شهدت أوروبا أمس موجة من الاستقالات التي تهدد استقرار حكوماتها سياسيا واقتصاديا، ففي الوقت الذي تلوح في الأفق أزمة سياسية بإيطاليا تنذر بانفراط الائتلاف الحاكم بين لحظة وأخرى، رجحت وسائل الإعلام الإيطالية أمس استقالة جوزيبي كونتي رئيس الوزراء خلال مؤتمر صحفي دعا إليه في الساعة السادسة والربع بتوقيت القاهرة بسبب الخلافات داخل الحكومة حول الميزانية.وجاءت تكهنات وسائل الإعلام بعد أن دعا كونتي إلى عقد مؤتمر صحفي في حسابه على موقع «فيسبوك»، قائلا إنه سيتم بثه على منصة التواصل الاجتماعي حتى يتمكن الإيطاليون من متابعته مباشرة. وذكرت «لا ريببليكا» الإيطالية أن كونتي يخطط للتهديد إما «العمل بفعالية أو الاستقالة» ما لم تحسم الأحزاب الحاكمة المنقسمة خلافاتها، موضحة أن رئيس الوزراء يعتزم إصدار «إنذار» لنائبيه المشاكسين اللذين يسيطران على الائتلاف في إيطاليا لويجى دى مايو زعيم حركة «خمسة نجوم» التي منيت بهزيمة مدوية في الانتخابات الأوروبية، وماتيو سالفيني وزير الداخلية وزعيم حزب «الرابطة»الذي أحرز انتصارا أعاد اليمين المتطرف إلى صدارة المشهد السياسي الإيطالي. كما سيعلن كونتي عن استعداده لمواصلة دوره، لكن ليس في حكومة تقف أمام «باب الموت». كما سيؤكد رئيس الوزراء الإيطالي على ضرورة وجود«هامش» للتفاوض مع بروكسل بشأن تجنب فرض عقوبات على تدهور أوضاعها المالية، كما سيشير إلى أنه لن يكون أول رئيس وزراء إيطالي يوقع على إجراء أوروبي ضد روما. وقد تؤدي محاولة كونتي للسيطرة على الحوار مع الاتحاد الأوروبي إلى إعاقة خطة سالفيني لتعجيل بعض مقترحات السياسة التي ينتهجها حزبه، لاسيما خطة الضريبة الثابتة ، بعد فوز حزب «الرابطة» في الانتخابات البرلمانية الأوروبية في 26 مايو الماضي. وكان الدين العام قد ارتفع بمقدار 75 مليار دولار منذ مطلع الصيف الماضي،كما ارتفعت السندات الإيطالية مع انتشار الفارق بين عوائد الحكومة وتقليص الديون الألمانية. وأضافت «لا ريببليكا» أن كونتي سيستبعد استخدام الإنفاق على العجز لتمويل الضريبة الثابتة، بحجة أنه سيضر بالأموال العامة الإيطالية.ولم يرد المتحدث باسم رئيس الوزراء على الفور على طلب للتعليق على خطة «الإنذار». وفي ألمانيا، عقدت الأحزاب في تحالف المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل اجتماعات أزمة بعد أن باتت الحكومة مهددة إثر النتائج السيئة التي حققتها في الانتخابات الأوروبية واستقالة أندريا ناليس زعيمة الحزب الاشتراكي الديمقراطي. وكانت اللقاءات المنفصلة التي يعقدها المسيحيون الديمقراطيون بزعامة ميركل والحزب الاشتراكي الديمقراطي قد أعلن عنها الأسبوع الماضي لبحث نتائج الانتخابات الأوروبية التي حقق فيها الحزبان أدنى نتائج في تاريخهما. وما زاد من أهمية هذه الاجتماعات هو الاستقالة غير المتوقعة لناليس التي أعلنت عنها في بيان لها قائلة:«لم يعد لدي الدعم اللازم لممارسة مهامي».ورغم تعهد ميركل باستقرار التحالف، مؤكدة أن حكومتها «ستواصل العمل بكل جدية ومسئولية»، إلا أن هذه الخطوة تلقي بظلال من الشك على متانة الائتلاف الحاكم لميركل مع حزب يسار الوسط. وهذا من شأنه أن يحدد النهاية المبكرة لعهد ميركل. وفي فرنسا، أعلن لوران فوكييه رئيس «حزب الجمهوريين» اليميني الفرنسي استقالته بعد أسبوع من النكسة التي مني بها حزبه في انتخابات المجلس الأوروبي بعد حصوله على 8٫48% فقط من الأصوات. وقال فوكييه لقناة «تي.إف 1» الفرنسية إن:»الانتصارات جماعية أما الهزائم فردية. علي أن أتحمل مسئولياتي، أنا أنسحب من رئاسة حزب الجمهوريين». وأضاف قائلا:«على اليمين أن يعيد بناء نفسه» و«لا أريد أن أكون عائقا مهما كان الثمن». وكان فوكييه (44 عاما)، الوزير السابق في عهد الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي، قد فاز برئاسة الحزب في ديسمبر 2017 لكنه واجه منذ انتخابه انتقادات ل«تفرده» في إدارة الحزب ولنهجه اليميني وقد اتهمه خصومه في الحزب بالسعي إلى التقرب من اليمين المتطرف. وحزب الجمهوريين هو الوريث المباشر لحزب «الاتحاد من أجل حركة شعبية»الذي أسسه معسكر الرئيس الفرنسي الأسبق جاك شيراك وفتح أبواب قصر الإليزيه أمام ساركوزي لكن الحزب يشهد منذ الانتخابات الرئاسية الأخيرة التي أجريت في عام 2017 أزمة غير مسبوقة.