لأول مرة في تاريخ التنسيق، كلية الطب تفتح أبوابها لطلاب المرحلة الثالثة لهذا السبب    محافظة الشرقية توزع مياه باردة وعصائر على عمال النظافة ( صور)    قطع مياه الشرب عن مدينة ديرمواس بالمنيا غدا لمدة 6 ساعات    كامل الوزير: عمل على مدار الساعة لتحقيق مستوى نظافة متميز بالقطارات والمحطات    613 شهيدا وجريحا جراء العدوان الإسرائيلي على غزة خلال 24 ساعة    محافظ الشرقية ينعى على المصيلحى: نموذج للمسؤول الوطنى ورمز للإخلاص    الصحف العالمية: ترامب ينشر قوات الحرس الوطنى فى واشنطن ويدرس إعادة تصنيف الماريجوانا..8 دول أوروبية تتحرك ضد إسرائيل ببيان يرفض احتلال غزة..تراجع التوظيف والمكافآت ونمو الأجور بعد تباطؤ سوق العمل فى بريطانيا    على أنغام السمسمية، احتفال جماهير الإسماعيلي بانعقاد عمومية سحب الثقة من مجلس الإدارة (فيديو وصور)    استبعاد دوناروما، الإعلان عن قائمة باريس سان جيرمان للسوبر الأوروبي    خاص| وسام أبوعلي يستخرج تأشيرة العمل في أمريكا تمهيدا للانضمام إلى كولومبوس كرو (صورة)    تعليم الدقهلية ضمن قائمة أفضل 7 مشاريع بالمؤتمر الدولي الخامس للاتصالات    بدء استئناف المتهم بقتل نجل مالك مقهى أسوان على حكم إعدامه    أمين مجمع الفقه الإسلامي: نصرة شعب غزة فريضة مقدَّسة في كل الأديان    في الموجة الحارة، الصحة توضح الفرق بين الإجهاد الحراري وضربة الشمس    «تعليم كفر الشيخ» تعلن النزول بسن القبول برياض الأطفال ل3 سنوات ونصف    تعيين الدكتور أشرف مهران عميدًا لكلية الهندسة بجامعة مصر للمعلوماتية    «العمل» تجري اختبارات للمرشحين لوظائف الأردن بمطاحن الدقيق    القوات الروسية تستهدف المجمع الصناعي العسكري ومراكز تصنيع المُسيرات الأوكرانية    المكتب الإعلامي الحكومي في غزة يفند أكاذيب الاحتلال حول سياسة التجويع في القطاع    خبراء: أوكرانيا تحولت إلى مختبر حربي للصين لاختبار أسلحة وخطط المواجهة مع أمريكا في المستقبل    25 أغسطس الحالي.. ترامب يستضيف رئيس كوريا الجنوبية لبحث تفاصيل اتفاقهما التجاري    الأمم المتحدة: أكثر من 100 طفل يموتون جوعا في غزة    "الصحة" و"الأكاديمية الوطنية" تبحثان تعزيز البرامج التدريبية للقطاع الصحي    اليوم.. إعلان نتيجة انتخابات مجلس الشيوخ 2025    معامل ومكتبة مركزية.. جامعة أسيوط الأهلية تستعد لاستقبال الطلاب الجدد - صور    حمادة صدقي: أحمد حسن زعل من انضمام حسام حسن لفراعنة 2006 بسبب شارة الكابتن    قبل رونالدو.. ما هي حكاية صديق جورجينا الأول؟    منتخب مصر الثانى يواجه البحرين مرتين وديا فى أكتوبر المقبل رسميا    رسميًا.. باريس سان جيرمان يتعاقد مع مدافع بورنموث    فيريرا ينصح عواد بالانتظار للحصول على فرصة المشاركة مع الزمالك    خريطة الأسعار اليوم: انخفاض الدواجن واللحوم والذهب    بالفيديو.. التنمية المحلية: تعليمات بمراجعة معايير السلامة داخل منظومة النظافة    الأرصاد: تأثر البلاد بكتل هوائية شديدة الحرارة.. وذروة الموجة الخميس المُقبل    الدقهلية تبدأ مهرجان جمصة الصيفي الأول 2025 للترويج للسياحة وجذب الاستثمار    مصدر يكشف لمصراوي أعداد السودانيين العائدين عبر قطارات السكة الحديد    حملات موسعة لهيئة البترول للتصدي لمخالفات تداول وتوزيع المنتجات البترولية    مصرع طفل غرقا في ترعة باروط ببني سويف    وزير الصحة يبحث مع المرشحة لمنصب سفيرة مصر لدى السويد ولاتفيا التعاون الصحى    الجمعة.. فرقة واما تحيي حفلا غنائيا في رأس الحكمة بالساحل الشمالي    الجمعة.. قصور الثقافة تقيم فعاليات متنوعة للأطفال بنادي الري احتفالا بوفاء النيل    