«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محمود مكي فى حوار للأهرام : الرئاسة تدعو إلي حوار وطني لإعداد وثيقة تحقق أهداف الثورة .. أخطاء الإخوان زادت حدة الموقف السياسى وتقييم الإعلام لأدائهم غير منصف

علي مدي ساعتين كاملتين‏..‏ في حوار حول قضايا الساعة نجح الرجل الثاني في مصر في أن يحتفظ بوقار القاضي وحكمته‏ , وبصيرة السياسي المدرك لأبعاد الأوضاع الراهنة. ومصارحة الثائر الذي لايرضي عن الحق بديلا. دافع المستشار محمود مكي نائب رئيس الجمهورية عن المواطن البسيط بشدة, واعتبره يدفع ثمن صراع سياسي ليس طرفا فيه. ثقته في رجال القضاء لاتتزعزع ويجزم بأنهم لن يقبلوا أن يتخلفوا عن المشاركة في نهضة مصر واستقرارها وتقدمها, وأنهم سيرفضون المشاركة في إثم تعطيل الإشراف علي استفتاء الدستور الجديد.
لم يخف قلقه وتحفظه علي بعض نصوص الإعلان الدستوري الأخير, وأنه استفسر من الرئيس عن الدوافع لإصداره, فأخبره أن هدف الإعلان هو الحفاظ علي استقلال القضاء وإبعاده عن معترك السياسة. لم تمنعه أعباء منصبه من التواصل مع كثيرين من رموز القوي السياسية, لتحقيق توافق وطني حول قضايا الأمة, وإنهاء الأزمات.
ولايمل التحذير من محاولات إثارة الفوضي في البلاد, فهي آخر أمل لدي النظام السابق, ومن أجلها يعاد ضخ الأموال المنهوبة من المصريين في جيوب الفوضويين.
يؤمن بأن الحوار أهم الوسائل لإيجاد توافق وطني بين جميع القوي السياسية.
ويري ضرورة أن تلتف تلك القوي حول مائدة حوار واحدة لتساعد الرئيس علي النهوض بالبلاد في هذه المرحلة. وعندما سألناه عن مشروع الدستور الجديد, قالها صريحة واضحة: أنا راض عنه بنسبة80%. وشدد علي أن حقوق المصريين جميعا مصونة, لا فرق بين مسلم ومسيحي, وحث المسلمين علي طمأنة إخوتهم المسيحيين.
وفيما يتصل بأوضاع سيناء جاءت كلماته حاسمة: سيناء تحت السيطرة, وكلنا ثقة في قواتنا المسلحة ورجال الشرطة. نفي بشدة تقديم استقالته من منصبه, وابتسم وهو يقول: أبلغت الرئيس شفهيا أنني لا أصلح لأداء هذه المهمة لأسباب خاصة بشخصي.
ولم يخل اللقاء من دعابات أبرزها أن الرئيس مرسي تعرض للاعتقال سبعة أشهر بسبب تضامنه مع القضاء, فاقتص من المستشار محمود مكي بتعيينه نائبا له.

* وفي الحوار التالي نتوقف أمام العديد من آرائه ومبادراته لمواجهة قضايا المرحلة الراهنة..
بداية كيف تري المشهد السياسي في مصر الآن بمتناقضاته وتحدياته وخلافاته وما أثر ذلك كله علي المجتمع؟
أشعر بقلق شديد, ولا أريد أن أقول إنني تنبأت بوقوع أزمة مثل التي نمر بها الآن, ولكنني كنت أراهن علي حكمة ورجاحة عقل رموز النخبة والقوي السياسية الموجودة علي الساحة, خصوصا أنني أعرف عن قرب معظم هؤلاء, وقد شاركوني أنا وزملائي القضاة أزمة عامي2005 و2006 الشهيرة, وكان أداؤهم متميزا.
ولا أحد ينكر أبدا دورهم القوي والفعال تجاه وطنهم بمنتهي الأمانة,ويؤلمني جدا أن تتمزق هذه القوي الآن ويحدث هذا الصراع المحتدم.
قلقي الشديد الآن لأنني قاض, وأعرف خطورة أزمة الزج بالقضاة في المعترك السياسي.
وخطورة الأزمة أنني أدركت أن الترتيب الذي مرت به الأحداث في مصر بدأ من الاستفتاء الذي أدي بنا إلي حالة من الانقسام الشديد لم تكن موجودة في ال18 يوما الأولي للثورة في ميدان التحرير.
تلك الأيام التي شاهدت أشرف وأنبل مشهد في تاريخ مصر الحديث. وكنت أتمني أن يستمر هذا المشهد حتي الآن, لنحقق ما نحلم به جميعا من إعادة مصر إلي مكانتها التي تستحقها.
للأسف الصراع أصبح الآن بين القوي التي كانت مشاركة في بدايات الثورة.. صراع شديد.
وللأسف أيضا بعض الذين لم يحصلوا علي أصوات تؤهلهم للنجاح في الانتخابات سواء في مجلسي الشعب والشوري أو في الانتخابات الرئاسية يعتبرون أنها الفرصة الأخيرة لتحقيق أهدافهم المشروعة في السياسة..ولابد أن يقاتلوا في مسألة الدستور باعتبارها المعركة الأخيرة, ولامعركة أخري بعدها.
