلم مصور قتيل بطولة درة, وإياد نصار700 ألف جنيه. هذه هي الأرقام التي استطاعت السينما المصرية تحقيقها من التوزيع الداخلي, ومع تطور الأحداث السياسية أيضا في معظم الدول العربية لم تعد هناك سوق خارجية للفيلم المصري, وهو ما انعكس بشكل كبير علي إجمالي ما يمكن أن تحققه السينما المصرية, إضافة إلي عدم شراء القنوات الفضائية حق عرض الأفلام, وهو ما أصبح يهدد صناعة السينما بشكل حقيقي في ظل ثبات حالة الارتباك السياسي الحالية, فضلا عن تراجع الأداء الاقتصادي الذي يؤثر بالضرورة علي تدخل الدولة لإنقاذ صناعة السينما في ظل هذه الظروف العصيبة. فالذي يبدو واضحا للعيان أن هذه الصناعة تعتمد في إيراداتها وتمويلها علي التوزيع الداخلي والخارجي وحق العرض علي الفضائيات, ومع تجاهل أو تراجع تدخل الدولة غير المفهوم للصناعة, وعدم التفكير في دعمها بأي شكل في ظل هذا التدهور الحاد الذي تعانيه, خاصة أن الدولة ممثلة في وزارة الثقافة تبدو لا علاقة لها من قريب أو بعيد بتلك الصناعة, والتي تشهد تراجعا حقيقيا حسبما يري العديد من المنتجين والموزعين في السينما المصرية. وعلي مستوي الحلول الفردية يقول المنتج وائل عبدالله في هذا الصدد أنه نظرا للظروف شديدة الصعوبة التي تمر بها السينما المصرية فإنه سيلجأ إلي العمل بنظام المسرح بمعني أن النجوم سيحصلون علي أجورهم بالنسب, ومن خلال ما يحققه الفيلم من إيرادات في شباك التذاكر, في حين يري المنتج محمد العدل أنه من الضروري أن يجتمع كل العاملين في صناعة السينما, أومن يمثلونهم في كافة فروعها من إنتاج وتوزيع وتأليف وإخراج وتصوير ومونتاج وديكور, والعمالة أيضا لبحث آليه مختلفة تعمل بها صناعة السينما, خصوصا مع التدهور الحاد في الصناعة والتضييق الذي تشهده صناعة السينما,لأنه لو لم يحدث ذلك فستتوقف الصناعة وتعاني انهيارا كاملا. الأفلام التجارية شعار المرحلة رغم سيطرة الأفلام التجارية علي مجمل الأفلام التي عرضت في عام2012, حيث تنوعت الألوان مابين الكوميدي والإثارة والدراما الاجتماعية, وتقاسم الأخوين السبكي نسبة كبيرة من إنتاج هذا العام واكتفي العديد من النجوم بعضهم بتقديم تجارب درامية مثل النجم عادل إمام, والذي اكتفي بمسلسله الرمضاني فرقة ناجي عطا لله وغاب عن السينما في هذا العام, وأيضا النجم أحمد حلمي والذي اكتفي بالإعلانات وغاب عن السينما كأنه كان في حالة ترقب, خصوصا وأنه شارك في كثير من التظاهرات السياسية. ونفس الحال للنجمة مني زكي والنجم أحمد مكي, إلا أن هناك العديد من التجارب التي عرضت مؤخرا وينغي التوقف أمامها خاصة أنها أثارت الكثير من الجدل, علي مستوي الرؤية الفنية والطرح, ومن هذه الأفلام ساعة ونص للمخرج وائل إحسان, والذي استطاع حصد9 ملايين جنيه إيرادات, إلا أن فيلم بعد الموقعة للمخرج يسري نصرالله والذي لم يحقق سوي مليون جنية في شباك التذاكر, لكن يحسب له أنه الفيلم الذي أعاد مصر إلي مهرجان كان بعد غياب عن المسابقة الرسمية لأكثر من15 عاما, كما أنه مثل مصر في العديد من المهرجانات العربية والدولية, وأثار الفيلم جدلا شديدا في رؤيته السياسية, خصوصا وأنه ناقش جانبا من الأحداث التي وقعت أثناء الثورة وما بعدها, وتحديدا من موقعة الجمل والانقسامات التي شهدها المجتمع المصري.