«الوطنية للانتخابات» تعلن جاهزية اللجان الانتخابية لاستقبال الناخبين    محافظ البحيرة تتفقد مدرسة STEM.. أول صرح تعليمي متخصص لدعم المتفوقين    محافظ بني سويف ورئيسة المجلس القومي للطفولة والأمومة يفتتحان فرع المجلس بديوان عام المحافظة    «القومي للمرأة»: تشكيل غرفة عمليات استعدادا لانتخابات مجلس النواب    موفدو الأوقاف بالخارج يدلون بأصواتهم في انتخابات مجلس النواب بمقار السفارات والقنصليات المصرية (صور)    «العمل» تعلن اختبارات منح التدريب المجانية بالمعهد الإيطالي لتأهيل الشباب    محافظ قنا يترأس اجتماع لجنة استرداد أراضي الدولة لمتابعة جهود التقنين وتوحيد الإجراءات    المشاط: ألمانيا من أبرز شركاء التنمية الدوليين لمصر.. وتربط البلدين علاقات تعاون ثنائي تمتد لعقود    «المشاط» تتلقى تقريرًا حول تطور العلاقات المصرية الألمانية واستعدادات انعقاد المفاوضات الحكومية    ارتفاع حصيلة العدوان على قطاع غزة إلى 69.176 شهيدا و170.690 مصابا    ضبط زوجين إيرانيين يحملان جوازي سفر إسرائيليين مزورين بدولة إفريقية    بعد فيديو الشرع وكرة السلة.. ما الهوايات المفضلة لرؤساء العالم؟    المجلس التشريعي الفلسطيني: إسرائيل تتبع استراتيجية طويلة المدى بالضفة لتهجير شعبنا    تحسين الأسطل : الأوضاع في قطاع غزة ما زالت تشهد خروقات متكررة    زلزال قوي يضرب الساحل الشمالي لليابان وتحذير من تسونامي    توروب يعلن تشكيل الأهلي لمباراة الزمالك    ياناس يا ناس زمالك عايز الكاس .. كيف حفز الأبيض لاعبيه قبل مواجهة الأهلى بالسوبر ؟    «الداخلية» تكشف حقيقة فيديو دهس مواطن بالإسكندرية    ضبط 69 مخالفة تموينية متنوعة في 7 إدارات بالقليوبية    فضيحة داخل المستشفى.. ننفرد بنشر قائمة العقاقير المخدرة بمستشفى تخصصي بشبرا    أثناء سيره في الشارع.. مصرع شاب طعنًا في قنا    أشرف العشماوي ناعيا الروائي مصطفى نصر: ظل مخلصا لمكانه وفنه حتى النهاية    رئيس منتدى مصر للإعلام تستقبل رئيس المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام    «تنتظره على أحر من الجمر».. 3 أبراج تقع في غرام الشتاء    سمير عمر رئيس قطاع الأخبار بالشركة المتحدة يشارك في ندوات منتدى مصر للإعلام    مرفت عمر بلجنة تحكيم مهرجان ZIFFA في السنغال    على مدار 6 ايام متواصلة.. قوافل طبية وتوعوية تقدم خدماتها ل 8984 مستفيد بأسيوط    أحمد سعد يتألق على مسرح "يايلا أرينا" في ألمانيا.. صور    رئيس البورصة: 5 شركات جديدة تستعد للقيد خلال 2026    رئيس الجامعة الفيوم يستقبل فريق الهيئة القومية لضمان جودة التعليم    صينية القرنبيط بالفرن مع الجبن والبهارات، أكلة اقتصادية ومغذية    توقيع مذكرة تفاهم بين التعليم العالي والتضامن ومستشفى شفاء الأورمان لتعزيز التعاون في صعيد مصر    ضبط تشكيل عصابي لتهريب المخدرات بقيمة 105 مليون جنيه بأسوان    ما حكم الخروج من الصلاة للذهاب إلى الحمام؟ (الإفتاء تفسر)    امتحانات الشهادة الإعدادية للترم الأول وموعد تسجيل استمارة البيانات    استخرج تصاريح العمل خلال 60 دقيقة عبر "VIP إكسبريس".. انفوجراف    أهم 10 معلومات عن حفل The Grand Ball الملكي بعد إقامته في قصر عابدين    التنسيقية: إقبال كثيف في دول الخليج العربي على التصويت في النواب    صرف تكافل وكرامة لشهر نوفمبر 2025.. اعرف هتقبض امتى    القاهرة تحتضن منتدى مصر للإعلام بمشاركة نخبة من الخبراء    وجبات خفيفة صحية، تمنح الشبع بدون زيادة الوزن    الأوقاف توضح ديانة المصريين القدماء: فيهم أنبياء ومؤمنون وليسوا عبدة أوثان    تأجيل محاكمة 10 متهمين بخلية التجمع لجلسة 29 ديسمبر    «كفاية كوباية قهوة وشاي واحدة».. مشروبات ممنوعة لمرضى ضغط الدم    مواعيد مباريات الأحد 9 نوفمبر - نهائي السوبر المصري.. ومانشستر سيتي ضد ليفربول    طولان: محمد عبد الله في قائمة منتخب مصر الأولية لكأس العرب    تشييع جنازة مصطفى نصر عصر اليوم من مسجد السلطان بالإسكندرية    «لعبت 3 مباريات».. شوبير يوجه رسالة لناصر ماهر بعد استبعاده من منتخب مصر    قافلة «زاد العزة» ال 68 تدخل إلى الفلسطينيين بقطاع غزة    أمين الفتوى: الصلاة بملابس البيت صحيحة بشرط ستر الجسد وعدم الشفافية    على خطى النبي.. رحلة روحانية تمتد من مكة إلى المدينة لإحياء معاني الهجرة    جاهزية 56 لجنة ومركز انتخابي موزعة على دائرتين و 375543 لهم حق التوصيت بمطروح    مئات المستوطنين يقتحمون باحات المسجد الأقصى والاحتلال يواصل الاعتقالات في الضفة الغربية    التشكيل المتوقع للزمالك أمام الأهلي في نهائي السوبر    الزمالك كعبه عالي على بيراميدز وعبدالرؤوف نجح في دعم لاعبيه نفسيًا    معلومات الوزراء : 70.8% من المصريين تابعوا افتتاح المتحف الكبير عبر التليفزيون    تعرف على مواقيت الصلاة بمطروح اليوم وأذكار الصباح    «الكلام اللي قولته يجهلنا.. هي دي ثقافتك؟».. أحمد بلال يفتح النار على خالد الغندور    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حكاية سياسية
نعم كان يجب أن تقول لا‏!

احتفي الأهرام منذ أحد عشر عاما أو يزيد‏,‏ بالمؤرخ البريطاني الأشهر والمثير للجدل الفكري اريك هوبسباوم‏,‏ الذي رحل عن عالمنا في أول أكتوبر الحالي 2012 ,‏ عن عمر يناهز الخامسة والتسعين ففي عشرين مارس 2010. نشر الأهرام الحلقة الأولي من ثلاث حلقات عن كتابه القرن الجديد, وكان كتابا فريدا ومثيرا للتأمل والتفكر, ولم يكن كتابا بالمعني التقليدي, وإنما كان حوارا فكريا وسياسيا خصبا وخلاقا بين المؤرخ والكاتب الصحفي الإيطالي أنطونيو بوليتو, مراسل صحيفة لاريبا بليكا الإيطالية في لندن.
وكان كاتب هذه السطور من قدم الكتاب علي صفحات الأهرام, ويعد الكتاب مدخلا لإمكان التعرف علي عالم اريك هوبسباوم ورؤيته السياسية, ذلك أنه لا يرصد الأحداث ويسجل التطورات فحسب, وإنما يعتبر أن مهمته الأولي هي أن يتذكر ما ينساه الآخرون, علي حد تعبيره.
ولعل نقطة البداية التي ينبغي الالتفات إليها هي أن اريك قد وقع منذ شبابه المبكر في هوي الماركسية.. وثورة أكتوبر البلشفية التي اندلعت عام 1917 في روسيا وأطاحت بالنظام القيصري, وبشرت بفردوس أرضي آت (يوتوبيا).
رومانسية سياسية جامحة, تعلق بأحلامها الفتي اريك, بينما كان في الرابعة عشرة من عمره, وحدث ذلك عام 1932عندما كان يعيش في ألمانيا, في وقت مضطرب للغاية, فقد كانت الديمقراطية الوليدة, التي بدأت إرهاصاتها عقب الحرب العالمية الأولي تتقوض وتنهار, بينما كان النازيون بزعامة هتلر يعربون في الشوارع, حتي تمكنوا من اقتناص السلطة عام .1933
وفي تلك الفترة العصيبة تشكلت ملامح التوجه الفكري الماركسي لإريك, وظن أن التصدي للنازية يقتضي ذلك, ومن ثم, كان تعاطفه مع ثورة أكتوبر ونظامها الشيوعي مبللا بندي رومانسية حداثة سنه, وارتبط منذ ذلك الحين بالمثل العليا لليوتوبيا, علي نحو ما أوضح في سيرته الذاتية التي نشرها بعنوان أوقات مثيرة.