إدارة الحوار الوطني
بحكم منصبك كنائب لرئيس الجمهورية..لماذا لم تتحاور مع هذه القوي؟
إن اختصاصي الأصيل كنائب لرئيس الجمهورية, وبناء علي طلبي, هو إدارة الحوار الوطني, ومحاولة إيجاد توافق بين القوي السياسية, وللأسف أعترف أنني عجزت عن تحقيق هذا الحلم.
وأنا السبب في معظم أسباب ذلك العجز, لأنني كنت حريصا علي تأدية هذا العمل مع التمسك بتقاليد القضاء وأخلاقيات القاضي.
ففي أثناء التعامل مع غالبية القوي السياسية أو من يمثلها كنت أحترم إرادتهم ورغبتهم في إتمام اللقاءات بعيدا عن الأضواء والإعلام ولا أعلنها,حتي أن بعض الأقلام وبعض الإعلاميين كانوا يتهمونني بأنني غير موجود, ولا أقوم بواجبي.
لكن ما كان يدور بيننا في القاعات المغلقة يتم تغييره في العلن وأمام الفضائيات, وللأسف أنا لا أستطيع مخالفة ما وعدت به حتي لو خالف الطرف الآخر الوعد.
وهنا لابد أن نفرق بين الرئيس المنتخب بإرادة الأمة والجماهير وبين نائب الرئيس غير المنتخب, فأنا ملتزم بتكليف وفي حدود الاختصاصات التي يكلفني بها الرئيس, أما الرئيس فمطلوب منه تحقيق كل الأحلام, وكل الوعود التي وعد بها الناخبين من الشعب, لأن هؤلاء سيحاسبونه.
ما أقصد توضيحه هو أن الرئيس أثناء تحقيق وعوده الانتخابية قد يأخذ قرارات ترضي طرفا وتغضب الطرف الآخر.
هل تعتبر إصدار الرئيس الإعلان الدستوري الأخير من تلك القرارات التي أشرت إليها, فقد أرضي طرفا وأغضب آخر؟
الإعلان الدستوري له ظروف خاصة, وقد راودني القلق منه كقاض, ولم أخف هذا عن الرئيس مرسي, إلا أنني أعلن أن الهدف من هذا الإعلان كان الحرص علي استقلال القضاء وبعده عن الحياة السياسية.
وقد علمت بإصدار الإعلان الدستوري وأنا في باكستان من وسائل الإعلام, وفور عودتي التقيت الرئيس, وعلمت خطورة الموقف والمعلومات التي وصلت للرئيس مرسي, وهو يدقق جدا في المعلومات التي تصل إليه, ولا يبني عليها أي قرارات بسهولة إلا إذا تأكد من صحتها وتحقق منها من عدة مصادر.
هل استشار الرئيس مرسي وزير العدل عند إصدار الإعلان الدستوري؟
سألت وزير العدل,وقال لي إنه لم يشارك في وضع الإعلان الدستوري, وليس له علاقة بالأمر,وأستطيع الجزم بأنه لا يمكن أن تكون صياغة هذا الإعلان بعقل قاض..قد يكون أحد القانونيين هو الذي صاغ الإعلان.
فهناك فارق شديد بين القاضي والقانوني, فالقاضي عندما يصيغ الأحكام ينشغل بدلالة العبارات والألفاظ, ويهتم بمسألة التأويل والتفسير.
وعلي الجانب الآخر من حق البعض أن يطمئن للإعلان الدستوري, في مقابل حق الاخرين في عدم الاطمئنان, ولكن الرئيس مرسي هو المسئول الاول عن الحفاظ علي أمن البلاد ومؤسساتها.
وأعتقد أن المعلومات التي وصلت للرئيس وتأكد من صدقها وخطورتها جعلته يتخذ هذا الإجراء, الذي يمكن الاختلاف عليه أو الاتفاق معه, لكن في النهاية الرئيس يؤدي دوره في الحفاظ علي البلاد.
استقلال القضاء ونزاهته
هل يمكن معرفة ملامح وأبعاد هذه المعلومات التي وصلت للرئيس مرسي؟
الرئيس هو الوحيد الذي يستطيع الإفصاح عن المعلومات التي وصلت إليه, ودائما لا يتم الإفصاح عن كل ما يتم التعرف عليه,وهو الوحيد الذي يستطيع أن يعلن أسباب إصداره الإعلان للأمة في الوقت المناسب.
وأنا أؤكد لكم من خلال احتكاكي بالرئيس مرسي عن قرب طوال الفترة الماضية- أنه صادق في كل كلمة ينطق بها, وأن هناك ضرورة لاصدار الإعلان الدستوري رغم تحفظي عليه وعلي الصياغة والعبارات التي وردت فيه.
وما أشدد عليه أن الرئيس مرسي أراد بالإعلان الدستوري إبعاد القضاء عن المعترك السياسي,وقد تعهد بعدم إساءة استخدام سلطة النصوص الموجودة في الإعلان الدستوري,وأكد أنه يحرص تماما علي استقلال القضاء, وعلي ضمان نزاهته.
وقد نبهت في المؤتمر الصحفي الذي عقد أثناء أزمة المستشار عبد المجيد محمود إلي عدم الزج بالقضاء في معترك السياسة,فأنا ضد انخراط القضاة في العمل السياسي علي الإطلاق خاصة القضايا التي تهدد وتنال من شرعية مؤسسات المجتمع.
ونحن كمجتمع دفعنا ثمنا غاليا بسبب الحكم الذي صدر من المحكمة الدستورية العليا.. وكان الثمن حل برلمان منتخب.
