كلما تأملت جلال وعمق وهيبة صمته امتلأت روحى سلاما وسكينة وعيونه المفتوحة تقرأ وتتأمل من عمق آلاف السنين وفمه المغلق على حكمة وثبات ويقين إزددت إيمانا بعظمة حضارتنا القديمة وانتماء جذورى إليها.. وبين ما حرصت على اقتنائه من مستنسخات مصرية قديمة تمثال لرأس الفرعون الذهبى الصغير توت عنخ آمون تكاد تكون صورة طبق الأصل من صورة القطعة النادرة التى أصبحت حديث العالم الآن بعد أن نشر خبر عرضها للبيع فى صالة مزادات فى لندن. من مقر لبيع مستنسخات الحضارة المصرية القديمة بالزمالك ومنذ سنوات طويلة قمت بشراء مستنسخ رأس الفرعون العظيم والجميل وحورس على هيئة صقر يحتضن أمه إيزيس ومستنسخات أخرى أرى فيها هويتى وحضارتى وجذوري، وتعذبنى أنباء شتاتها فى أنحاء الدنيا وما تعرضت له من اهمال وسرقات وجرائم تنقيب وبعثات وتقسيم غنائم واستئثار بالأفضل والأعظم من الكنوز التى يتم اكتشافها واهداء من حكام غرباء كأنها من موروثات آبائهم وأسعدنى ما تم فى السنوات الأخيرة من استصدار قوانين لحمايتها للأسف لم تخل من ثغرات كثيرة ولم تستطع أن تحمى الآثار الإسلامية من كثير مما تعرضت له من إهمال وسرقات. وتوقعت أن تكون هذه الأحداث حافزا لإدارة الآثار المستردة لجمع بيانات ومعلومات حول ما لدى جميع دول العالم من آثار مصرية وكيفية خروجها قبل وبعد صدور قوانين حامية للآثار.. ولا أعرف كيف تعتبر آثار أول وأعظم حضارة ليست ملكا وحقا لأبنائها وكيف يكون خروجها مشروعا وكيف لا يعتبر سرقة واعتداء على ملكية وتاريخ شعب طالما خرجت فى غيبة قوانين منظمة و،بما يلزم بإعادتها إلى المصريين ورفض تحويلها وتحويل التاريخ والحضارة والأثر إلى تجارة أصبحت أرباحها تنافس أرباح المخدرات حتى داخل بلادها ووطنها! بل وارتكبها من كان يجب أن يكونوا حُماتها؟! أثار قلقى تضارب ما نسب إلى وزارة الآثار وإلى إدارة الآثار المستردة حول كيفية خروج رأس الفرعون الملكى وأنهم سيطالبون بالوثائق التى تثبت شرعية الخروج وسيقومون بفحص مخازن الكرنك وهل اختفت آثار منها؟! وما يثير الدهشة أن يكون فحص وتوثيق هذه الكنوز الأثرية ينتظر أن تعرض قطع نادرة منها فى مزادات قاعات عرض.. وهل لا تتم عمليات جرد قانونية لجميع ما فى مخازننا من آثار؟ ثم لماذا لا نطالب فى اطار عملية حضارية وثقافية يشارك فيها العالم كما شارك فى إنقاذ معابد فيله كل من حصل واقتنى قطعة من آثارنا أن يعلن عنها ويعيدها إلى مصر لتستقر فى متحف الحضارة الكبير الذى سيفتتح 2020 والذى نرجوه جميعا ملاذا آمنا ومستقرا حاميا على قدر وقيمة الكنوز التى تركها أجداد عظام وللأسف لم نعرف كيف نحميها ونحافظ عليها؟. المزاد القادم فى أوائل يوليو الذى نرجو أن ينجح تكاتف جهود الخارجية والآثار فى ايقافه ينضم إلى سوابق كثيرة لمزادات علنية لبيع آثارنا وأذكر منها مزاد البيع 89 أثرا فرعونيا ضمت مجموعة توابيت وأغطية مومياوات وأقنعة وتمائم ومنحوتات لآلهة مصرية قديمة مثل الإله بس ومجوهرات وقطعا ذهبية وقطعا من الحجر الجيرى مدونا عليها بالهيروغليفية!! أكتب وسط درجات حرارة تنذر بصيف أدعو الله أن يجيرنا من نيرانه أستدعى من الذاكرة عبارة قرأتها فى مقال رائع لكبير علوم المصريات وأستاذها د. على رضوان المقال كان بعنوان مقبرة الملك الصغير توت عنخ آمون أيقونة الآثار المصرية التى أرجو أن نحفظها من العبث.. وبعد أن يتناول شيئا من سيرة وشهرة توت عنخ آمون الذى جلس على عرش الفراعنة من 1333 إلى 1323ق،م وولد فى تل العمارنة الحالية محافظة المنيا وقصة اكتشاف المقبرة فى نوفمبر 1922 ووصف لها ولمحتوياتها وما كتب على جدرانها يجعلك تشعر أنك لا تقرأ سطورا مكتوبة ولكن تشاهد شريطا سينمائيا يختتم أ.د على رضوان المقال بعبارة دونت على باب المقصورة الأولى للمقبرة وتعنى على ما أتذكر أن تنكيلا وإيذاء وسوء عاقبة سوف تحل بكل من أقدم على العبث بالمقبرة وبآثار الفرعون الذهبى توت عنخ آمون ابن صاحب فكرة الوحدانية «إخناتون»!! فلينتظر كل من أهملوا وعبثوا وسرقوا وتاجروا مصيرهم المحتوم بإذن الله. ما لا يستوعبه عقل أنه بينما يتوالى النهب والمتاجرة بكنوزنا الأثرية فى الخارج ليس رأس تون عنخ آمون وحده الذى حدد 4 يوليو المقبل موعدا لبيعه فى مزاد علنى فهناك قطع أخرى من آثارنا ستعرض فى نفس المزاد وقبل شهور قليلة عثر على حاوية مليئة بالآثار, تحدث هذه الجرائم القومية والوطنية والحضارية ونجد من يرمم ويحفظ تمثالا يرمز إلى رمز من أكبر رموز السخرة والتاريخ الأسود لاحتكار قناة السويس ونهب دخلها لأكثر من مائة عام واحتلال والسيطرة على مدنها والمنطقة المحيطة بها بعد احتلال مصر كلها ونجد جماعة من أحفاد المستعمرين يدعمهم ويؤيدهم مصريون لا يعرفون تاريخهم يسعون إلى عودة التمثال المهين إلى قاعدته فى مدخل قناتنا التى أنزله من فوقها الفدائيون وأبطال فرق المقاومة الشعبية 1956 رمزا واستكمالا لانتصارهم على قوات العدوان الثلاثى البرية والبحرية والجوية التى هاجمت بورسعيد لإعادة التاريخ الأسود لاحتلال قناتنا ومصر كلها. المدهش أكثر أن يتردد أنه إذا لم يوضع التمثال المهين رمز السخرة والنهب والاستغلال والاحتلال على مدخل قناتنا فى بورسعيد فسيسعون إلى وضعه فى الاسماعيلية وكأن الاسماعيلية وأبناءها ليسوا جزءا أصيلا من تاريخ نضالنا الوطنى أو كأنه إصرار على كسر وتحدى واهانة كرامتنا الوطنية فى وقت تسعى فيه دولة 30/6 الى استعادة كل ما يؤكد الهوية والسيادة الوطنية لقناتنا ومدنها وتراب سيناء الغالية. لمزيد من مقالات سكينة فؤاد