أمير كرارة على القمة.. فيلم الشاطر يقفز بإيراداته إلى 75.2 مليون جنيه في 26 ليلة    محافظ الجيزة يترأس اجتماع اللجنة التيسيرية لمشروع تطوير منطقة الكيت كات    افتتاح فعاليات الدورة السادسة من معرض رأس البر للكتاب    محمد نور: مقياس النجاح في الشارع أهم من لقب «نمبر وان» | خاص    «محمد رمضان»: أي حد لو زعلته بقصد أو من غير قصد يتفلق    لليوم ال12.. التموين تستكمل صرف مقررات أغسطس    «لا مجال لأي تقصير».. محافظ الدقهلية يحيل المدير الإداري بمستشفى الجلدية والجذام للتحقيق    تحرير 131 مخالفة للمحلات التى لم تلتزم بقرار مجلس الوزراء بالغلق    هل يجب قضاء الصلوات الفائتة خلال الحيض؟.. عضو بمركز الأزهر تجيب    إنقاذ رضيعة من قيلة سحائية وعيوب قلبية بمستشفى حورس بالأقصر    أمين الفتوى: "المعاشرة بالمعروف" قيمة إسلامية جامعة تشمل كل العلاقات الإنسانية    أول هبوط في سعر الفراخ البيضاء.. أسعار الدواجن اليوم الثلاثاء 12-8-2025 صباحًا    لجان ميدانية لمتابعة منظومة العمل بالوحدات الصحية ورصد المعوقات بالإسكندرية (صور)    تنسيق المرحلة الثالثة، الأماكن الشاغرة للشعبة الأدبية (نظام حديث)    العظمي 38.. طقس شديد الحرارة ورطوبة مرتفعة في شمال سيناء    مواقيت الصلاة في أسوان اليوم الثلاثاء 12أغسطس 2025    أجمل عبارات تهنئة بالمولد النبوي الشريف للأهل والأصدقاء    أنا مريضة ينفع آخد فلوس من وراء أهلي؟.. عضو بمركز الأزهر تجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مصر وغزة‏..‏ المصالحة تحمي التهدئة
نشر في الأهرام اليومي يوم 19 - 11 - 2012

البحث عن تهدئة هو العنوان الأبرز بعد تبادل القصف بين فصائل المقاومة الفلسطينية وجيش الاحتلال الاسرائيلي‏.‏ وتلك بدورها طبيعة المواجهات العسكرية أو شبه العسكرية بين قوتين ليستا متكافئتين من حيث الامكانات والقدرات‏.‏ ومع ذلك لا يستطيع الاكثر قوة مادية منهما أن يكسر إرادة الأقل امكانات, والسبب في ذلك عنصر العقيدة والقدرة علي التحمل وهما ما يتفوق فيهما الفلسطينيون في غزة والاراضي الفلسطينية المحتلة.
وما نراه في القطاع اليوم في جانب منه مشهد تكرر في مناسبات سابقة, حيث يكون هناك عدوان إسرائيلي يبدأ بالضربات الجوية وعمليات الاغتيال لشخصيات فلسطينية بارزة ثم يتلوها ضربات صاروخية فلسطينية مضادة, الامر الذي يدفع تل ابيب إلي شن هجوم بري يعيث فسادا وقتلا وترويعا, ولكنه ما يلبث أن يخرج الاحتلال من الارض الفلسطينية قائلا انه حقق أهدافه الرئيسية. وفي اثناء هذا العدوان المتدرج تقوم مصر بمحاولات ومساع وضغوط واتصالات عربية ودولية من أجل وقف العدوان, ثم التوصل إلي تهدئة تحافظ علي أرواح الفلسطينيين.
المشهد علي هذا النحو, كما حدث في نهاية 2008 ومطلع العام 2009 وكما يجري في اللحظة الجارية يثبت أن استمرار الانقسام الفلسطيني هو العامل الأول وراء التراجع في أهمية القضية الفلسطينية علي الصعيد الدولي, ومن ثم منح إسرائيل قوة اضافية معنوية ومادية تستغلها خير استغلال في مزيد من الاستيطان وإضاعة الوقت بدون الانخراط في عملية تسوية جادة. ويثبت أيضا أن مصر لها دور محوري في تصحيح الخلل القائم بين الفلسطينيين وأنفسهم, وبينهم كجماعة وطنية لها حقوق مشروعة وبين العدو الاسرائيلي. ولكن المهم في هذا الدور المحوري أن يكون قائما علي توازن دقيق بين الأسس التي تحفظ الأمن القومي المصري من جانب, وبين الالتزامات القومية والعروبية تجاه الفلسطينيين ككل من جانب ثاني, ومساندة قضيتهم المشروعة في وطن يتمتع بالاستقلال والقابلية للعيش دون منغصات أو تدخلات إسرائيلية من جانب ثالث.