ووصلنا إلي نتيجة قاسية, وهي أن المجلس العسكري أخذ سلطة التشريع لنفسه, وعندما ألغي الرئيس مرسي الإعلان الدستوري المكمل ألغي معه سلطة التشريع التي كان يستأثر بها المجلس العسكري لنفسه, ولولا هذا لاستمر الوضع كما هو عليه حتي يتم انتخاب برلمان جديد.. وهذا معناه أن البلاد كانت ستظل تحت حكم أفراد وليس مؤسسات.
ما صحة الأنباء التي ترددت في وسائل الإعلام المختلفة عن استقالتك من منصبك بعد صدور الإعلان الدستوري لرفضك إياه؟
لا أساس من الصحة لهذه الأنباء, فلم أقدم استقالتي, وقد عدلت تماما عن فكرة الاستقالة التي كانت تتردد بداخلي في بداية عملي نائبا للرئيس.
أما الفترة السابقة لصدور الإعلان الدستوري وما بعدها فلم أفكر في مسألة الاستقالة.
هل تقدمت باستقالتك للرئيس قبل ذلك؟
أخطرت الرئيس مرسي في السابق شفهيا فقط بأنني لن أستمر في هذا المنصب, وقلت له' أنا لا أصلح لأداء هذه المهمة لأسباب خاصة تتعلق بشخصي'.
ولماذا عدلت عنها؟
عدلت تماما عن فكرة الاستقالة,فلقد شعرت بخطورة المرحلة التي تمر بها البلاد,وان المرحلة المقبلة شديدة الخطورة والحساسية وتحتاج إلي تضافر وتعاون من الجميع,ولا يجوز بأي حال من الأحوال التخلي عن هذه المسئولية.
وأنا مع الرئيس مرسي لندفع بالبلاد إلي العبور من المرحلة الانتقالية من خلال الوصول إلي دستور للبلاد, وهذا الدستور لا مكان فيه لنائب لرئيس الجمهورية, أي أنني أدافع عن دستور ليس لي مكان فيه.. أنا لا أسعي إلا لمصلحة هذا الوطن.
هناك تحفظات من القضاة علي البيان الصادر بعد استقبال الرئيس مرسي لمجلس القضاء وقيل إن الرئاسة هي التي أصدرت البيان والقضاة غيرمسئولين عنه..فما حقيقة الموقف؟
ما حدث أن أعضاء مجلس القضاء الأعلي قاموا بمبادرة طيبة شديدة الاحترام, وطلبوا لقاء السيد الرئيس وفورا تم اللقاء, وعبروا عن مخاوفهم من العبارات التي وردت في الإعلان الدستوري, وأدي السيد الرئيس واجبه في توضيح الأمر, وان ما يقصده من تحصين القرارات خاص بأعمال السيادة فقط,ولم يتطرق إلي العدوان علي القضاء..فهو يريد إبعاد القضاة عن معترك السياسة..ولم يعط لنفسه صلاحيات جديدة سوي لمدة قصيرة جدا.
وقد قام أعضاء مجلس القضاء بكامل تشكيله بكتابة بيان بعد لقاء الرئيس وجلست معهم ليكتبوا البيان ولم يتدخل الرئيس أو أي من الفريق الرئاسي في اعداد البيان أو صياغته,ثم عرض علي الرئيس ووافق عليه كما هو.. ثم خرج المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية الدكتور ياسر علي وأعلنه في وسائل الاعلام علي مرأي ومسمع من الرأي العام.
وانتهي الأمر بأن أعضاء مجلس القضاء تفهموا دوافع الرئيس مرسي, والذي بدوره رد علي كل التساؤلات والمخاوف.. وهذه كانت رسالة طمأنة للمعترضين.
لكن للأسف بعض القضاة الذين يريدون أن يزداد الموقف اشتعالا ويريدون إهانة مجلس القضاء الأعلي أعلنوا أنهم بصدد سحب الثقة من مجلس القضاء ولا أدري كيف, ومن المعروف أن سحب الثقة لا يجوز إلا للمجالس المنتخبة فقط.
وأؤكد أن الرئيس مرسي قال لي:' لن أستخدم هذا الإعلان الدستوري'..وفي الوقت الذي منح الاعلان الدستوري فرصة شهرين للجمعية التأسيسية لانجاز الدستور, وجدنا أن الجمعية انتهت من مشروع الدستور قبل الوقت المحدد, وهذا أكبر دليل علي أنه لا يوجد اتفاق أو تنسيق بين الرئيس والجمعية.. ألم يستوقفكم هذا الأمر؟.
استوقفنا أن تتم القراءة الأخيرة لمسودة الدستور علي عجل وبسرعة وبشكل يدعو إلي التساؤل والدهشة.. أليس كذلك؟
القراءة الأخيرة لمسودة الدستور التي تمت متابعتها إعلاميا ملزمة بأن تستعرض جميع النصوص في يوم واحد, وهذا ليس أمرا اختياريا.
ومعظم الناس لم يدرك أنه بمقتضي الإعلان الدستوري الصادر في30 مارس2011, والذي يحكمنا حتي الآن تم تشكيل الجمعية التأسيسية, وأعطي الإعلان لها ستة أشهر لكي تنجز مشروع الدستور.
وبمقتضي نفس الإعلان فإن للرئيس حدا أقصي هو15 يوما من تاريخ انتهاء الجمعية من إعداد الدستور ليدعو الناخبين إلي الاستفتاء, وفي استطاعته أن يدعو الناخبين إلي الاستفتاء في اليوم التالي مباشرة, وهذا ما لم يفعله الرئيس. وطالب بإمهاله الحد الأقصي وهو15 يوما حتي يتسني لمن لديه اعتراض أن يعترض, ويكون لدي الموافقين وقت ليتابعوا مناقشات وسائل الإعلام حول مسودة الدستور.
