يجب أن نعترف جميعا أن مصر قد دخلت خلال فترة ال6 شهور العجاف الماضية والفترة الإنتقالية المتخبطة التي سبقتها في مرحلة يرثي لها من الخلاف والإستقطاب الحاد غير المسبوق الذي ينذر بالإنزلاق إلي الهاوية, ولايوجد في الأفق حتي الآن أي بارقة أمل لإنهاء الخلافات المستعصية التي تزيد وتتعمق بمضي الوقت بين التيارين الإسلامي والمدني إن جاز التعبير, ولايوجد حتي الآن حوار حقيقي, وعامل الوقت يمضي لغير صالح البلد, وأوضاعنا جميعا السياسية والإقتصادية والإجتماعية والأمنية تمضي من سيء إلي أسوأ, وتفرق المصريين يكاد يدمر البلد, ولامخرج من هذا المأزق إلا بتوافق وطني عبر حوار حقيقي, لا يشبه الحوارات الحالية التي تتحاور فيها أطراف مع نفسها, الحوار الذي نريده حواريبتعد عن الإتهامات والتخوين والرغبة في الإستحواذ والهيمنة وإقصاء الآخر, حوار أنداد بعيدا عن العنتريات والإغترار بالقوة وإستعراض العضلات, وبعيدا عن الخديعة والمكائد والتهييج والتسفيه والإبتذال. إن الهوة أصبحت واسعة جدا وعميقة بين الطرفين, وأية معركة قادمة سيكون فيها الجميع خاسرون, لأنها ستكون علي حطام هذا البلد أو فوق إرادة أهله, ولن يستطيع طرف في النهاية القضاء علي الطرف الآخر, وهو مايستدعي من عقلاء هذه الأمة وشرفائها وأصحاب البصيرة فيها التحرك لمسابقة الزمن لدفع البلاء والشرور التي يمكن أن تنتج عن إستمرار حالة الإحتقان هذه وتربص كل طرف بالآخر, للبحث عن طريق ثالث, لإنقاذ مايمكن إنقاذه, طريق للتحاور والتعايش وقبول بعضنا بعضا, طريق نعيد فيه صياغة أسس للعيش المشترك وبناء مصر أول حضارة عرفها التاريخ, بلد الأمن والتسامح والإيمان, أرض الوسطية والإعتدال, مصرالتي ينتظرها الجميع, وليس بنوها فقط. المزيد من أعمدة أسماء الحسينى