مرت39 عاما علي نصر اكتوبر العظيم.. جيل مضي, وجيل أصبح في عمر الكهولة, وجيل صار في نهايات العمر,, وجيل من الشباب, وأجيال جديدة متتابعة تربت علي عصر كامل من الفساد الذي تغلغل في البنية التحتية للانسان فأفقده روح الانتماء والاعتزاز. حاجه تكسف.. قالها العزيز خيري رمضان تعقيبا علي تقرير من الشارع المصري فضح النتيجة النهائية لعصر كامل من التراجع الحضاري والعلمي والتربوي حتي صار احفاد جيل اكتوبر لا يعرفون شيئا عن حرب اكتوبر ولا عن أبطالها ولا حتي تاريخ وقوعها. حاجة تكسف أن نري مصر بعد39 عاما من النصر وهي علي هذا الحال المزري.. ونحن الذين كنا نتغني بعد الانتصار بأن المستقبل سيكون لنا, وأن معركتنا القادمة مع العدو هي معركة الحضارة التي لابد أن نكسبها.. ولم لا ؟.. ونحن الذين نمتلك القوة البشرية والتاريخ والموقع الجغرافي, والأعداد الهائلة من البشر, والامكانات المادية, والثروات الطبيعية.. الخ الخ الخ.!!! حاجة تكسف أن نري مصر بعد الثورة, هي.. هي, لم تتغير, بل ربما تكون قد ازدادت تراجعا ليس بسبب الثورة, ولكن لأن نفرا من الانتهازيين المتلونين الذين يجيدون لعق أحذية السلطة أي سلطة مازالوا يحاولون جرجرة مصر الي الوراء وكأن الثورة لم تكن, وكأن شعب لم ينتفض من أجل العيش والكرامة والحرية والعدل. هؤلاء المنافقون هم صنف من الناس لا يخجلون ولا يملكون ذرة من كرامة.. واذا كان النظام المخلوع قد تمكن من تسطيح ذاكرة الشباب, فان هؤلاء يحاولون زرع ذاكرة جديدة تقول بأن الرئيس محمد مرسي هو قائد نصر أكتوبر العظيم.. هكذا بالنص وبدون أدني احساس بمسئولية الكلمة حتي ولو كانت اعلانا مدفوع الأجر.. والمصيبة أنهم يمثلون نقابة عمالية كبيرة هي النقابة العامة لعمال البترول وجميع لجانها النقابية.. وتسألوننا بعد ذلك لماذا نصر في الدستور الجديد علي الغاء مهزلة نسبة الخمسين في المائة للعمال والفلاحين ؟!. هؤلاء المنافقون هم أنفسهم الذين افسدوا حسني مبارك وحولوه علي مدي30 عاما الي طاغية وأدخلوا في روعه أنه نصف اله.. هؤلاء هم الذين جعلوا الرجل يتمسك بالحكم ويكره أي حديث عن تداول السلطة, بل حتي عن شوية ديمقراطية وشوية مشاركة سياسية من أحزاب المعارضة.. وكنا جميعا علي استعداد لتقبل فكرة التحول الديمقراطي البطئ أو التدريجي حتي نصل الي الديمقراطية الكاملة عندما يتعلم هذا الشعب المسكين كيف يمارس الديمقراطية وكيف يتعلم ثقافتها وكيف يتعايش وسط مناخ الاختلاف السياسي. كان حسني مبارك بالفعل بطلا من ابطال حرب اكتوبر, وظل هكذا الي أن اختاره السادات بدون أي مناسبة ولا أي خبرة أو تاريخ سياسي نائبا له.. وفي لحظة قدرية اصبح الرجل هو رئيس مصر. كان مبارك طوال حياته العسكرية منصبا علي عمله غير عالم بما يحدث حوله من تطورات أو أحداث.. غير ملم حتي بالقليل من الخبرة السياسية الي درجة انه أجاب بتلقائية ذات مرة علي سؤال عندما كان نائبا عن كيف يتعلم السياسة, فقال إنه يتعلمها من مقالات احسان عبد القدوس.! كان مبارك في هذا الوقت جاهلا بمصر وتاريخها وأهميتها ودورها في محيطها الاقليمي والعالمي.. ولذا كان من السهل علي الشياطين المنافقين أن يلتفوا حوله ويزرعون في أعماقه بذرة الفساد حتي تضخم الرجل وأصبح الديكتاتوركامل الأوصاف. الآن يريدون أن يمارسوا الدور نفسه مع الرئيس مرسي.. وأظنه لا يريد أن يقع في الفخ نفسه.. ولو كنت مكانه لأمرت بتعليقهم من أرجلهم في ميدان التحرير.. هؤلاء لا تصلح معهم الديمقراطية. المزيد من مقالات محمد السعدنى