هل تري أن اللجنة التأسيسية التي انتهت من مسودة الدستور تعبر عن كل فئات الشعب؟
إذا لم تكن اللجنة التأسيسية تعبر عن جميع فئات الشعب, وتعبر عن فصيل واحد, فالعمل الذي قام به أعضاء اللجنة يستحق قبلة علي جبين كل فرد منهم, ونحن ندين بالفضل لهذه اللجنة لأن مشروع الدستور يضم ضمانات تتنافي مع كل ما نسب إلي هذا التيار الواحد الذي يشير إليه الإعلام.
وإذا كان هذا المشروع يرجع لعمل فصيل واحد, فهؤلاء الأعضاء يستحقون منا كل التكريم.. هذا العمل أسهم فيه جميع من كانوا مشاركين في الجمعية.
وماذا عن المنسحبين؟
لا أريد التعليق علي انسحاب البعض من الجمعية التأسيسية, فهؤلاء المنسحبون موقعون بالموافقة علي المواد المتفق عليها, وبعد ذلك توالت الانسحابات.
وفي رأيي أن هذه الانسحابات محاولة لتعطيل صدور الدستور, وأعتقد أن وراء ذلك سياسة ما, وأنا لا تشغلني السياسة في هذا الأمر.. أنا مهتم بكيفية الانتهاء من المرحلة الانتقالية بسلام.
راض بنسبة80%
هل المستشار محمود مكي راض عن الدستور الجديد؟
أنا راض عنه بنسبة80%, ولم أكن أحلم بأن يخرج الدستور بهذا الشكل في ظل التجاذبات السياسية علي الساحة, وحالة فقدان الثقة بين مختلف الأطياف, وأجواء الخصومة والمناخ غير الصحي, فإذا لم ننجز الدستور هل البديل استمرار السلطات التشريعية في يد الرئيس؟
أنت راض عن80% من الدستور, فأين ال20% ؟
10% في عيوب الصياغة, وهي تخص الإطالة في النصوص وسببها مبرر, فالبعض أراد كتابة التفاصيل نتيجة الحالة السياسية الموجودة.
هل التجاذبات السياسية هي التي أثرت في الدستور؟
إنها أزمة ثقة.
وماذا عن ال10% الأخري؟
الكمال لله وحده.. دعوني احتفظ بهذه النسبة لنفسي وأعتقد أن التطبيق هو الفيصل, فنصوص دستور1971 خاصة المادة88 التي تنص علي الإشراف القضائي الكامل علي الانتخابات كانت موجودة, غير أنها كان يداس عليها, ولمدة29 سنة لم يحترم هذا النص الدستوري.
باختصار ما أهم مكتسبات مصرمن الدستورالجديد؟
الدستور الجديد يقلص من اختصاصات الرئيس وهذا الأمر غير مسبوق في الجمهورية, وسيتم تسليم كثير من الاختصاصات للسلطات الشرعية.
وفي الحقيقة الرئيس مرسي لا يريد الاحتفاظ بكل هذه الصلاحيات ولا نائب الرئيس يريد الاحتفاظ بمنصبه.
وأهم ما في الدستور الجديد أيضا أن به آلية تعديل نفسه.. ففي الفترة السابقة ترددت شائعات تفيد بأن هذا الدستور سيعيد البرلمان المنحل مرة أخري, وأنا قلت مرارا هذا البرلمان لن يعود.. وعموما لا يوجد دستور يرضي عنه الجميع.
ما تعليقكم علي اتجاه بعض نوادي القضاة في الأقاليم إلي مقاطعة الإشراف علي الاستفتاء علي الدستور؟
كل الاحترام والتقدير لنوادي القضاة, ومن حق القضاة التعبير عن آرائهم بالطريقة التي تروق لهم ولا أحد يستطيع أن يفرض رأيه علي قاض, ولا علي إرادته أو قراراته, لكن ما يصدر عن نادي القضاة يعتبر توصيات وليست قرارات, فنوادي القضاة ليست جهة إصدار قرارات, وهناك نص يلزم الدولة بأن تستعين بالقضاء, ونص يلزم القضاء بالإشراف علي الاستفتاء, ولكن إذا حدثت مقاطعة للإشراف فستتم بشكل فردي وليس جماعيا, وليس لدينا أي جماعة تملك أن تأخذ موقفا جماعيا ضد النص القانوني.
ما نسبة القضاة التي تتوقع أن تشرف علي استفتاء الدستور؟
أتوقع أن ثلثي القضاة سيشاركون في الإشراف علي الاستفتاء علي أقل تقدير.
وماذا إذا كانت نتيجة الاستفتاء ب' لا'؟
يجب ألا نترك الرئيس يتحكم في الإجابة عن ماذا بعد منفردا, لأن الرئيس حينها سيظل لديه سلطة التشريع, كما سيظل الإعلان الدستوري قائما.
إن جميع القوي السياسية لابد أن تلتف حول مائدة حوار واحدة لكي تساعد الرئيس علي التخلص من حمل السلطات العديدة التي في يده, وإذا لم يحدث ذلك فسندفع الثمن فادحا.
والحقيقة أن المواطن البسيط الذي يمثل80% من الشعب المصري هو الذي سيدفع الثمن وحده, وهو منذ البداية لا ناقة له ولا جمل في هذا الصراع السياسي.