وحتي اللحظة الجارية هناك مساران يبدوان متناقضين شكلا, ولكنهما في الحقيقة متكاملان موضوعا. المسار الاول استمرار التهديدات الاسرائيلية باجتياح غزة بريا وصولا إلي التحقيق الكامل لأهداف عملية عامود السحاب, اما المسار الثاني فهو طلب الهدنة ووضع شروط لها حتي لا تصبح مجرد هدنة مؤقتة كعشرات الهدنات السابقة. وهنا يمكن النظر إلي التهديدات الاسرائيلية باجتياح غزة بريا والاستمرار في قتل رموز حماس من زاويتين; الأولي باعتبارها نوعا من الضغط المعنوي علي الطرف الفلسطيني خاصة حماس لقبول مبدأ التهدئة بالشروط الاسرائيلية, وإلا حدث الاجتياح واستمر القتل. وهذا الامر معروف في علم التفاوض وإدارة الازمات, حيث تكون وظيفة تصعيد اللهجة وزيادة حجم التهديد بمثابة دافع للوصول إلي اتفاق لوقف المواجهة. أما الزاوية الثانية فهي أن التهديدات ليست سوي مقدمة للاجتياح البري للقطاع فعلا, بإعتبار أن أهداف العملية من المنظور الاسرائيلي لم تتحقق بالكامل بعد حسب تصريحات وزير الخارجية ليبرمان, خاصة إستعادة الردع الاسرائيلي والمنع الكامل للصواريخ الفلسطينية التي تهدد مدن الجنوب الاسرائيلي.
مصر بدورها معنية بالمسارين معا, فالعدوان يجب وقفه فورا, والثاني أي التوصل إلي التهدئة فيجب متابعته وصولا إلي تفاهم مستقر وقابل للاستمرار. وقد أشار الرئيس مرسي في لقائه مع رئيس وزراء تركيا إلي أن هناك مؤشرات علي قبول هدنة ولكن لا توجد ضمانات. بينما أشارت تقارير إسرائيلية نشرتها هأرتس إلي أن زيارة رئيس الوزراء هشام قنديل إلي غزة كانت جزءا من تحرك مشترك بين القاهرة وواشنطن لوقف إطلاق النار فورا, والتوصل إلي تهدئة تتضمن فتح معبر رفح للبضائع بصورة دائمة, وقيام مصر بدور فاعل في تنمية القطاع بمشاركة الاموال القطرية. وهناك من يضيف إلي طلب مصر من حماس أن تضبط حركة بعض الفصائل الجهادية والتي تستغل الانفاق وتثير مشكلات أمنية لمصر في سيناء. وأيا كانت تفاصيل العرض المصري لحركة حماس خاصة التي في داخل القطاع, فإن نجاح أي هدنة يتطلب التزاما متبادلا وضمانات محددة بدقة وضامنين أقوياء ذوي تأثير سياسي ومعنوي كبير, إضافة إلي شروط أخري من قبيل شمول بنود الهدنة سواء مكتوبة او كتفاهم برعاية الضامنين بعض المطالب التي يطالب بها كل طرف علي حدة. فحماس تريد ضمانات ووقف سياسة الاغتيالات للقادة والرموز الفلسطينية ورفع الحصار وفتح معبر رفح بصورة دائمة وبلا عقبات. أما إسرائيل فتطالب بضمانات عدم الهجوم الصاروخي علي مدنها في الجنوب, وألا يدخل سلاح إلي القطاع, والسيطرة علي الانفاق بين غزة وسيناء. وفي تصوري أن هذه المطالب يمكن التوفيق بينها والخروج بهدنة متوازنة. وسيتوقف الامر علي حجم الدور الذي ستقوم به القاهرة ومدي تجاوب حركة حماس مع مطلب المصالحة الفلسطينية, والذي بدونه يصبح فتح معبر رفح إن تم بصورة دائمة للأفراد والبضائع بمثابة خطوة تكرس الانفصال الفلسطيني بين غزة والضفة, ويفتح الباب علي مصراعيه أمام تطبيق المخطط الجهنمي بتحويل الأردن إلي وطن بديل للفلسطينيين, ودفع غزة إلي الالتحاق بمصر وجعلها تحت الرعاية المصرية.
إن فتح معبر رفح للأفراد والبضائع قبل المصالحة سينطوي علي مخاطر عديدة, وفي تصوري المتواضع أن الوقوف الحقيقي لنصرة القضية الفلسطينية لا تكون بالمساعدة علي تحقيق استقلال وهمي لابناء القطاع يكرس الانفصال عن الضفة الغربية, ويغير وجهة الرعاية من دولة الاحتلال بموجب القانون الدولي, إلي دولة أخري وهي مصر. وفي تصوري أيضا أن مصر عليها ان تكون اكثر إصرارا علي تحقيق المصالحة الفلسطينية في مدي زمني وجيز, وأن يكون حق الاشراف علي فتح معبر رفح من جانب غزة هو للسلطة الوطنية وليس لحكومة واقعية لإحدي الفصائل دون غيرها. لقد بات علي القاهرة في زمن الثورة أن تحدد أولوياتها للقضية الفلسطينية ككل, وليس لجزء منها أرضا أو سلطة.
المزيد من مقالات د. حسن أبو طالب


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.