شكلت المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية مخرجا مقبولا للأزمة اليمنية وإنقاذا ولو مرحليا للثورة الشبابية الشعبية, بعد أن كانت كل القراءات تحذر من حرب أهلية كارثية تتهدد اليمنيين .. حيث تعترض طموحات التغيير معوقات شتي, من بينها الوفاق السياسي بين الأحزاب السياسية اليمنية.ومستقبلهم. غير أن مسار التسوية السياسية حتي الآن لم يعد منسجما مع الشرعية الثورية, وقد تقدمت دول مجلس التعاون الخليجي بهذه المبادرة في أبريل الماضي, وتم التوقيع عليها في32 نوفمبر الماضي, بعد محادثات شاقة وطويلة مع أطراف النزاع, وتقييم للوقائع علي الأرض والمتمثلة في عدم قدرة أي طرف من أطراف النزاع فرض إرادته علي الآخر سلما أو بالقوة, والخوف من انزلاق البلاد نحو المجهول,وتأثير ما يجري في اليمن علي مستقبل المنطقة عموما والمملكة العربية السعودية التي تشاطرها بحدود تزيد علي0061 كيلو متر. واستندت محددات المبادرة الي أن ما يجري في اليمن ينطوي علي تهديد لأمن واستقرار اليمن, علي نحوتتجاوز تداعياته الشأن الداخلي لدول الجوار, وعلي رأسها المملكة العربية السعودية, فضلا عن ذلك فإن اليمن عاني التدخلات الخارجية طيلة تاريخه الحديث, والتي استهدفت إضعافه والتحكم بموارده البشرية والاقتصادية, وازدادت مع تعاظم ثروات النفط في الخليج ولاحقا مع بروز تنظيم' القاعدة' وظاهرة القرصنة الصومالية. وثمة من يري أن المبادرة الخليجية قد خدمت مصالح الأطراف التي تبنتها وصاغت مفرداتها, بالإضافة الي مصالح الولاياتالمتحدةالأمريكية التي دعمت النظام المتحالف معها في مكافحة الإرهاب وحرصت علي تجنب إسقاطه, ولم تحقق طموحات الشباب الثائر في الميادين, وبذلك فقد نجحت القوي الإقليمية والدولية في فرض أجندتها في عدم السماح بإسقاط النظام وفرض رؤيتها علي الأطراف كافة حتي لا تتضرر من نجاح الثورة, وتضمن في الوقت نفسه بقاء مصالحها في استقرار اليمن, والذي تري أنه يمثل عنصر استقرار للمنطقة بكاملها. وبالتأكيد ليس من المنطقي الحكم علي مبادرة لا يتجاوز عمرها بضعة أشهر بالفشل الكامل. فلا أحد من المطلعين علي الشأن اليمني وتعقيداته يتصور أن تطبيق بنودها من قبل جميع أطراف النزاع سيكون أمرا يسيرا, ولا شك أن المرحلة الراهنة والمقبلة مليئة بالمخاطر وتجاوزها يتطلب تضافر الجهود ومصالحة وطنية حقيقية بين جميع أطراف الطيف السياسي والاجتماعي, فاليمن اليوم علي مفترق الطرق ومستقبلها أولا وأخيرا بأيدي أبنائه وبنود المبادرة الخليجية بالرغم من الخلاف حولها جاءت استجابة لما يواجهه اليمن وانعكاساته علي محيطه الاقليمي صحيح, أنها قد لا تكون مرضية للجميع, بيد أنها في نهاية المطاف أفضل مما لو لم تكن هناك مبادرة. ومن ثم يجب فهمها في هذا السياق.