هل هذا الدستور يحمي الحقوق والحريات أم يقيدهما؟
الحقوق والحريات كاملة في هذا الدستور, وأنا مع الإعلام الحر وحرية الرأي, ومع الأمانة في عرض المعلومة وضد الكذب والتلفيق والتشهير.
والمؤسف أني أصبحت أري بشكل يومي الخبر وتكذيبه والخبر ونفيه.. هذا أمر محير, وهذه الظاهرة تؤكد أن هناك خللا في الإعلام, وإذا لم نعترف بذلك فنحن علي خطأ.
وهناك أيضا خلل في القضاء وخلل في كل مؤسسات الدولة نتيجة تراكمات أزمات السنوات السابقة والمناخ السابق, وعلينا أن نقوم بمحاولة شاقة جدا للإصلاح.
وفي رأيي أنه بدون تعاون لن يستطيع الرئيس ولا الإخوان ولا أحد بمفرده العبور من هذه الأزمة,وإذا لم تشارك كل القوي السياسية بجهد مخلص في عبور هذه المرحلة التي نحن بصددها الآن واذا لم نتكاتف جميعا فيها فسنصل إلي مصير مؤسف.
والحل من وجهة نظري انه لا بديل عن الحوار دائما وأبدا.
هل تشارك المحكمة الدستورية الرأي حينما قالت إن الأحد الماضي الذي أحيطت فيه المحكمة بجموع المتظاهرين وعلقت جلساتها كان يوما حالك السواد في تاريخ القضاء المصري؟
أنا أعذر المحكمة في مشاعرها, ومشفق عليها, ولكني لا أعتبر هذا اليوم حالك السواد, بل أري أن الاحتكام إلي القضاء في حسم الخصومات السياسية ووضعنا بين المطرقة والسندان يوم أسود.
والمحكمة الدستورية محقة في شق يتصل بممارسة عملها في ظل تلك الأجواء المشحونة والصراع المحتدم علي الساحة السياسية.
وأظن أنها لجأت لتعليق عملها حتي لا تقول كلمتها الحاسمة في صراع سياسي.
وقد يكون هذا القرار تنفيذا للإعلان الدستوري الذي أصدره السيد الرئيس بتحصين قراراته, وبالتالي لجأت المحكمة لبر الأمان وفضلت تعليق عملها.
أخطاء الإخوان
كان المصريون ينتقدون الانقسام الحاد بين الفلسطينيين( فتح وحماس), الآن أصبحنا منقسمين إلي قوي ليبرالية ومدنية وأخري إسلامية.. قوتان متصارعتان مختلفتان إلي ما لا نهاية, وهذا الانقسام الحاد الخطير سيؤد ي كما يري البعض خاصة بعد الأحداث الأخيرة إلي بداية العد التنازلي لحكم الإخوان.. ما تعليقك؟
بداية لابد أن أقول إن تقييم وسائل الإعلام لأداء الإخوان المسلمين مبالغ فيه, وإن الخصومة السياسية هي التي تحكم وسائل الإعلام.
أعترف بأن الإخوان المسلمين أخطأوا في كثير من المواقف وكثير من الهتافات وأخطأوا في كثير من التصريحات التي صدرت من بعض الرموز, وهذه التصرفات أضرت بالرئيس مرسي وزادت من حدة الموقف السياسي في البلاد.
وفي الحقيقة, رأيي هذا أغضب مني بعض الرموز في جماعة الإخوان المسلمين, ولكني متمسك برأيي وأكرره, وهو لابد أن يحرص الإخوان في أثناء الإدلاء بتصريحات سياسية, لأن هذه التصريحات قد تسيء لرأس الدولة وهو رئيس الجمهورية وهو لا يزال أمام الشعب محسوب علي انتمائه لهذا التيار الإسلامي.
وفي المقابل التيار الليبرالي أوالمدني- حسب تعبيركم- يتعامل مع الرئيس بكثير من الترصد.
هذا التيار نصب محاكمة قاسية لمحاسبة الرئيس بعد مائة يوم من انتخابه, وكأن الرئيس سقط سقوطا مدويا في عدم الوفاء بالتزاماته ووعوده.
هؤلاء تناسوا أن المشكلات المتراكمة في مصر عمرها يزيد علي ستين عاما, وأنه لأول مرة يتم الحكم في مصر دون استخدام قانون الطوارئ.
وأنا أطالب القوي المدنية والليبرالية بأن تقف بجوار الرئيس وتساعده علي النهوض بالبلاد, والخروج من عنق الزجاجة بدلا من إنشاء محاكم للجلد والمحاسبة.
لابد من دعم موقف الرئيس أو علي الأقل لابد من إعطائه الفرصة للعمل والخروج من هذا النفق..وأري أن الأزمة التي تمر بها البلاد الآن تحتاج إلي قدر من الحكمة لإدارتها.
بمناسبة الحديث عن الاخوان.. هل هناك قواسم مشتركة بين الإسلام السياسي والديمقراطية؟ وهل يسمح بأن تزدهر في ظله قيم التعددية وقبول الآخر والسماحة واحترام العقل النقدي وحقوق المرأة كمواطن مكافئ للرجل ؟
أنا لا أحب مصطلح الإسلام السياسي, ولكن عندما نتحدث عن الوسطية في الإسلام فأكثر فريقين متقاربين إلي حد قريب من التطابق هما التيار الإسلامي المعتدل والليبراليون.. أما الآخرون فهم بعيدون, فبعضهم يتجه نحو اليمين وبعضهم يتجه نحو اليسار.
