الأديب سيد على ابن حسن المرصفي، عضو جماعة كبار العلماء بالأزهر الشريف، شيخ أعلام النهضة الثقافية فى مصر المعاصرة، ولد سنة 1274ه = 1857م فى حى الركراكى ، بشارع باب البحر بالقاهرة، وينسب إلى قرية «المرصفا» بالقليوبية. وكما يقول الشيخ احمد ربيع الأزهرى من علماء الأزهر والأوقاف: حفظ سيد المرصفى القرآن الكريم، والتحق بالأزهر، ثم عمل مدرسًا للغة العربية بمدرسة عباس باشا الابتدائية ببولاق، لضعف مرتبات الأزهر، ثم تدخّل الإنبابى - شيخ الأزهر - فعيّنه بالأزهر وكلّفه أن يلقى خطبة فى جامع الزاهد ليجمع بين راتبين، وعهد إليه الإمام محمد عبده بتدريس اللغة العربية فى الأزهر بعد إصلاح مناهج الأزهر، وزيد مرتبه لمكانته، وكان يجمع بين عمله فى الأزهر وعمله فى مدرسة السلحدار، كما عين عام 1913 م مصححًا بدار الكتب الخديوية. وكانت حلقة درسه بالرواق العباسى مهرجانا يضم الأدباء والشعراء على اختلاف بيئاتهم وألوانهم، فلم تكن مقصورة على الأزهريين فحسب، بل كانت ندوة يؤمها عشاق الأدب جميعًا، لذا فإنه يعد من الرواد الأوائل، الذين أدخلوا فقه اللغة ودراسة الأدب، إلى الدراسات الأزهرية فى الوقت الذى كانت فيه كتب الأدب مهملة، وكان أكثرها مخطوطات منسية، لا تجد النور فتقع بأيدى الناس، وبعض المطبوع منها على قلته ردئ الطبع، سيئ التحريف وكثير التصحيف، فعمد المرصفى إلى أكثرها صعوبة، فأخذ نفسه بدراستها دراسة نافذة فاحصة حتى جعل للأدب فى الأزهر ركناً متين الدعائم. كما يعد نموذجا وطنيا يعشق تراب وطنه ويسعى لعزه واستقلاله وريادته فمع اندلاع الثورة العرابية نجده يتقدم الصفوف، وينشد الجماهير، منبها إلى الخطر الذى أحدق بهم الذل والنكد، وإذا تركوا المستعمر الأنجليزى بدون مقاومة فسوف يحيق بهم الهوان والنكال لقد أنشأ (المرصفي) فى ذلك الحين، قصيدته (المرصفية فى مدح حامى حمى الديار المصرية أحمد عرابى باشا. وحينما انتهت الثورة العرابية بهزيمة الثوار، اعتقل مع من اعتقل. وفى 6 أكتوبر 1924م تم اختياره عضواً بهيئة كبار العلماء، وهو أول المشتغلين بالأدب بالأزهر يحصل هذا الشرف، وقضى حياته فى التنقيب بأمهات كتب التراث، باحثاً وناقداً ومُمحصاً، يقول الشيخ أسامة الأزهرى فى ترجمته للشيخ المرصفى: ومن شغفه بالمعرفة أنه كان يقلب الكتب يبحث عن كلمة، وقد وضع له طعام العشاء، فطلعت الشمس ولم يأكل، وانشغل بالعلم والصلاة عن طعامه. ومن جميل أخلاقه وبره أنه كان يقوم بإعداد الطعام لوالدته الكبيرة، ويجلس لإطعامها، وقد تأخر عن بعض تلامذته أثناء زيارتهم له، فاعتذر لهم صراحة قائلا: «كنت أعشى أمي». كما كان شديدا على طلبته، حريصا على أن يشعل فى نفوسهم حمية الاطلاع، وحسن الاستعداد، يقول تلميذه زكى مبارك : «وقد شكوت إليه مرة أنى لا أملك نسخة من لسان العرب فقال فى انفعال: بع ثيابك واشتر نسخة من اللسان». ظل الشيخ المرصفى يعقد دروسه بالرواق العباسى بالأزهر، فلما اعتكف فى بيته اضطرارًا بسبب كسر ساقه عقد حلقات دروسه فى بيته، وأقبل عليه الطلاب إلى حين رحيله ، وقد توفى عن خمسة وسبعين عامًا يوم الثلاثاء 22 رمضان 1349ه، الموافق 10 فبراير سنة 1931م، ودفن فى قرافة المجاورين.