حلت زعابيب الخريف مبكرا علي أهل الصعيد بعدما أتت عليهم محملة بمئات الانذارات بالحبس علي يد محضرين لمزارعي قصب السكر المحصول الرئيسي والاستراتيجي لهم هناك في جنوب مصر التي أرسلها بنك التنمية والائتمان الزراعي دون سابق إنذار ليضرب بالوعد الرئاسي الذي قطعه الرئيس محمد مرسي علي نفسه بالتخفيف عن كاهل مزارعي القصب عرض الحائط, ولم يمهلهم بنك التنمية فرصة حتي يسددوا ما عليهم له وحاصرهم بالانذارات ليصبح المزارع بين أنياب بنك التنمية من جهة وشركة السكر المحتكر الوحيد للمحصول من جهة اخري, وما بين عمالة موسمية تتجاوز160 عاملا للفدان الواحد وحماية المحصول من الآفات والتي يحاربها المزارع منفردا, ووسط هذا كله يتبدد حلم رفع سعر طن قصب السكر الذي ينتظرون ان يكسر حاجز ال500 جنيه للطن علي اعتاب بنك التنمية الذي جعل مع شركة السكر مزارع القصب أجير عندهم تارة بقروض استثمارية وهمية يصرفها له لسداد فوائد قروض زراعية للبنك ذاته وتارة بشيكات بنكية علي بياض وجد المزارع نفسه مضطرا للتوقيع عليها للبنك لسداد ديونه لدي البنك ذاته, وما بين معاناة المزارعين وتهديدهم بالحبس وديون في الطريق رصدت الاهرام صرخة مليون مزارع قصب تحملها السطور القادمة. علي اطراف قرية الحلفاية بحري بمركز نجع حمادي شمالي محافظة قنا جلس العمدة عوض عبد الستار عمدة الحلفاية بحري ليحدثنا عن مئات الانذارات التي وصلت المزارعين من قبل بنك التنمية والتي جعلت المزارعين يهرولون علي مكاتب المحامين خشية الحبس الذي بات هاجسهم ليلا ونهارا وبدلا من تركيز المزارع لمحصول القصب الذي لم يتبق سوي شهرين فقط علي حصاده وأصبح بنك التنمية هو الهم الأول والأخير, بعدما كشف لنا العمدة كيف ان البنك بدأ في تحريك مئات الدعاوي القضائية والجنح ضدهم وهم عملاؤه ولكن متعثرون منذ سنوات. وقال: إن بيت المزارع اتخرب وبنك التنمية خلص عليه بديون وفوائد ودعاوي قضائية وأن المزارعين خائفون وربما لن يزرعوا القصب الموسم القادم, فبنك التنمية يعطي قروضا وهمية علي الورق للمزارعين ويعرف ذلك فيعطيه قروضا استثمارية بفائدة تصل20% لكي يجعل المزارع يسدد القروض الزراعية التي يديين بها للبنك والمعروف أن السداد يتم في اليوم نفسه وإذا ما تم فحص اوراق البنك سنجد ان المزارع سدد قيمة القرض الزراعي في اليوم نفسه الذي سمح له البنك بسحب القرض الاستثماري بما يعني ان البنك يستنزف المزارع. ويكشف عبد الحميد شلقامي أحد المحامين المكلفين بإقامة دعاوي قضائية ضد البنك عن ان المبالغ التي يطالب بها البنك مغال فيها فكيف ان مزارعا لم يحصل سوي علي20 ألف جنيه يسدد80 ألف جنيه, وقال إن هناك دعاوي مدنية تم اقامتها من قبل المزارعين لمطالبة المحكمة بتكليف خبير مصرفي لمراجعة الحسابات والمبالغ المالية التي حصل عليها المزارع فعليا وحجم الفوائد التي يطالب بها البنك والتي وصلت اضعاف أضعاف المبالغ التي حصل عليها المزارع. وقال الشلقامي ل الأهرام إن200 محضر علي الاقل حصل اصحابها علي أرقام جنح وكلهم مزارعو قصب وعملاء ببنك التنمية وان البلاغات انهالت علي النيابة واقسام الشرطة. وبنبرة حادة خرجت الكلمات من العمدة صبري عبد الحافظ عمدة قرية الرئيسية وأحد كبار المزارعين أن المزارع بكل المقاييس أصبح أجيرا بل أقل من الأجير لدي شركة السكر وبنك التنمية, فتكلفة المحصول حتي موسم كسره لا تترك حتي الفتات بعد حساب الكلفة وحساب العائد ويشرح العمدة كيف ان فدان القصب يصرف عمالة موسمية160 عاملا حتي كسر القصب. وهذا بخلاف السماد الذي يشتريه المزارع من السوق السوداء والربيط والقج والحرات والري لتصل تكلفة الفدان إلي12 ألف جنيه ومعروف ان متوسط انتاجية الفدان العام الماضي وفقا لشركة السكر هي37 طنا للفدان, عبد الستار محمد الضمراني أحد المزارعين الكبار قال إن هناك تعنت من شركة السكر مع المزارع فخطوط الديكوفيل متهالكة ولم تجد صيانة منذ50 عاما والمزارع يضطر لنقل المحصول علي نفقته وارباح العاملين بالشركة وصلت الي60 شهرا ونحن لا نجد ثمن نقل المحصول للشركة ويستفيد من القصب عمال المصانع اكثر مئات المرات من المزارعين.