أما الوسطية في الإسلام فهي التي تحمي وتصون كل الحقوق والحريات التي نراها الآن.
وهناك عدد كبير من الموجودين علي الساحة السياسية مسلمون وسطيون, لكن للأسف الصراع السياسي يطغي ويحول دون تحقيق الوسطية.
فأنا أعترض علي التشدد والتجاوز الذي وقع في مليونية السبت الماضي ميدان النهضة ولكنهم كانوا مضطرين لذلك, لأن الأسبوع الماضي ظهر مشهد أن النظام فقد شعبيته في مصر, ووسائل الإعلام كانت تزعم أن الشعب المصري يقول' ارحل.. ارحل', وكلمة ارحل هذه لا تقال لرئيس منتخب بتعداد يزيد علي12 مليون ناخب في انتخابات حرة نزيهة علي عكس الرئيس المخلوع.
هموم الشارع
دعنا ننتقل الي رجل الشارع وهمومه.. ما رأيكم في أداء الحكومة؟
الحكومة تعمل في ظروف صعبة, ويتجاذب المشهد برمته أجواء محتقنة والوضع غير مشجع, وهي تحمل مسئولية ثقيلة جدا في مرحلة بالغة الصعوبة, وتعج بعدد ضخم من المشكلات, ولذلك فالحكومة تحتاج لدعم جماهيري, غير أن المواطنين يتعجلون النتائج, وهم بالطبع معذورون.
كما أن هناك عوامل عديدة تؤثر في أداء الحكومة وعلي رأسها التشكيك في جهودها وجهود وزرائها, رغم أنهم يبذلون أقصي طاقاتهم للوفاء بمتطلبات المرحلة الراهنة, إلا أنهم واقعون تحت وطأة الانتقادات والمطالبة الفورية بتحقيق نتائج ايجابية وملموسة علي أرض الواقع.
ولا ننسي أن مصطلح' أخونة الدولة' من معوقات اختيار الكفاءات, حيث يتم التحفظ في اختيار الكفاءات بسبب ما يقال عن الانتماء الحزبي أو الإخواني أو الليبرالي والانتقادات الموجهة بسبب هذا الاختيار.
ولذلك فإن هذا المناخ يشكل ضغطا حقيقيا علي أداء الحكومة, وأري أن الأهم من تقييم أداء الوزارات الآن ايجاد وتوفير المناخ الملائم لعمل الحكومة, ومساعدتها علي أداء مهمتها في هذه المرحلة بالغة الصعوبة.
وماذا عن أداء القوي السياسية المعارضة؟
أحترم الكثيرين من الرموز السياسية الموجودة علي الساحة, وأعرفهم معرفة شخصية, ولا أشك في وطنيتهم, ولكن للأسف مسألة' التشكيك' تجاوزت كل الخطوط الحمراء.
إن هذه القوي محبة لوطنها, وتسعي لتحقيق الخير له, ولها وجهات نظر مختلفة.
وأنا من خلال منبر' الأهرام' أوجه لهم نداء للتمسك بتحقيق أهداف الثورة, لقد آن الأوان أن نلتقي جميعا ومعنا الرئيس لنضع وثيقة جامعة شاملة لتحديد أهداف ثورتنا ووسائل تحقيقها, ولن يحدث هذا في ظل أزمة انعدام الثقة الموجودة.
فبعد أن تلتقي القوي السياسية معنا يخرج البعض ويضطر للإدلاء بتصريحات مغايرة للواقع لتحقيق مكسب جماهيري, فالمطلوب من وجهة نظري- التضحية من كل الأطراف, وأنا أدعو إلي توافق جميع القوي السياسية علي ثلاث أو خمس شخصيات لم يسبق لهم الإدلاء بدلوهم في الأزمة الراهنة, ليضعوا تصورا لكيفية التوافق.
لماذا لم توجه الدعوة إلي أشخاص بعينها للعودة إلي طاولة الحوار لنزع فتيل الأزمة الراهنة؟
أفضل عدم الاختيار وأدعو القوي السياسية لتختار هي تلك الشخصيات من بين شركاء ميدان التحرير في ال18 يوما الاولي من عمر الثورة.
هل تعني إبعاد' الفلول'؟
لا أريد أن أقول' فلول', لكن ما أعنيه أن هؤلاء الثوار لهم حق لدينا ويستحقون أن نسمعهم ونحن نحترم خياراتهم, وسوف أتواصل مع الرئيس في هذا الشأن, وأعلم أنه يرحب بالحوار دائما, فلدينا أفكار كثيرة وأطروحات تستوجب التحاور حولها, علي سبيل المثال نريد الاطمئنان علي أن الاستفتاء يتم بشكل مرض.
وكيف يتم الاستفتاء بشكل مرض؟
بضمان نزاهة الاستفتاء, وضمان الإشراف القضائي الكامل عليه, وعدم التشكيك في سلامة الإجراءات التي يتم فيها الاستفتاء.
ما نصبو إليه, أن يري العالم كله مصر بعد الثورة تجري فيها الانتخابات والاستفتاء بشكل نزيه وبصلاحية كاملة للقضاء, فلنا تاريخ أسود في تزوير الانتخابات قبل الثورة, ويجب أن يظهر الفارق في ظل وجود رئيس منتخب بانتخابات حرة نزيهة.