والمثير للدهشة, أن اريك هوبسباوم ظل ملتصقا عاطفيا بمثل هذه اليوتوبيا, علي الرغم أنها كانت تتعثر, وانزلقت انزلاقا خطيرا من علياء المثل العليا إلي مستنقع جبروت الحزب الشيوعي, عندما تولي جوزيف ستالين السلطة, وكان طاغية وغليظ القلب, وارتكب جرائم مروعة, وهي الجرائم التي كشفها الزعيم السوفيتي خروشوف في المؤتمر العشرين للحزب عام .1956
}}}
وقد أشاع تهشيم خروشوف لشخصية ستالين عدم ارتياح هوبسباوم, وكان حريا به آنذاك أن يراجع موقفه من استمرار عضويته في الحزب الشيوعي البريطاني, لكنه لم يفعل, غير أنه عندما سحقت القوات السوفيتية ثورة المجر عام 1956, اكتفي بنشر خطاب احتجاج في الصحف, ولم ينسحب من الحزب الشيوعي البريطاني.
وكان هذا موقفه عندما طمست القوات السوفيتية ربيع الحرية في براج, عاصمة تشيكوسلوفاكيا عام 1968وذلك علي خلاف كتاب ومثقفين أوربيين يساريين.. مزقوا بطاقات عضويتهم بأحزاب الشيوعية الأوروبية احتجاجا علي القمع السوفيتي للحرية.
وبدا تفسير المؤرخ لعدم تمرده علي الحزب غير مقنع, فقد برر موقفه بخشيته الانضمام إلي هؤلاء المثقفين الذين صاروا معارضين للشيوعية وللاتحاد السوفيتي.
ويشير في كتابه أوقات مثيرة إلي أنه كان ينتمي إلي الجناح الشيوعي اليميني المتطرف, ولهذا كان يتعرض لانتقادات جادة من جانب اليساريين الديمقراطيين في بريطانيا.
وعلي الرغم من ذلك, فقد كانت مكانة هوبسباوم تتوطد كمؤرخ, فقد حلق عاليا في فضاءات أوروبا والعالم منذ الثورة الفرنسية الكبري, حتي انهيار سور برلين في التاسع منذ نوفمبر 1989, وأبدع رباعية تاريخية تناولت بامتياز واقتدار عصر الثورة وعصر الإمبراطورية وعصر رأس المال, وأخيرا عصر التطرفات.. التاريخ القصير للقرن العشرين.
وتعليقا علي هذه الرباعية, وتقويما لهوبسباوم كمؤرخ, يقول نيل فيرجسون, أستاذ التاريخ المتألق بجامعة أوكسفور في مقال كتبه ب الديلي تلجراف البريطانية في سبتمبر 2002, إنه من عظماء المؤرخين في جيله, وإن رباعيته تمثل أفضل نقطة بداية لمن يرغب في دراسة التاريخ الحديث.
وبرغم هذا الثناء العاطر علي هوبسباوم, فإن فيرجسون أعرب عن دهشته من اتخاذ المؤرخ اللامع موقفا سياسيا خاطئا لمدة خمسين عاما, هي سنوات عضويته بالحزب الشيوعي البريطاني.
}}}
غير أن هوبسباوم تجاوز حالة الرومانسية التي لازمته منذ أن كان في الرابعة عشرة من عمره, وانسحب عام 1986من الحزب, وكان قبلها قد أفصح عن انتقاداته للستالينة, وإن ظل مخلصا للماركسية كمنهج للتحليل التاريخي.
وفي أول أكتوبر 2012, رحل المؤرخ والمفكر الكبير, الذي اثار انتماؤه الأيديولوجي الجدل, وكان قد ظل يهدهد في حنايا قلبه حلم الثورة واليوتوبيا.
ولكن الحلم الأسطوري لم يتحقق, بل إنه تبدد عندما تحولت الشيوعية, في ظل الطاغية ستالين, إلي نظام شمولي, وهو النظام الذي انهار بسقوط الاتحاد السوفيتي عام 1991 وتفكك إمبراطوريته.
وكان اريك هوبسباوم قد ولد في الإسكندرية بمصر عام 1917 وكان والده بريطانيا وأمه نمساوية, ورحلت الأسرة من الإسكندرية إلي فيينا عندما كان اريك في نحو الثانية من عمره, ثم شاءت الظروف أن ترحل الأسرة إلي ألمانيا, ومات والده وكان تاجرا من فرط العناء والشقاء, ولحقت به الأم, وتولي عمه وعمته رعايته.
وعندما أطبق هتلر قبضته النازية علي ألمانيا عام 1933, هاجروا إلي بريطانيا, وتعلم اريك هوبسباوم في مدارسها وجامعاتها, وصار محاضرا بالجامعة, ثم أستاذا مرموقا للتاريخ الحديث.
نعم.. كانت أوقاتا مثيرة في زمن شديد الاضطراب.
المزيد من أعمدة محمد عيسي الشرقاوي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.