في ظل حالة الفوضي السياسية الذي تشهدها مالي منذ الانقلاب العسكري في مارس الماضي, أعلن شيخ موبيدو ديارا رئيس الوزراء استقالته من منصبه بعد ساعات من اعتقاله من قبل قادة الانقلاب,في الوقت الذي اتهم فيه قادة الانقلاب ديارا بالعمل ضد مصلحة البلاد وعرقلة عمل المؤسسات. وظهر ديارا 60 عاما علي شاشة التليفزيون الرسمي وهو يرتدي بذلة سوداء وغطي العرق جبهته وبدا باهتا, وقال خلال خطاب إلي الأمة إن دولتنا تعيش في فترة أزمة, النساء والرجال قلقون علي مستقبل البلاد ويرغبون في السلام, ولهذا أستقيل من منصبي أنا وحكومتي بكاملها, وأعتذر لكل المواطنين. وحول أسباب اعتقال ديارا, أعلن المتحدث باسم قادة الانقلاب العسكري أن مالي تمر بأزمة, وأن رئيس الوزراء المستقيل عرقل عمل المؤسسات. وصرح المتحدث بأن ديارا نقل بعد اعتقاله إلي مقر المجلس العسكري السابق في كاتي وهي بلدة بها ثكنات عسكرية خارج العاصمة باماكو. وردا علي سؤال عما إذا كان اعتقال رئيس الوزراء هو انقلابا عسكريا ثانيا, قال إن هذا ليس انقلابا, الرئيس ما زال في منصبه لكن رئيس الوزراء لم يعد يعمل لمصلحة البلاد. ولم يرد علي الفور رد فعل من الرئيس المدني المؤقت ديونكوندا تراوري. وأعلن مسئولون ماليون في وقت سابق أن رئيس الوزراء المالي اعتقل في وقت متأخر أمس الأول اثناء محاولته مغادرة البلاد إلي فرنسا. من جانبه, قال مصدر عسكري مالي إن ديارا اعتقل من قبل نحو20 جنديا جاءوا من كاتي, في إشارة الي الحامية العسكرية التي تقع خارج باماكو والتي انطلق منها الانقلابيون, موضحا أنهم اقتحموا منزل رئيس الوزراء واقتادوه بشكل وحشي نوعا ما. وأضاف المصدر أن ديارا كان يزمع التوجه مساء أمس إلي باريس لإجراء فحوص طبية, إلا أنه عدل عن الذهاب إلي المطار عندما علم أن حقائبه انزلت من الطائرة التي كانت ستقله إلي فرنسا. وكانت قد تصاعدت في الاسابيع الاخيرة التوترات بين العسكريين الذين قادوا الانقلاب وبين رئيس الوزراء المدني الذي أجبروا علي تعيينه. وديارا عالم سابق في إدارة الطيران والفضاء الأمريكية( ناسا) ورئيس مايكروسوفت في إفريقيا, وقد تولي منصب رئيس الوزراء في أبريل الماضي بعد أن أعاد الجيش السلطة رسميا إلي المدنيين. وهو زوج ابنة الرئيس السابق موسي تراوري وكان يبدو أن هناك علاقات طيبة تربطه بالجيش. لكن التوترات أصبحت حادة لدرجة خطيرة في الأسابيع القليلة الماضية وقال محللون إن ديارا وهو وافد جديد نسبيا علي السياسة في مالي بعد أن قضي سنوات في الخارج بدا راغبا في إقامة قاعدة سياسية خاصة به قبل أي انتخابات تجري في المستقبل. وفي أول رد فعل دولي, حذر جيدو فيسترفيله وزير الخارجية الألماني من أن استقالة ديارا تعرض الاستقرار السياسي للبلاد للخطر. وفي غضون ذلك, حذرت الأممالمتحدة من أن شمال مالي الذي يسيطر عليه متشددون إسلاميون أصبح واحدا من أكثر أرجاء العالم عرضة للانفجار. وأشارت إلي أن قرابة350 ألف مالي فروا من ديارهم وأن نحو40% منهم لجأوا إلي بلدان مجاورة. وقال أنتونيو جوتيريس المفوض السامي للأمم المتحدة للاجئين أمام مجلس الأمن الدولي إن المخاوف بشأن الحماية تتزايد وسط أنباء واسعة عن انتهاكات خطيرة لحقوق الانسان من العنف الجنسي وتجنيد الأطفال إلي رجم المشتبه بهم في الجرائم وتقطيع أطرافهم. وقال دبلوماسيون إن فرنسا وزعت مشروع قرار لموافقة مجلس الأمن علي تدخل عسكري في شمال مالي, لكن الولاياتالمتحدة ردت باقتراح يري تقسيم هذه العملية إلي مهمتين يقوم مجلس الأمن بتفويض كل منهما علي حدة. وأضاف الدبلوماسيون قولهم إن واشنطن تريد أن يوافق مجلس الأمن أولا علي مهمة تتركز علي تدريب جيش مالي ومتابعة عملية سياسية قبل التفويض بتدخل عسكري دولي لاستعادة شمال مالي من المتطرفين. وتعارض فرنسا فكرة التفويض بالقيام بمهمتين وهي تريد أن يصدر المجلس قرارا واحدا خلال ديسمبر الحالي. وقال دبلوماسي رفيع في مجلس الأمن طلب ألا ينشر اسمه إن الولاياتالمتحدة يساورها تشكك شديد في النهج الذي يقترحه الفرنسيون ولديهم شكوك قوية في إمكان نجاح المهمة العسكرية. وأوضح الدبلوماسيون أن الولاياتالمتحدة تعتقد أن رابطة دول غرب افريقيا لا يمكنها تقديم قوات مدربة تدريبا مناسبا للتغلب علي المتشددين في منطقة قتال صحراوية. وأوضحت سوزان رايس السفيرة الأمريكية لدي الأممالمتحدة أنه يجب علي المنظمة الدولية ان تحرص علي معالجة الأزمة في مالي دون التسبب في زعزعة منطقة الساحل كلها.