ويجب أن نتفق مع القوي السياسية علي مرحلة ما بعد الاستفتاء وتسلم مجلس الشوري السلطة التشريعية, والتوافق علي أن تمثل أطياف معينة في' الشوري' من خلال الأعضاء التسعين الذين يحق لرئيس الجمهورية أن يعينهم.
كما يجب أن نتوافق علي شكل النصوص التي ستحكمنا في الانتخابات البرلمانية القادمة.
توصيات.. وليست قرارات
بمناسبة الحديث عن الاستفتاء.. بعض نوادي القضاة أعلن عدم الإشراف عليه؟
ما أعلنته نوادي القضاة أو بعضها ليس قرارات بل هي توصيات غير ملزمة لأي قاض, وأنا أثق في قضاء مصر وأنه لن يفوت علي نفسه فرصة المشاركة بعبور مصر من المرحلة الانتقالية إلي الشرعية الكاملة, لأن الأخيرة ترسخ للعدالة, وقضاة مصر يحلمون باليوم الذي تستقر فيه مصر.
وأري أن تعطيل الاشراف علي الاستفتاء أو الامتناع عنه إثم لن يشارك القضاة أو معظمهم فيه, ومن خلال معرفتي وعمري الذي قضيته في ساحات القضاء أؤكد أن أكثر من ثلثي القضاة سيشاركون في خدمة وطنهم.
وأعتقد أن أزمة الإعلان الدستوري انتهت, فالرئيس تعهد لي بأن الإعلان استنفد الغرض منه بتحديد موعد للاستفتاء, وأنه لن يستخدم الإعلان للإضرار بالقضاة الذين يحترمهم ويقدرهم, وإن أراد القضاة أن يسمعوا هذا الكلام ليطمئنوا بأنفسهم من الرئيس, أو مني فأنا أرحب بزملائنا القضاة بأي تمثيل, ومستعد لترتيب لقاء يجمع بين الرئيس والقضاة لعبور تلك الأزمة.

يري بعض المراقبين للشأن السياسي أن الفوضي قادمة في مصر بسبب التجاذبات السياسية الحادثة الآن, واختفاء لغة الحوار المتعقل بين الأطراف السياسية.. فكيف نمنع أي فوضي محتملة؟
أنا أول من يخشي الفوضي, وأول من يدفع ثمنها القضاء. فلا قضاء في ظل الفوضي, ولن يمنع تلك الفوضي المحتملة إلا جهد كل الأطراف.
ومصر بحكمتها ورجاحة عقلها اختارت طريقا للثورة وليس الفوضي, فالبون شاسع بين الاثنين, وحافظت علي القوانين, وألغت كل الإجراءات الاستثنائية, وهذا ثمن غال وكلفنا الكثير, والرئيس مرسي يحترم القضاء والتشريعات.
وللأسف كثيرون يحاولون إضرام نار الفوضي في البلاد, فالأموال التي نهبت من جيوب المصريين يعاد ضخها الآن لجيوب الفوضويين لإحداث' فوضي',وهي آخر أمل لدي النظام السابق, والذي يعد المستفيد الوحيد مما يحدث الآن. وعلينا ان نخطو خطوات قوية وجادة نحو التفاهم والحوار الوطني البناء.

ماتقييمك لاداء الإعلام بمختلف وسائله الآن؟
الإعلام يغطي كل الأحداث ثانية بثانية, ولكن الرغبة في الإثارة تجعله أحيانا يسلط الضوء علي الجانب السلبي دون مراعاة لحساب تبعاته وآثاره.
وضاعت الجوانب الايجابية في الأداء الحكومي مثل تحجيم أزمات البترول, وارتفاع الإشغالات السياحية, وانفراج أزمة الوقود, والارتفاع في البورصة وغيرها, فضلا عن الجهد الحقيقي المبذول من الداخلية لإعادة الأمن للشارع المصري, فالداخلية تتلقي200 ألف بلاغ في اليوم الواحد,وربما تقع أخطاء في3 أو4 بلاغات, لكن وزارة الداخلية تعمل.
ولا يمكن أن نتغافل أن هذا الجهد يتم في ظل عدم وجود قانون الطوارئ, فلأول مرة مصر بدون إجراءات استثنائية.

برغم أن هناك بعض الأزمات كانت تستحق إجراء استثنائيا؟
أنا قلت هذا وقت العدوان علي السفارة الأمريكية بالقاهرة من قبل بلطجية لاعلاقة لهم بأي قوي سياسية, حيث دخل4 مصريين السفارة الأمريكية, ومصر سلمت هؤلاء الذين دخلوا الأراضي الأمريكية السفارة الأمريكية إلي النيابة العامة التي أخلت سبيلهم ولم يتم احتجازهم, وهذا تقدير لمصر وقيمتها, في حين وجدنا أن قوات الكوماندوز أمنت السفارة الأمريكية في اليمن.
ولم تستخدم حالة الطوارئ في وقت كانت تلقي فيه عبوات المولوتوف ضد قوات الشرطة, وكان الجنود وضباط الشرطة يقتلون أمام أعيننا.. كان الجميع ينتقدون أداء الداخلية, وقيل إنه الأداء السلبي لشرطة مبارك, ولم يسمعوا كلمة طيبة علي ما يلاقونه.
وعموما تتم إعادة الهيكلة وتجب المساءلة في كل مؤسسات الدولة, فمن ثبت فساده لايمكن السكوت عليه.
