في المحاضرة الضافية التي ألقاها الأستاذ الدكتور أحمد فتحي سرور رئيس مجلس الشعب, في الجلسة الافتتاحية لمؤتمر مجمع اللغة العربية وكان موضوعها اللغة العربية في الدستور, تطرق إلي إضفاء بعض الدساتير حماية دستورية علي لغتها الوطنية, واعتبار اللغة حقا من حقوق الإنسان. واستند الأمر في تأكيد الحق في اللغة إلي العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية لسنة1966, بما يضمن الحق في المحافظة علي الذاتية اللغوية, وحق الإنسان في التعلم بلغته القومية, والحق في استخدام اللغة القومية في أثناء التعامل مع المؤسسات الحكومية. كما أكد سيادته في محاضرته إلي النص الدستوري علي اعتبار اللغة الرسمية هي العربية, في الباب الأول الخاص بالدولة, الأمر الذي يعني أن الالتزام باستخدام هذه اللغة يكون في مجال المعاملات الرسمية, أي التعبير مع مؤسسات الدولة أو بأسمها وداخلها. وفي مقام الالتزام بما جاء في الدستور أن اللغة العربية هي اللغة الرسمية للدولة, نص القانون في شأن التحكيم في المواد المدنية والتجارية علي أن يجري التحكيم باللغة العربية, ونص قانون حماية الملكية الفكرية علي مراعاة استعمال اللغة العربية, ونص قانون الطفل علي التزام مديري دور السينما وغيرها من الأماكن العامة المماثلة علي أن يعلنوا باللغة العربية في مكان العرض وفي جميع وسائل الدعاية الخاصة ما يفيد حظر مشاهدة العرض علي الأطفال, ونص قانون العمل علي التزام صاحب العمل بتحرير عقد العمل كتابة باللغة العربية. ونص قانون حماية المستهلك علي التزام المنتج أو المستورد بحسب الأحوال أن يضع باللغة العربية علي السلع البيانات التي توجبها المواصفات القياسية المصرية. من هنا, يصبح من البديهي أن تكون اللغة العربية هي لغة التعليم في مؤسسات الدولة التعليمية, ويسري ذلك كما قال الدكتور فتحي سرور في محاضرته علي مدارسنا في التعليم الأساسي والثانوي, كما نص قانون تنظيم الجامعات علي أن اللغة العربية هي لغة التعليم في الجامعات الخاضعة لهذا القانون, بحكم أن اللغة العربية هي اللغة الرسمية للدولة, وأن الدولة بحكم الدستور تشرف علي التعليم كله. وعندما صدر القانون رقم112 لسنة2008 بتعديل بعض أحكام القانون رقم14 لسنة1982, بإصدار قانون إعادة تنظيم مجمع اللغة العربية, أكد التزام دور التعليم والجهات المشرفة علي الخدمات الثقافية والوزارات والهيئات العامة ووحدات الإدارة المحلية وغيرها من الجهات الخاضعة لإشراف الجهات المشار إليها, بتنفيذ ما يصدره مجمع اللغة العربية من قرارات لخدمة سلامة اللغة العربية وتيسير تعميقها وانتشارها, وقد أكد هذا القانون حقيقتين, أولاهما: التزام دور التعليم باستخدام اللغة العربية, وثانيتهما: التزام دور التعليم بأن يكون استخدام اللغة العربية وفقا للمستوي اللغوي الذي حدده مجمع اللغة العربية. ولقد أكد الدستور المصري في مادته الأولي أن الشعب المصري جزء من الأمة, حافظ ويحافظ علي الهوية والخصوصية الثقافية العربية. وبهذا صمد الدستور المصري أمام المحاولات المستمرة للهيمنة والتغريب الثقافي. وأصبح وضع اللغة العربية الرسمي والقومي قائما علي الانتماء إلي الأمة العربية بوحدتها الثقافية طبقا لما نص عليه الدستور, وبهذا الانتماء ذادت مصر عن لغتها قديما وحديثا وأصبحت ترتكز علي كونها لغة الذاتية الثقافية العربية للشعب المصري. وبهذا الحق المستند إلي الدستور والهوية القومية, حق التعلم بالعربية, يصبح واجبا علي المدارس الأجنبية في مصر العناية التامة باللغة العربية, ولقد سمحت الدولة بفتح هذه المدارس الأجنبية, من أجل الأجانب في الأصل, فإذا سمح للمصريين بالالتحاق بها, فإنما يكون علي سبيل الاستثناء, دون أن يكون ذلك علي حساب اللغة الأم. وإذا كان للمواطن المصري طبقا للقانون حقوقه في الحياة الحرة الكريمة في رعاية الدولة له صحيا وائتمانيا واجتماعيا, فإن في مقدمة هذه الحقوق التي نص عليها الدستور حق التعلم بالعربية, في المدرسة وفي الجامعة. لقد أوضح الدكتور أحمد فتحي سرور رئيس مجلس الشعب في محاضرته الجامعة التي أصبحت وثيقة من وثائق مجمع اللغة العربية, أن لغتنا العربية هي لغة الدستور, وأن مكانة لغتنا في الدستور تتصل بانتمائنا الثقافي والعربي, وهو معني عميق وجليل, يغيب عن فطنة كثير لا يؤمنون بهذا التوجه, بل لعله يثير حساسية الذين يرون دورهم قائما علي تمزيق الروابط وتقطيع الأوصال, فيتجهون إلي اللغة العربية أول ما يتجهون جاعلين من إهمالهم لها والهجوم عليها ومحاربتها في كل مكان وسيلتهم للتفكيك علي المستوي العربي. وهيهات أن يفلحوا! المزيد من مقالات فاروق شوشة