معظم المقبولون علي الزواج يختارون شريك الحياة بلا تسرع. فالشريك المناسب ليس واضحا ولا سهل المنال. و قد يسأل الفتي او الفتاة نفسه.. هل يقبل الحياة مع شريك معين تعرفوا عليه منذ شهور, ام الأفضل الأنتظار والبحث عن شريك آخر ؟ و لصعوبة السؤال و أهميته شرع المجتمع فترة الخطوبة وقرر البعض انها لا تقل عن ستة أشهر ليتعرف الشخص علي شخصية شريك حياته و ميوله و ذوقه و استجاباته وتصرفاته في المواقف المختلفة, ويقرر هل يتشابهان في هذه الميول و هل يتوافقان ذهنيا و نفسيا أم بينهما فارق كبير؟. و من هنا فالزواج ليس كله متعة أو بهجة. وجدير بالذكر أن احد العلماء في الشئون الأسرية و النفسية من انجلترا واسمه تشارلز هولمز قدم قياسا لأحداث الحياة و مشاكلها التي تتطلب التكيف, ومنها الزواج. وربما يتسأل البعض لماذا أعطي هولمز الزواج كمشكلة هذه الأهمية؟ ببساطة لأنه إلي جانب مميزاته يتتضمن علاقات جديدة ومسئوليات ويستوجب التكيف مع شريك العمر و المسئوليات الجديدة. وعموما فإن المقبلين علي الزواج ما يكونون قادرين علي التكيف مع متغيرات الحياة إذا كانت عملياتهم النفسية الدفاعية ناضجة كالقدرة علي التفاني و التسامي والتحلي بروح المرح والمرونة و الشعور بالمسئولية و الإرتباط العائلي القوي, والعمل الثابت, والدخل المناسب, والرضا عن العمل مع وجود ترفيه منتظم وحياة إجتماعية, وأهداف واقعية... هذا ما يؤكد عليه د. عادل المدني أستاذ الطب النفسي و الأعصاب بكلية الطب جامعة الأزهر. و يكمل قائلا: إن الزواج يشمل مواقف كثيرة قد تنال من قدرة الزوجين علي التكيف, فإذا كان الزوجان قد تربيا في بيئات مختلفة وعلي قيم مختلفة فالصراعات يحتمل ظهورها بعكس الوضع إذا كانت القيم والمبادئ متشابهة. والمجالات التي يجب ان يناقشها العروسان بصراحة يجب ان تشمل مواقف متعددة مثل موقفهما من عدد الأبناء وطرق تربيتهم, دخل الأسرة و أوجه الإنفاق.. وعلاقة كل منهما بأسرة الآخر, وموقفهما من الحياة الإجتماعية و المبادئ العامة والمثل التي يقتنع بها كل منهما, والتوافق بينهما في المتعة و الهوايات.. والنظرة الكلية للحياة.. كل ذلك يبشر بحياة مستقرة وحب مستمر. فالأزواج المتوافقون يستريح بعضهم البعض و يتشاركون وجدانيا, وكل منهم ينجذب إلي شخصية شريكه و بمرور الوقت يتحابان و يتصادقان, فإذا بدأت الحياة الزوجية علي أساس من الصداقة الحقة والتقدير و الإحترام فأغلب الظن ان المحبة و المودة بينهما ستستمر و تزداد. ويضيف د.عادل المدني: أن القيم و المبادئ أشياء نكتسبها بالتعليم, و هي تصدر عن البيئة و الحياة العائلية التي نشأ فيها كل انسان و تشمل كل شئ من عادات الأكل و النظافة الشخصية.. إلي الآداب و الأخلاق و أهداف الحياة. و في فترة الخطوبة غالبا ما يظهر العروسان أفضل ما يستطيعان فيبدوان علي غير حقيقتيهما, و بعد الزواج يتخلي كل منهما علي التمثيل و التكلف. فالعروس النظامية و العريس المستهتر رغم توافقهما قد يصدمان في حياتهما اليومية بسبب بعض الفروق. ولكن النيات الطيبة تعمل علي التقارب بينهما في العادات و التقاليد حتي يصلا إلي حل وسط يرضي الطرفين بعد ان يتكسبا نظرة واقعية إلي الحياة. و بطبيعة الحال فإن ضبط النفس هو جزء من النضج الأنفعالي, فالشخصية الناضجة هي التي تمد الحياة بالرؤية الواقعية, و تهتم بمصلحة الغير كما تهتم بمصلحتها, و تواجه المشاكل و الأعباء بشجاعة و تعتمد علي غيرها كما يعتمد عليها الآخرون. ومن ألزم الأمور لاستمرار السعادة الزوجية الصراحة الكاملة و الإلتزام في النواحي المادية, فبعض الشباب لا يراعون والواقع في تدبير ميزانيتهم عند بداية الزواج, و يتطلعون إلي الفيلا الضخمة والأثاث ذي القيمة العالية و السيارة التي علي احدث موديل و يغرقون أنفسهم في الديون من أجل هذه الرغبات. و من مصلحة أي عروسين جديدين أن يجمعا إيرادهما الشهري و يقررا ماذا ينفقان شهريا و في أي البنود ؟ و ماذا يدخران ؟ و أخيرا هناك حقائق بسيطة يجب ان يعلمها المقبلون علي الزواج: يجب ان نكون واقعين و ملتزمين بما يتفق عليه, وخاصة عدم المغالاة في المهور. ثم أن كثير من الزوجات الشابات يحتفظن بوظائفهن بعد الزواج. و هذا شئ طيب إذا لم يتعارض مع واجبات الزوجة و الأم.