حديثكم عن الداخلية يدفعنا إلي التساؤل عن ظاهرة البلطجة بجميع أشكالها؟ وخاصة ما يقال عن أن بعض القوي السياسية تستعين بهم الآن؟
كانت الشكوي من أن الداخلية لم ترجع إلي الشارع وانسحبت, وعندما عادت الشرطة بدأت الشكاوي من ممارساتها, وهذا بالطبع ليس إيجابيا.
وأتمني كقاض صاحب مصلحة في نهضة بلدي أن تجتمع القوي الشعبية والثورية وتقدم لمؤسسة الرئاسة رؤية وصيغة ملائمة لمواجهة البلطجة.
هدم الانفاق وفتح المعابر
الخوف علي سيناء هاجس كل المصريين, فلا يوجد بيت مصري ولا أسرة إلا ساهمت بدمائها في إعادتها, ونخشي عليها من الإرهاب؟
منذ اللحظات الأولي, كان الاهتمام بسيناء حاضرا علي أعلي المستويات, فهي تركيبة معقدة من تراكمات عدة عقود, واضطهاد للبدو والقبائل من قوات الشرطة التي تمثل النظام الحاكم.. والطبيعة القبلية والأخلاقيات البدوية تري أنه من الصعوبة تقديم ابنها إلي العدالة.
وسيناء منطقة حساسة علي حدودنا, والرئيس مرسي يتابع هدم الانفاق مقابل فتح المعابر لتمرير السلع والأدوية ومساعدة الحالات الإنسانية.
والرئيس كان حاسما جدا مع حركة حماس بتأكيد أن المعابر مفتوحة تحت سمع وبصر الأجهزة الأمنية, وكان حريصا علي إغلاق الباب الذي يتسرب منه الاخلال بالأمن وبقبضة من حديد وتلك تعليمات واضحة وصريحة.
وعموما من الصعب حل مشكلات سيناء بين ليلة وضحاها لأنها تراكمات عقود طويلة.
هل نستطيع الحفاظ علي سيناء؟
نعم, فهناك تأمين وحماية للمنافذ منذ بداية الأحداث, وكلنا ثقة في قواتنا المسلحة, وهناك نقاط الشرطة منتشرة لتعزيز الأمن.
قضاة الفضائيات
يزعجنا انتشار القضاة علي ساحات الفضائيات ودخولهم المعترك السياسي الذي يتطلب في بعض الاحيان الخضوع لقواعد اللعبة السياسية التي قد تتقاطع مع قدسية القضاء.. فهل تشاركنا هذا الانزعاج؟
أنا كنت من أكثر القضاة الذين خرجوا علي الإعلام, خاصة عامي2005 و2006 مع المستشار هشام البسطويسي, لكنني كنت أخرج عندما أريد توجيه رسالة ما أو الرد علي اتهام أو تبصير الجماهير بشيء معين, وكنت ألتزم بحدود دوري كقاض, ولا أنحاز لفصيل سياسي, بل علي العكس الفصيل السياسي هو الذي ينحاز إلي ويؤيدني.
وكنت أدعو الحزب الوطني وقتها وأقول لهم: أيدونا يرحمكم الله في مطالبنا.. وكانت كل مطالبنا تمكيننا من أداء دورنا.. ولا مطالب سياسية نسعي إليها, وكان الرئيس محمد مرسي بجانبنا وقتها ونال بسببنا سبعة أشهر اعتقالا, لكنه ضاحكا اقتص مني بتعييني نائبا.
هل يزعجكم فعلا هذا المشهد؟
إنني أفرق بين حق القاضي في التعبير عن رأيه كمواطن بما يحفظ له مسافة بينه وبين الآراء السياسية, وأري أن من حقه أن يبدي رأيه السياسي دون الاشتغال بالسياسة.
كما أري أهمية خروج القاضي للإعلام عند الضرورة, ولا يكون متطوعا باستمرار لإبداء رأيه عشان يعمل إطلالة علي الإعلام ويدلي بدلوه.. أنا لا أرحب بهذا وأتمني أن ينأي القضاء عن التدخل في الشأن السياسي.
البعض يري للخروج من هذا الانتشار علي الفضائيات ضرورة أن يكون هناك متحدث رسمي باسم القضاة؟
هذه الفكرة تجرنا إلي السؤال عمن يمثل القضاة, وهي تتعارض مع فكرة أن القضاة لهم استقلالية, حتي القاضي الجزئي لا يستطيع رئيس المحكمة توجيهه في حكم ما, بل إن أحدث قاض هو الذي يبدي رأيه أولا, حتي لا يساير رئيسه, ولا أحد يتحدث باسم الآخر.
هناك مخاوف لدي بعض الإخوة الأقباط خاصة بعد انسحاب الكنيسة من الجمعية التأسيسية, حتي إن هناك من يردد إننا مواطنون من الدرجة الثانية؟
أي مظاهر لهذه المخاوف.. النظام السابق كان يعاملنا نحن المصريين جميعا كمواطنين من الدرجة الثانية, فلا يوجد درجة أولي سوي الحكام, أما بعد الثورة, فالأمر اختلف, ومن واجب المسلمين الشرعي والإنساني طمأنة أخوتهم المسيحيين, فلا يوجد مسلم يعرف دينه يقبل أن يشعر أخوه المسيحي بالخوف, ولقد قلت وقت أزمة العريش ورفح: عار علي المسلم أن يتعرض جاره المسيحي لأي ترويع أو تخويف, وعموما الفرصة مواتية للطمأنة وكل المصريين حقوقهم مصونة في بلدهم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.