علينا أن ندرك السر الإلهى فى اختيار شهر رمضان للصوم فيه.. إنه الشهر الذى أنزل فيه القرآن هدى للناس، وعلينا أن نرتقى بأسلوب استقبالنا لهذا الشهر المعظم، بمعنى أننا فى أيام أخرى غير رمضان كنا نمارس جميع شئون حياتنا بتلقائية وعفوية، لكن الأمر يختلف بصورة قطعية فى شهر الصوم فمثلا فى أثناء الصيام حينما يشعر الصائم بحاجته لشرب الماء بسبب العطش يتذكر على الفور أننا فى ظرف الصوم الذى هو أمر الله فيتراجع فورا عن الشرب امتثالا لأمر الله حتى لو كان فى أشد درجات العطش، وهكذا فى مختلف أمور الحياة اليومية حسية ومعنوية.. والملاحظ أن أغلبنا يفوت على نفسه هذه الفرص لذكر الله وشكره عدة مرات ولا بأس من الاستغفار أيضا، فنحيا كالملائكة بل ونزيد عليهم بالحمد - وهكذا فى باقى شئون حياتنا، ويمر اليوم بأكمله فى ذكر الله بوقائع مماثلة حتى إذا انتهى الشهر الكريم نكون قد حصلنا على وفرة إيمانية كبرى واتبعنا منهاجا سلوكيا جديدا لم يكن ليحدث فى شهر آخر، وأيضا بعد انتهاء شهر رمضان حينما نقدم على شرب الماء أو أى أمر آخر حسى أو معنوى نحمد الله أيضا على كل النعم التى نتمتع بها بتذكر الذى يسرها لنا، وبعد كل هذه الممارسات نكون قد اكتسبنا قربات وشحنات إيمانية متزايدة ليس فقط فى الأمور الحسية لكن أيضا فى النواحى المعنوية والإيمانية، وهكذا يستمر الارتقاء والسمو بالأخلاقيات، وبمجموعها المتراكم من مجموع الناس تنتشر وتتعدد القيم الإيمانية التى تتفاعل وتتصاعد بتعدد أفراد المجتمع بأكمله فى صورة ثقافة عامة بما يشكل الحضارة المرجوة لباقى الأمم والشعوب الأخرى، ومن هنا نرى أن شهر رمضان مستمر فى بركته وعطائه الربانى منذ أن بدأ بنزول الوحى السمائى لبث رسائل الإيمان وفهم قيمة الإنسان الذى هو خليفة الله فى الأرض فلا نفكر فى إيذائه بأقل درجات الأذى بل نعمل لتأمينه وإثراء حياته فى كل مكان وزمان وبكل السبل، وفى ذلك فليتنافس المتنافسون. سعيد الخولى